تقرير في منزل "صوفان": اعتداءات المستوطنين مستمرة منذ سنوات

الساعة 12:34 م|19 مارس 2023

فلسطين اليوم

لم تكن ليلة الـ26 من فبراير/ شباط الفائت هي الليلة الأولى التي تواجه فيها عائلة صوفان في بلدة بورين جنوب مدينة نابلس بالضفة المحتلة، المستوطنين ومحاولتهم حرق منزلها، فمنذ العام 2000 والاعتداءات مستمرة ولم تتوقف يوماً.

وعائلة صوفان، يقع منزلها الواقع على أعلى قمة الجبل والأقرب إلى الأراضي التي سيطرت عليها مستوطنة "يتسهار"، رغم كل محاولات تهجيرها من منزلها وما حوله من أراضي، إلا أنها صامدة في أرضها ولا خيار أمامها سوى المواجهة، كما يقول الابن الأوسط مصعب.

بورين جنوب نابلس.jpg
وبالعودة إلى البدايات، فقد بنى جد مصعب المنزل في السبعينات، وفيه تزوج والده وأنجب أبناءه جميعهم، وبعد سنوات (1983) بدأت سلطات الاحتلال ببناء مستوطنة يتسهار في قمة الجبل، ولكن شيئا لم يتغير على العائلة، فالمستوطنون في المستوطنة، ورغم أنهم من غلاة المستوطنين في الضفة الغربية وأكثرهم حقداً وكرهاً للفلسطينيين، لم يكونوا يجرؤون على التعرض لهم أو لأي فلسطيني، كما يقول مصعب:" كان المستوطن يتحرك بحماية دائمة من الاحتلال، ولم نكن نراهم على الشوارع أو خارج المستوطنات".

هذا الحال تغير تماماً بعد العام 2000، مع اندلاع الانتفاضة الثانية تحديداً، وبدأ المستوطنون بتنظيم اعتداءات مستمرة القرية وتحديداً على منزل العائلة وسكانه، كونه الأقرب للمستوطنة والأبعد عن منازل القرية.

نقطة التحول في اعتداءات المستوطنين، كما يقول مصعب كان في العام 2002 عندما حاولت مجموعة من  المستوطنين حرق المنزل، حينها جمعت والدة مصعب أبنائها في غرفة وأغلقت الباب، وبدأت بسكب الباب من الداخل بينما كانوا يحاولون إدخال المواد الحارقة من أسفل الباب كي لا تتسرب النيران إلى الغرفة.

مصعب كان يبلغ من العمر 10 سنوات، ولكنه يتذكر تماما مقدار الخوف الذي شعر به وأشقائه وجده العاجز، وكيف تعرض والده بعدها لذبحة قلبية قهرا على ما جرى وتوفي بعد أسابيع.

سجن عائلي

منذ ذلك اليوم تحول منزل العائلة إلى ما يشبه السجن، بدأت العائلة ببناء الأسوار وتحصينها بالأسلاك الشائكة، إلا أن ذلك لم يمنع المستوطنين عن اعتداءاتهم، وشهدت العائلة محاولات حرق المنزل والمركبات وتخريب وقطع أشجار وسرقة الأغنام.

يقول مصعب:" لا أستطيع حصر الخسائر منذ العام 2000 حتى الآن، نحن نتحدث عن ملايين الشواكل". وبحسب مصعب فإن الضرر الأكبر هو الأذى النفسي والخوف والترقب الذي تعيشه العائلة.

بورين جنوب نابلس 2.jpg
بعد وفاة والد مصعب، أكملت والدته والتي عرفت باسم "أم أيمن صوفان" معركة العائلة ضد المستوطنين، والتي كانت قد اشتدت على العائلة: "أكثر من 20 عاماً ونحن نعيش حرباً مع المستوطنين الذين حاولوا بكل الوسائل لاجبارنا على الرحيل من البيت، وخاصة بعد 2015 وحرق عائلة دوابشة أصبحت الاعتداءات يومية".

ومع اشتداد عنف المستوطنين على العائلة وتمسك العائلة بالمنزل رغم كل ذلك، حاول المستوطنون طرقاً أخرى لتهجير العائلة، وذلك بالإغراء بالمال، وعرضت عليهم بيع بيتهم مقابل الملايين ولكن والدة مصعب " أم أيمن" كان ردها كما رد أبنائها الأن بعد وفاتها بالرفض.

يتوسط منزل عائلة صوفان أكثر من 300 ألف دونما تعود ملكيتها للعائلة و عائلات القرية، وهو ما يجعله حجر عثرة أمام محاولات المستوطنين السيطرة على سفح الجبل بالكامل.

الاعتداء الأصعب

ورغم صعوبة ما مر على العائلة طوال هذه السنوات إلا أن هجوم المستوطنين بعد الهجوم الكبير على بلدة حوارة المجاورة كان الأصعب، كما يقول مصعب، فبعد انتهاء مجموعات المستوطنين من حرق المحال التجارية والمنازل والمركبات في حوارة، وخلال عودتهم إلى المستوطنة حاصروا المنزل وبدأوا بالهجوم عليه.

كانوا ما بين 100- 150 مستوطنا، قسموا أنفسهم إلى مجموعات، بعضهم قام برشق المنزل بالحجارة ومحاولة إلقاء قنابل حارقة باتجاه، والبعض الأخر كان خلف المنزل يقطع الأشجار ويخربها، فيما تولت مجموعتين حرق المخازن و مركبتين للعائلة.

يقول مصعب:"لم ننتبه لما يجري في خارج ومحيط البيت من حرق، إلا بعد أن شاهدنا الدخان، كانت أولويتنا أن نحمي من المنزل من نساء وأطفال".

جمع مصعب وشقيقيه أبنائهم وزوجاتهم في غرفة وأحكمو إغلاقها، وصعدوا إلى السطح ليحموا المنزل من الاقتحام، وبعد ساعة من عربدة المستوطنين انسحبوا بحماية من جنود الاحتلال الذين كانوا يقنعوا العائلة بالخروج من البيت حفاظا على سلامتهم:" نحن نعلم أنه في الوقت الذي نخرج جميعا من المنزل سيقوم المستوطنين بالسيطرة عليه، الجنود كعادتهم يقدموا المساعدة للمستوطنين في كل اعتدائهم".

ولذا، لا يتذكر مصعب وأشقائه أنهم خرجوا من المنزل جميعا وتركوه فارغا منذ 2002، وحتى عندما تزوجت شقيقاتهم كان على أحدهم البقاء في المنزل وعدم المشاركة.

ويقسم الأشقاء الثلاثة أيام الأسبوع بحيث يتواجد كل يوم واحد منهم في البيت، وهو ما جعلهم يجدون صعوبة كبيرة في إيجاد عمل دائم، بسبب غيابهم المتكرر.

بورين جنوب نابلس 3.jpg
 

لم تتوقف اعتداءات المستوطنين على منزل عائلة صوفان منذ ذلك اليوم، فقد تعرض المنزل لأكثر من أربع مرات لاعتداءات المستوطنين، وهو ما يجعل العائلة تعتقد أن القادم سيكون أسوأ في الأيام القادمة.

ورغم قتامة المشهد في منزل العائلة الواقع في أجمل مناطق القرية المتربعة على أحد جبال جنوب نابلس، إلا أن العائلة أتخذت من صمودها في البيت مهمة لها في حياتها، تنفيذا لوصية والدتهم بالصمود وعدم التخلي عنه، يقول مصعب إنه وأشقائه لن يتركوا منزلهم وحتى لو قتلوا فيه.

كلمات دلالية