تقرير "إسرائيلي" يكشف عن 3 تهديدات تواجه "إسرائيل" عام 2023

الساعة 11:45 ص|24 يناير 2023

فلسطين اليوم

كشف تقرير إسرائيلي عن التهديدات الرئيسية الثلاثة التي ستواجهها "إسرائيل" خلال عام 2023.

ويقف على رأس هذه التهديدات، خطر إلحاق الضرر بالعلاقة مع الولايات المتحدة، والبرنامج النووي الإيراني، والساحة الفلسطينية، والتي أصبحت التهديد الأكثر إلحاحًا في التسلسل الهرمي للتحديات".

وبين التقرير الذي صدر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (معهد أبحاث يتبع جامعة تل أبيب)، أن إسرائيل في بداية (عاصفة كاملة) في الساحة الفلسطينية"، معتبرين بأنها "الأكثر تفجرا في العام المقبل، في ظل عدم وجود حل واضح مع الفلسطينيين، وفترة رئاسة محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية، وعلى خلفية الاضطرابات المتزايدة بين شريحة واسعة من الشباب الفلسطينيين".

و"يقدر واضعو التقرير، الذي تم تسليم نسخة عنه مساء الاثنين إلى رئيس الدولة العبرية إن "هناك خطراً متزايداً من الصحوة العنيفة، التي قد تندلع من بين أمور أخرى، ردًا على نشاطات إسرائيل، في وقت يزداد فيه التهديد الاستراتيجي الخطير الكامن في الانزلاق إلى واقع دولة واحدة، والذي من شأنه أن يعرض هوية إسرائيل اليهودية للخطر".

الاستقطاب والتطرف:

وحذر تقرير معهد دراسات الأمن القومي، من حالة الاستقطاب الاجتماعي المتفاقم في "إسرائيل"، والذي يضعف المرونة الاجتماعية، وهو عنصر حاسم في قدرة "تل أبيب" على التعامل مع التهديدات الخارجية لها.

وأضاف أن "الاستقطاب والتطرف، إلى جانب الشعور بالافتقار إلى الحوكمة وانعدام الأمن الشخصي، يضعفان المرونة الاجتماعية، وقد يخلقان آثارًا خطيرة لأخذ القانون بأيدي الفرد، وحتى تشكيل ميليشيات مسلحة".

كما أشار التقرير إلى الواقع في الولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره تهديدًا استراتيجيًا؛ مع خطر حقيقي يتمثل في الإضرار بالعلاقة الخاصة معها، معتبرين أن التحدي الرئيسي لعام 2023 هو الحفاظ على "علاقة خاصة" مع واشنطن.

واستدرك: "العلاقة مع الولايات المتحدة ليست التهديد الأكثر إلحاحًا مثل الساحة الفلسطينية، لكن تكثيف الاستقطاب والتطرف على جانبي الحاجز السياسي داخل واشنطن، يؤدي إلى تآكل التكوين السياسي الداعم لإسرائيل".

النووي الإيراني:

وقال التقرير: إنه "على الرغم من أن الصفقة النووية تبدو وكأنها من الماضي، إلا أن الباحثين ما زالوا يضعون التحدي المتمثل في برنامج إيران النووي في مرتبة عالية".

ووفقاً لمؤلفي التقرير، فإن "هذا هو أخطر تهديد خارجي محتمل لإسرائيل، مشيرين إلى أن برنامج إيران النووي حالياً في أخطر حالاته على الإطلاق، ويقترب كثيراً من أن تصبح دولة ذات عتبة نووية".

يذكر أن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) يختص بمجالات شؤون الأمن القومي، مثل الجيش والشؤون الاستراتيجية، والصراع منخفض الحدة، والتوازن العسكري في الشرق الأوسط، والحرب الإلكترونية.

ويصدر المعهد سنوياً تقديراته الاستراتيجية لمسار دولة الاحتلال، والتهديدات التي تواجهها، ويرفع توصياته للمسئولين الإسرائيليين.

يرأس المعهد حالياً رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، عاموس يادلين.

وتشهد الضفة الغربية تصاعداً كبيراً في عمليات المقاومة، على مستوى إطلاق النار؛ وإلقاء العبوات المتفجرة والحارقة.

يذكر أن مركز المعلومات الفلسطيني "معطى" (مستقل) وثق خلال الـ 24 ساعة الماضية، 27 عملا مقاوماً في الضفة، تنوعت ما بين إطلاق نار وتصدي لاعتداءات المستوطنين ومواجهات متفرقة.

 

ملخص التقويم الاستراتيجي 2023:

هزات جيوسياسية تلتقي مع زيادة حدة التحديات الداخلية

بقلم: البروفيسور مناويل تريختنبرغ

رئيس معهد بحوث الأمن القومي

(المضمون: هزات جيوسياسية تقابلها تحديات شديدة تواجه اسرائيل في 2023، وأهمها المنافسة بين الولايات المتحدة والصين وغزو روسيا لاوكرانيا، التي تدفع اسرائيل الى أن تختار طرف في المعادلة خلافا لسياستها حتى الآن. وعلى الصعيد الفلسطيني فان التوجهات التي تلوح في الأفق للحكومة الجديدة في اسرائيل ستؤدي باسرائيل الى الوصول الى مكانة سيكون فيها تأييد العالم لها، لا سيما اوروبا والولايات المتحدة، متدنيا. لذلك، يجب عليها اعادة النظر في سياستها هذه وأن تستيقظ قبل الأوان مثلما عرفت كيف تفعل ذلك في مفترقات طرق حاسمة في السابق - المصدر).

سنة 2022 تميزت بتسريع العمليات في الفضاء العالمي والاقليمي والاسرائيلي – الفلسطيني والداخلي الاسرائيلي، التي تتحدى الأمن القومي لاسرائيل، وتتحدى نظريات وتوجهات سياسية قائمة وتقتضي بناء على ذلك اعادة تقدير للواقع الآخذ في التشكل وبلورة سياسية وفقا لذلك. جزء من هذه العمليات وصل خلال العام 2022 الى انعطافة واضحة في الوقت الذي تواصل فيه التحديات الاخرى التطور بالتدريج، الامر الذي يصعب على اعادة التفكير بخصوص النظريات الاستراتيجية السائدة رغم الاخطار التي تنطوي على استمرار الوضع القائم.

من بين العمليات التي وصلت في السنة الماضية الى انعطافة، والتي لم تعد تسمح بالتمسك بالنماذج القائمة، تبرز ثلاث عمليات:

1- ازدياد حدة المنافسة بين الصين والولايات المتحدة، التي بدأت في فترة ولاية الرئيس براك اوباما وتحولت في العام 2022 الى مواجهة واضحة ومتعددة الابعاد بين دولتين عظميين، والتي اصبحت المشكل الرئيسي للساحة الجيوسياسية العالمية.

2- الخطوات العنيفة التي اتخذتها روسيا تجاه اوكرانيا منذ ضمها لشبه جزيرة القرم في 2014، وتطورت في السنوات التالية ووصلت في 2022 الى حرب شاملة على اراضي اوكرانيا، والتي تهز السلم الاوروبي الذي ساد في القارة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

3- السعي الذي لا ينقطع لايران من اجل التوصل الى الذرة حولها في 2022 الى دولة عتبة نووية بالفعل، وذلك في ظل غياب اطار مقيد لاتفاق (ج.سي.بي.أو.إي، تحول الى "شخص يمشي وهو ميت")، وأزاء عدم استعداد الولايات المتحدة لأن تضع أمامها تهديدا رادعا موثوقا.

هذه العمليات متشابكة ببعضها البعض وتثير عدد من الافتراضات الاساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية والامنية لاسرائيل. هكذا، المنافسة بين الولايات المتحدة والصين وغزو روسيا لاوكرانيا تدفع اسرائيل الى اختيار جانب، خلافا لسياستها حتى الآن، حيث أن اسرائيل اقامت في السنوات الاخيرة علاقات متشعبة، سواء مع الصين أو مع روسيا، والتي ساعدتها اقتصاديا وسياسيا. الضغط المتزايد على اسرائيل للتمحور في هذا السياق يضع أمامها معضلات ثقيلة الوزن، وتغيير السياسة في اعقاب ذلك الذي يمكن أن يقلص بشكل كبير فضاء مناورتها السياسية – الامنية. اضافة الى ذلك الولايات المتحدة تركز على المواجهة مع الصين ومع روسيا، لذلك هي مستعدة اقل بكثير مما كانت في السابق لتدخلها في الشرق الاوسط أو اتخاذ مبادرات بخصوص المنطقة.

بخصوص ايران فان تحولها فعليا الى دولة حافة نووية (حتى لو كان بدون اعلان رسمي) في حين تستمر جهودها للتمركز في ارجاء المنطقة هي بلا شك التهديد الحقيقي الاكبر على اسرائيل، التي لا يوجد لها الآن أي خيارات مواجهة مرضية. الى جانب ذلك التعاون بين ايران وروسيا في حربها في اوكرانيا يضع تحد كبير آخر، سواء بمعنى امكانية التسلح بوسائل قتالية متطورة أو من ناحية الدعم السياسي – الاقتصادي الذي يمكن لروسيا أن تقدمه لها.

الى جانب الاخطار الواضحة يوجد في انضاج هذه الخطوات ايضا جانب ايجابي وهو الوضوح: الشك الذي يرافق بشكل عام التدرج والرغبة في تصديق أن ما كان هو ما سيكون، سحق تحت قطعية التغيير – كمية اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة بحوزة ايران، التي تكفي لانتاج اكثر من قنبلة نووية واحدة، وايضا الغزو البري الروسي حتى ضواحي كييف، لا تترك أي شك، سواء بخصوص النوايا أو بخصوص التداعيات المصيرية لهذه الخطوات.

في المقابل، في دولة اسرائيل نفسها وفي محيطها تحدث عمليات خطيرة لا تقل عن ذلك، والتي حتى لو تم تسريعها في السنة الماضية إلا أنها لم تصل الى انعطافة حادة. هذه تضع تحد مزدوج ومضاعف، حيث من الصعب جدا احداث تغيير مفاهيمي وسياسي طالما أنه لا يتم رؤية مقابل جوهري في الواقع وعلى مستوى التهديدات المترتبة عليه. هذه الخطوات تحدث في ثلاثة سياقات رئيسية:

· الساحة الفلسطينية

السلطة الفلسطينية واصلت الضعف وفقدان السيطرة على الأرض، خاصة في السامرة، في نفس الوقت الذي فيه معركة نهاية الرئيس محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية دون أن يظهر له وريث متفق عليه وبدون أن يتم إعداد آلية لنقل السلطة بشكل مرتب. الفراغ الحكومي في مناطق السلطة، إلى جانب غياب أفق سياسي، دفعت موجة عمليات متفرقة وتنظيمات محلية مثل "عرين الأسود"، وهذه حثت إسرائيل على اتخاذ نشاطات متزايدة هناك وزادت بدرجة ملحوظة الإمكانية الكامنة لاندلاع مواجهات واسعة. في موازاة مشروع الاستيطان في يهودا والسامرة يتسع من خلال الانزلاق الفعلي إلى واقع "دولة واحدة"، الذي يهدد باستبعاد خيارات مستقبلية لاتفاق، يتحدى دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. الأخطار التي تكتنف هذه العمليات يمكن أن تتعاظم إزاء تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، التي تؤيد بشكل صريح تعميق التمسك بكل أجزاء أرض إسرائيل، وحتى الضم. كل ذلك يمكن أن يصعب جدا على إسرائيل في الساحة الدولية، لا سيما في مواجهتها للتهديد الإيراني.

· الساحة الداخلية.

التوتر بين القطاعات والمعسكرات المختلفة في إسرائيل ازدادت جدا في السنة الماضية، وهي يرافقها تقاطب وتطرف على الصعيد السياسي. الائتلاف الذي تشكل في أعقاب الانتخابات للكنيست الـ 25 يطرح أجندة يمينية واضحة، التي يراها جزء كبير من الجمهور كأجندة متطرفة وحتى مهددة لروح دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. هذا في حين أن المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع ممزق ومقسم أكثر من أي وقت مضى، بعد انتهاء أربع سنوات على عدم الاستقرار السياسي والتحريض ونزع الشرعية المتبادلة. كل ذلك يطرح علامات استفهام مقلقة بخصوص مجرد القدرة على الحفاظ على أسس النظام الديمقراطي، واستقلالية منظومة القضاء وإنفاذ القانون، والتوازنات على صعيد الدين والدولة وأيضا حقوق الفرد. علامات الاستفهام هذه تشكل تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي – سواء في أعقاب إمكانية كامنة لاندلاعات عنيفة على شاكلة "حارس الأسوار"، ولا يقل عن ذلك أهمية بسبب المس بشعور التضامن والتماهي مع الجماعة، وهي أمور حيوية لاستمرار تحمل عبء مواجهة التحديات ثقيلة الوزن من الخارج.

· العلاقات مع الولايات المتحدة ومع الجاليات اليهودية في أمريكا

العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة والتي هي ذخر كبير للامن القومي في اسرائيل يتم تحديها على يد تحديات سياسية – اجتماعية امريكية داخلية، وعلى يد ابتعاد الجاليات اليهودية هناك عن اسرائيل، ضمن امور اخرى، ردا على ما يحدث في اسرائيل نفسها. تعزز التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي الامريكي من جهة، والتحدي في اليمين تجاه النخب التي ينتمي اليها جزء كبير من يهود شرق الولايات المتحدة من جهة اخرى، ضعضع قواعد الدعم لاسرائيل وكذلك مكانة الجاليات اليهودية. الاهتمام المتضائل للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، الى جانب تشكيل حكومة يمينية واضحة في اسرائيل في الوقت الذي فيه الادارة الامريكية تمسك بأجندة ليبرالية، تزيد خطوات الابتعاد. هذه العمليات تهدد بقضم الدعم التقليدي الامريكي لاسرائيل في كل المجالات – السياسية والامنية والاقتصادية – وهكذا المس بشكل كبير بالمكانة الدولية والاقليمية لاسرائيل، بقوتها الاقتصادية وقدرتها على مواجهة التهديدات الرئيسية عليها، وعلى رأسها ايران.

التحديات التي تنبع من الخطوات في الساحة الفلسطينية وفي داخل إسرائيل وفي العلاقات مع الولايات المتحدة، جميعها متضافرة معا: ما يحدث في يهودا والسامرة ينعكس على الداخل ويزيد التوتر والتطرف السياسي في إسرائيل، والذي يمنع أي نقاش موضوعي وواقعي حول القضية الفلسطينية، وبذلك يغلقون دائرة مفرغة تغذي نفسها. أيضا ما يحدث في يهودا والسامرة وداخل دولة إسرائيل يؤثر بشكل سيئ، سواء على اليهود في أمريكا أو على الإدارة الأمريكية في الوقت الذي فيه ابتعاد هؤلاء عن إسرائيل يزيد في أوساطها الاستقطاب الداخلي.

ولكن ليس مثلما في حالة المواجهة بين الولايات المتحدة والصين أو تحول إيران إلى دولة حافة نووية، الخطوات المرتبطة بالساحة الفلسطينية وبالساحة الداخلية الإسرائيلية وبالعلاقات مع الولايات المتحدة لم تصل بعد إلى نقطة حاسمة أو إلى درجة أزمة حقيقية. التدرجية التي تميزها تسمح بمجال نفي وتعزز عدم الاستعداد لمواجهة الأخطار الشديدة المرتبطة بها. "ليس كما تصرخ"، سيقول من ينفون الاستنتاجات المنطقية التي تظهر من استمرار هذه الخطوات، وبهذا فهم يبررون أفضليات السياسة القائمة (مثل "إدارة النزاع" في السياق الفلسطيني) وغياب مبادرة تهدف إلى وقف توجهات سلبية. في المقابل، لا شك أن "اتفاقات إبراهيم" بين إسرائيل وبين بعض الدول في الشرق الأوسط خلقت واقعاً إقليمياً جديداً، في إطاره إسرائيل تبتعد عن صورة "فيلا في الغابة" وترتسم بالتدريج كنوع من الدولة العظمى الإقليمية التي يمكنها الاندماج في الفضاء في سياقات كثيرة – الأمن، الاقتصاد، الإبداع، المياه، الطاقة ومكافحة تغير المناخ. إلى جانب الفائدة الواضحة التي تكتنف تعميق العلاقات مع الدول التي وقعت على هذه الاتفاقات، فإن عملية التطبيع تخفي في طياتها إمكانيات كامنة واضحة، سواء بسبب توسعها، بحيث تضم دول أخرى، أو كرافعة لتحسين العلاقات مع الأردن ومصر. مع ذلك، من الواضح أن تجسيد الإمكانية الكامنة سيكون مرتبطاً بشكل كبير بسلوك إسرائيل أمام الساحة الفلسطينية وبجودة علاقاتها مع الولايات المتحدة.

في العام 2023 دولة إسرائيل تقف أمام تجمع مقلق، حتى مقلق جدا، لتوجهات خارجية وداخلية متحدية، جزء منها خطير جدا، مثل تغيرات جيوسياسية حادة تضيق مجال مناورتها؛ صعود درجة في تهديد إيران؛ تدهور متعدد الأبعاد في يهودا والسامرة؛ استقطاب سياسي داخلي في النسيج الديمقراطي ويدمر التكافل الاجتماعي؛ فجوة كبيرة في العلاقات مع الولايات المتحدة والجاليات اليهودية هناك.

لا شك أن التهديد الإيراني هو الأكثر أهمية وخطورة من بين كل هذه التهديدات، حيث أمامه لا يوجد لإسرائيل أي رد مرضٍ، على الأقل ليس في المدى القصير، وقدرة تأثيرها على الخطوات الإقليمية والعالمية التي تؤثر على تحدي إيران، محدودة جدا. كل توجه تحاول إسرائيل الدفع به قدما أمام إيران – سواء بناء خيار هجومي مع تشكيل تهديد حقيقي من أجل تحقيقه أو لعب دور فاعل ومؤثر في الخطوات الدولية، مثل إعادة فرض العقوبات عن طريق الدول الأوروبية أو دعم محاولة العودة إلى اتفاق ما مع إيران – سيكون بحاجة إلى دعم قوي من قبل الولايات المتحدة وتعاون واسع معها. في أوضاع متطرفة فإن إسرائيل ستعرف دائما كيفية العمل وحدها، لكن يجب بذل كل جهد ممكن من أجل عدم الوصول إلى هذه الأوضاع لأسباب معروفة.

من هنا يجب على إسرائيل أن تعمل بشكل حثيث على محاربة التوجهات السلبية التي تقضم العلاقات مع الولايات المتحدة ومن أجل تعزيز الحوار الوثيق، الموضوعي والحصيف، مع الإدارة الأمريكية ومع الكونغرس. أيضا يجب عليها تعميق وتوسيع العلاقات والتفاهمات مع الجاليات اليهودية في أمريكا، التي هي ركيزة داعمة وأيضا مصدر هام للتأثير على سياسة الولايات المتحدة. بكلمات أخرى، قدرة مواجهة إسرائيل للتهديد الإيراني ترتبط بدرجة كبيرة، وحتى حاسمة، بتأمين الدعم من الولايات المتحدة. وبالتالي، تعزيز العلاقة والثقة المتبادلة معها. لذلك، التأثير على العلاقات مع الولايات المتحدة يجب أن يكون ورقة عباد الشمس الأساسية لسياسة إسرائيل الخارجية والأمنية، وبناء عليها يجب فحص أي عملية يتم اقتراحها وأي مبادرة.

في السياق الداخلي الإسرائيلي وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مشكوك فيه إذا كانت الحكومة الجديدة في إسرائيل سترغب أو تكون قادرة على العمل من أجل تخفيف التوجهات السلبية التي تحدث، وبالأحرى، مشكوك فيه إذا كانت ستحرك عمليات معاكسة. بدون التنكر للجوانب السياسية التي ترافق كل تصريح أو توصية لسياسة في هذه السياقات فإن من دور والتزام معهد بحوث الأمن القومي أن يشير إلى تداعيات السياسة التي تلوح في الأفق، سواء بخصوص ما من شأنه أن يحدث على الأرض على المدى القصير (أي اندلاع أعمال عنف في يهودا والسامرة، زيادة حدة الاستقطاب والغليان الداخلي) أو بخصوص المس بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وبالتالي بخصوص القدرة على مواجهة إيران.

بخصوص المدى الأبعد فان طمس الحدود بين دولة إسرائيل وبين يهودا والسامرة من الناحية الديمغرافية والاقتصادية والبنى التحتية، وحتى القانونية، تشكل خطرا حقيقيا على كون إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، وبالتالي على كل المشروع الصهيوني. أيضا القضم في أسس الديمقراطية الإسرائيلية في مجمل مكوناتها يشكل تهديداً خطيراً لا يقل عن ذلك. في هذه السنة سنحتفل في السنة الـ 75 على إقامة دولة إسرائيل، وإلى جانب الانفعال من إنجازاتها الكبيرة في مجالات كثيرة جدا، يجب علينا أن نحلل بمهنية وهدوء وبدون نفاق التحديات الكبيرة على الأمن القومي في إسرائيل، وأيضا الفرص. إحدى الصعوبات الخاصة التي وقفت أمامنا في هذه المرة هي علامات استفهام تتعلق بالسياسة التي ستتبعها حكومة إسرائيل في السياقات ذات العلاقة (ما وراء الجانب التصريحي). وبناء على ذلك من الصعب أن نوصي باتجاهات سياسية مرغوبة طالما أن علامات الاستفهام هذه بقيت على حالها.

رغم ذلك فإن الدرسين الأساسيين اللذين يظهران في تحليل معظم القضايا التي تمت مناقشتها في التقدير الاستراتيجي لإسرائيل 2023، هما:

· أهمية الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة وتعزيزها كأساس منظم شامل في تشكيل السياسة الخارجية والأمنية لإسرائيل، خاصة أمام التحدي الإيراني.

· ضرورة فهم واستيعاب التداعيات الخطيرة لاستمرار وزيادة حدة التوجهات القائمة في السياق الفلسطيني وفي السياق الاسرائيلي الداخلي. من هنا تأتي الحاجة الملحة الى تغيير الاتجاه. اسرائيل عرفت كيفية النهوض وكيف تقوم بذلك عند وصولها الى مفترقات طرق حاسمة في السابق. نحن نأمل في أن تعرف كيف ستقوم بذلك ايضا في هذه المرة.

كلمات دلالية