خبر السلام أكثر تعقيدا من « الدولتين »- إسرائيل اليوم

الساعة 09:20 ص|21 مايو 2009

بقلم: د. حايم شاين

 (المضمون: يجب على رئيس الحكومة الاسرائيلية ألا يخضع لأي مطلب يضعف اسرائيل ويضر بمصالحها حتى لو اضطرت اسرائيل الى مواجهة العالم كله  - المصدر).

اي خيبة أمل وأي كآبة. لم يوجد في اللقاء بين بنيامين نتنياهو وبراك اوباما "انفجار"، او "مواجهة شديدة" او "عدم ثقة"، او "عدم ود"، وسائر النبوءات السوداء التي قذفنا بها ساسة حادو الالسنة مع العاملين معهم. كان يمكن ان نعتقد من التقارير ان مستقبل دولة اسرائيل معلق بنتائج اللقاء.

يعرف التراث السياسي الامريكي تقدير زعماء اقوياء يخدمون شعوبهم صدورا عن رؤية ذات رؤيا. اكثر من مقاولين سياسيين دهاة لا يمتد حقل رؤيتهم وراء ولايتهم القصيرة. إن أسطورة بطولة أمريكا تقدر محاربين مستعدين لتعريض انفسهم للخطر من أجل الحرية، وقيم الدستور وكرامة الأمة، أكثر من دمى تنظر الى كل ركن وتلائم أنفسها لكل وضع، وذلك لضمان بقاء حكمها. وهو بقاء يتلفف بالكلام الفصيح.

بين بنيامين نتنياهو للرئيس أوباما، كما نفترض أن لدولة اسرائيل الصغيرة التي هي بيت الشعب اليهودي الوحيد، مصالح وجودية وأنه من اجل العيش في الشرق الاوسط داخل بحر من الاعداء، توجد حاجة الى اجهزة دفاع وردع من الطراز الاول. مع كل الاحترام للفلسطينيين، ليسوا خطرا وجوديا على دولة اسرائيل. إن كفاحهم الدموي لعودة اليهود الى صهيون الحديثة الذي بدأ بالسكاكين وبلغ الى الصواريخ، يستطيع ان يقلق وأن يثقل لكنه لا يستطيع جعل دولة اليهود تستسلم. ايران هي العنوان على الحائط، عنوان أحمر – أسود، والرئيس أوباما يقرؤه كل يوم في تقارير الاستخبارات التي يتلقاها. صحيح ان للولايات المتحدة مصالح في العراق والخليج العربي، لكنها ليست خطرا وجوديا على اكبر قوة في العالم. يدرك كل انسان نزيه، والرئيس اوباما هو كذلك، معنى المعضلة الوجودية الاسرائيلية.

لا اشك في ان بنيامين نتنياهو وافق براك اوباما على وجود مشكلة شديدة جدا في قضية المستوطنات. فاليهود يسكنون اراضي كان جزء منها للعرب ذات مرة. لكن ماذا نفعل وأكبر مستوطنة وهي تل أبيب، وهي مدينة عمرها مئة سنة، فوارة بلا انقطاع، في مركزها شارع ديزينغوف الذي يشتمل على حانات ومنتديات تجمع في كل ليلة اللطفاء الذين يصعب عليهم الاغفاء لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من الشيخ مونيس الذي هو اليوم جامعة تل ابيب.

سيدرك أوباما ايضا ان ليس الجدل في قضية شيلا، او كريات اربع او اريئيل. فالجدل هو في يفنه وعسقلان ورعنانا واراضي الكيبوتسات في كل انحاء البلاد التي نشأت على اراض تركها العرب في حرب الاستقلال للعودة والحصول عليها بعد القضاء على الكيان الصهيوني. هذه هي الحقيقة البسيطة الواحدة ولا يوجد سواها. يجب تكرارها بلا انقطاع. لن ينشىء ابدا سلام بغير حل "مشكلة" تل ابيب وحق العودة اليها. ليس اكثر مواطني اسرائيل على استعداد للانتحار الجماعي لارضاء مطالب الفلسطينيين.

انا اثق ببنيامين نتنياهو. فهو بخلاف عدد من رؤساء الحكومة الذين سبقوه له رؤية تاريخية. فهو يدرك جوهر النزاع الاسرائيلي – العربي على حقيقته. ولا تغره شعارات فارغة فحصت مرة بعد اخرى وجلبت علينا كوارث كثيرة. ان من يملك اقتناعا داخليا عميقا فقط يستطيع ان يقنع الزعماء المستقيمين في العالم بعدالة طريقنا. بالمناسبة اذا لم ينجح في الاقناع ايضا، فاننا قد اعتدنا منذ وقت طويل الوقوف على ضفة النهر ووقوف العالم الصامت على الضفة الثانية. ان عزلتنا لن تخيفنا.

اقترح على اعدائنا كما على اصدقائنا، الا يقف اليهود في امتحان وجودي اخر. ففي اللحظة الحرجة نصبح جميعا شعبا واحدا مكتلا مصمما. لا يوجد لنا بلد آخر او مكان ننتقل اليه من هنا. سيأتي السلام عن الجرأة والقوة لا عن الاستخذاء والضعف .