خبر بؤر استيطانية واجهزة طرد مركزية -هآرتس

الساعة 09:17 ص|21 مايو 2009

بقلم: آري شافيت

 (المضمون: ان ارادت اسرائيل دفع ايران للتخلي عن اجهزة الطرد المركزية يتوجب عليها ان تتخلى اولا عن بؤرها الاستيطانية وان تطرح مبادرة لعقد تحالف امريكي اسرائيلي عربي لبناء فلسطين- المصدر).

من لا يفهم ايران لا يفهم الشرق الاوسط. ان حصلت ايران على المشروع النووي فستمتلك مصر والسعودية والمنظومة الشرق اوسطية السلاح النووي وتصبح المنطقة منطقة نووية متعددة الاقطار. ان حصلت ايران على الذرة فستزداد قوة الشيعة ويضعف شأن السنة وستهدد الراديكالية الدينية كل نظام معتدل في الشرق الاوسط. ان تسلحت ايران بالذرة فسيحدق بالمنطقة خطر حقيقي من الارهاب النووي. ان حصلت على الذرة ستزداد شكيمة حماس وتضعف فتح وتنفرط. ان حصلت ايران على الذرة ستحين نهاية حل الدولتين.

لحسن الحظ براك اوباما يفهم ايران بدرجة كبيرة. بنيامين نتنياهو وايهود باراك يفهمان ايران بصورة ممتازة. انجيلا ميركل تفهم ايران ونيكولا ساركوزي يفهم ايران وحتى غوردون براون. من يفهم ايران افضل من الجميع هما حسني مبارك والملك عبدالله الثاني والحكام العرب المعتدلين في السعودية والخليج. في اسرائيل وحدها فقط لا يفهم الجميع ايران والاشخاص الخيرون من اليسار ومن اليمين ما زالوا يواصلون اجترار شعارات قد عفى عليها الزمن.

لنبدأ باليسار. صحيح ان حل الدولتين لشعبين سيجلب السلام الاسرائيلي الفلسطيني ذات يوم. وصحيح القول ايضا ان اخلاء المستوطنات هو شرط ضروري للسلام. كما انه من الصحيح ان التفاوض مع الدول العربية كلها سيوفر غطاء ملائما للسلام وربما ايضا سيتمخض عن السلام الاقليمي. ولكن كل هذه الامور بحد ذاتها لا تكفي لايقاف جهاز طرد مركزي واحد في نتاناز.

الحديث عن السلام وحتى صنع السلام لن يوقف آيات الله. وان لم يتوقف ايات الله في السنة القادمة سيفقد حوار السلام مغزاه وكل اتفاق سلمي – مستقبلي او قائم – سيصبح اتفاقا فارغا من المضمون. من يسعى للسلام ملزم بتوفير رد على ايران. الدقيقة هي الدقيقة التسعون. آن الاوان حتى تخرج النعامات رؤوسهن من الرمل.

الان ايضا كما في الماضي، اصبح اليمين هذيانيا وخياليا اكثر من اليسار. المشروع الاستيطاني اليميني هو مشروع احمق من بدايته. ولكن في عام 2009 سيصدق الاعمى فقط ان أمن اسرائيل يعتمد على بضعة مستوطنات معزولة كما يدعون. وحده ضعيف العقل سياسيا هو الذي يصدق ان مستقبل اسرائيل يعتمد على البؤر الاستيطانية غير القانونية في يهودا والسامرة. وعلى النمو الطبيعي للمستوطنين في السامرة. اليمين الاسرائيلي يراهن على ان لا يكون فقط دينيا وايديولوجيا وانما يدعي الواقعية والفطنة. ولكن المعسكر السياسي الذي يصر على عدم التضحية بشيء في الضفة يزيد من الخطر الاستراتيجي في الجبهة الشرقية. في لحظة الحقيقة ستشكل المفارقة التاريخية التي يمثلها خط اليمين تهديدا لوجود اسرائيل.

التصدي لايران يستوجب خطة سلمية ثلاثية المراحل . في المرحلة الاولى يجب توحيد العرب المعتدلين والاسرائيليين المعتدلين حول حلم السلام المشترك وخطوات بناء الثقة. في المرحلة الثانية يتوجب مواجهة ايران. وفي المرحلة الثالثة يجب محاولة تجسيد السلام من خلال الخطوات الجريئة والواقعية في نفس الوقت. ولكن دفع مبادرة شاملة كهذه يستوجب من اسرائيل ان تتخلص من نماذج اليسار واليمين التي عفى عليها الزمن.

من ناحية اخرى عليها ان تفهم انه في ظل ايران النووية لن يكون هناك سلام . من ناحية اخرى عليها ان تفهم انه من دون التزام بالسلام والحراك نحو السلام – ايران ستصبح نووية بلا شك.

ليس هناك وقت. على حكومة نتنياهو ان تستبق خطاب اوباما في القاهرة. عليها من دون مواربة او تأجيل ان تطرح رؤية سلمية ذات ايحاء وتباشير وواقعية في نفس الوقت. اخلاء البؤر الاستيطانية وكبح البناء في المستوطنات يجب ان يكون جزءا من هذا التصور. ولكن يجب ان يكون في مركز هذه الخطة اقتراح لعقد تحالف اسرائيلي عربي لبناء فلسطين.

بامكان امارات الخليج ان تأخذ على عاتقها بناء الضفة واعمارها. وبامكان السعودية ان تقترح على غزة افقا من الامل. بامكان المصريين والاردنيين ان يمنحوا العملية الغلاف المطلوب من المسؤولية السياسية – الامنية. لذلك سيكون بامكان ائتلاف المعتدلين ان يتحرك بصورة مشتركة في الشرق الاوسط من اجل تغيير الواقع على الارض. وبهذه الطريقة سيكون بامكان القوات المسؤولة في الساحة الدولية ان تبلور الارضية الاستراتيجية المطلوبة للتحرك الحازم ضد ايران.

مع عودة نتنياهو من  واشنطن يتوجب عليه ان يدرك ان الامر يجب ان يتم الان او ان لا يتم ابدا. قد يكون اليسار سببا للنرفزة ولكن اليمين يقيد الايدي والارجل. ان ارادت اسرائيل ان تتمكن من مواجهة التحدي الماثل امامها يتوجب عليها ان تقدم على خطوة. عليها ان تبلور مبادرة اسرائيلية. ولكن طرح هذه المبادرة يستوجب من نتنياهو التخلص اخيرا من عناق اليمين السرنمي غريب الاطوار.