أما آن الأوان للسلطة أن تنحاز لشعبها!

الساعة 02:01 م|12 يناير 2023

فلسطين اليوم | ياسر عرفات الخواجا

أما آن الأوان للسلطة أن تنحاز لشعبها!!. بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

لقد خرج نتنياهو من جديد ليؤكد على المؤكد بخصوص رؤيته لما يعرف بالسلام، وبيان ما هو سقف الاستحقاق السياسي الفلسطيني في نظره، وما هي رؤيته الحالية والمستقبلية لحل الصراع بينه وبين الطرف الفلسطيني أو ما يسمى بفريق أوسلو.

لقد تحدث نتنياهو بأن الأمن والسيادة بما فيها القدس الموحدة وأجزاء كبيرة من الضفة الغربية التي تضم المناطق الاستيطانية والطرق الالتفافية التي تمتد وترتبط بالطرق المؤدية للقدس وكذلك مناطق في الضفة تعتبر ذات مغزى وعمق ديني، وذلك وفقًا لما تتبناه الأحزاب الدينية المشاركة في ائتلافه الحكومي، ووفقاً أيضاً لرؤية (الدولة اليهودية).

وبذلك يكون نتنياهو قد ضرب آخر مسمار في نعش ما يسمى بالمسيرة السلمية، ورسم واقعاً جغرافياً يحول دون تحقيق الرؤية الفلسطينية بتقرير المصير وإقامة الدولة. هذا بالإضافة لفرض تحديات جغرافية تدعم تلك الرؤية، سواء فيما يتعلق بالقدس الشرقية، أو بتعزيز فصل غزة عن الضفة، وكذلك التحدي الديموغرافي بعدم أحقية عودة اللاجئين المهجرين من أراضيهم، بل ويسعى الاحتلال للعودة إلى مزيد من عمليات الاقتلاع والتهجير والإبعاد وسحب الجنسيات من مناطق القدس وفلسطيني (1948).

ولم يبق بعد هذا كله لفريق أوسلو سوى (إدارة ذاتية) لشئون مدنية تتعلق بالفلسطينيين ضمن نطاق جغرافي ضيق ومشتت، تمثل كانتونات محاصرة بحواجز وبوابات أمنية إلكترونية.

وأمام ذلك ما زال فريق أوسلو يستجدي ويراهن على طريق المفاوضات، ويتفانى في إظهار حسن السير والسلوك للإسرائيليين والمجتمع الدولى من خلال الاجتهاد منقطع النظير في ملف التنسيق الأمني وحفظ أمن المستوطنين في الضفة الغربية، بينما على النقيض تمامًا هناك زيادة في الاعتقالات والقمع في صفوف الفلسطينيين.

وما زالت السلطة أمام كل هذا المشهد القاتم تراهن على الضمانات الدولية والمواقف العربية، والذي لم تعد القضية الفلسطينية اليوم من أولوياتهم، ولا يعنيها أمرها كثيراً، ولم يتبق في رقبة المجتمع الدولى تجاهها من التزام سوى بعض الوعودات المالية، وقليلًا من الأوهام الخالية من الترجمة العملية، ولم يعد هناك أي محاولة لوقف ولجم سلوك الاحتلال الذى أطاح بكل الرؤية الدولية لحل الصراع.

وكذلك القفزة العربية على عكس شروط ورغبات السلطة أنه لا علاقة مع إسرائيل ولا تطبيع إلا بحل المشكلة الفلسطينية بإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، والالتزام بشروط الرباعية بحل الدولتين، إلا أن العرب أيضا ضربوا كل هذا بعرض الحائط، وانحازوا سريعاً نحو التطبيع المجاني لدولة الاحتلال وفتح عواصمها له، بل وتوسع الأمر نحو تشكيل تحالفات أمنية وعسكرية واقتصادية.

وقد بات الانكشاف والتعري لدى السلطة هو السمة الحقيقية في المشهد، فلا راعى ولا ضمانات دولية واضحة، ولا عمق عربي مساند يعتمد عليه، ولا رضى ولا قبولًا إسرائيليًا لأى رؤية للحل، سوى ما يراه نتنياهو.

والأخطر والأوقح من ذلك هو أن نتنياهو وحكومته اليوم باتوا يؤكدون على أن فلسطين ليست أرضٍ فلسطينية مطلقاً، وأن الاستيطان في هذه المناطق هو حق وتصرفات مشروعة يجب القيام بها.

هذه الرؤية الإسرائيلية التي باتت شبه واقع يستحيل تغيره حتى من قبل المجتمع الدولى، ولا حتى من قبل مليون قمة عربية، ولا من خلال الاستجداء والتباكي أمام منصات الأمم المتحدة، بل يحتاج الأمر إلى مواقف قوة وأوراق ضغط حقيقية ذاتية، فالعالم لا ينصر ضعيفاً.

حتى الجهد الدبلوماسي السمي جعلوه محرماً وممنوعاً على السلطة ممارسته، وتم وصفه بالإرهاب الدبلوماسي، وعلى إثره لوحت دولة الاحتلال بجملة من العقوبات على السلطة، وكان أهمها خصم ما قيمته 39 مليون دولار من أموال المقاصة؛ تعويضاً للإسرائيليين المتضررين من قبل العمليات الفلسطينية، ووقف البناء في مناطق (ج) من الضفة، وشل حركة قيادة السلطة من خلال سحب بطاقة (vip)، والتي تتحرك من خلالها الشخصيات المهمة في السلطة.

الخلاصة

أمام هذا التهميش الدولى والتهديد الإسرائيلي والتخاذل العربي وهرولته للتطبيع مع الاحتلال، وأمام واقع الاتفاقيات الدولية الفارغة من المضمون، والتي باتت في طي النسيان، أما آن الأوان للسلطة أن تخلع ثياب الذل والهوان، وأن تنحاز لشعبها المقاوم

كلمات دلالية