سرايا  106  القدس- بقلم د. محمد مشتهى

الساعة 11:11 م|08 يناير 2023

فلسطين اليوم

كثيرة هي الرسائل والعبر التي جاءت في برنامج ما خفي أعظم والذي استضاف القائد العسكري لسرايا القدس أكرم العجوري "ابو محمد" والتي بحاجة إلى قراءة متعمقة، حيث بدا هذا القائد الكبير والوطني تلقائيا في حديثه وغير متكلِّف وبسيط ومتوازن ووحدوي.

لقد تابعت الكثير من المقالات والحوارات والتحليلات التي كُتبت عن هذا اللقاء وتناولت جوانب كثيرة، وإضافة لكل ما قيل فإنني في هذه المقالة سأضيئ على الجانب المجتمعي الذي جاء في البرنامج من خلال محاولات مخابرات العدو التي لا تتوقف من أجل إسقاط الناس في وحل العمالة، وكيف تعاملت معها سرايا القدس وتحويلها نقطة الضعف إلى قوة بزرعها المجند رقم 106وسط العدو، الذي استطاع في النهاية للتسلل خلف خطوطه والعودة إلى قواعده بسلام وتسليم جهاز أمن السرايا معلومات وصور مهمة، لكن السؤال هنا: كيف صورّ المجند 106 ضابط المخابرات رُغم أنه بدّل ملابسه كاملة قرب السياج الفاصل داخل باص صهيوني مليئ بكاميرات المراقبة قبل أن يتم نقله بواسطة جيب عسكري؟!!!، واضح أننا أمام عملية أمنية لم يُكشف كامل تفاصيلها بعد.

عودة لفكرة المقال وهي قصة إسقاط العدو للعملاء، إن أكثر الأدوات والأساليب التي يستخدمها العدو كثغراتٍ من أجل الإسقاط هي ثغرات أخلاقية، أو إبتزاز مالي، لذلك المطلوب من المجتمع أن يهوِّن على هذا الشخص الذي وقع ضحية نتيجة لضعفٍ بشري وأن يقوم بفتح باب التوبة والستر له طالما أنه لم يلحق الضرر بأحد، فهذا أفضل بمليون مرة من أن يصبح جاسوساً للعدو.

وعلى الجميع ألاَّ يفترض أن الناس وكأنهم أنبياء، فكل إنسان معرض لأن يدخل في لحظة ضعف آدمي وهذا وارد، لكن المشكلة تحدث عندما يتم التركيب على هذا الضعف البشري عقوبة مجتمعية، ومن أجل أن يتفاداها هذا الشخص يتحوَّل لعميلٍ فيخسر الدنيا والآخرة، وإن إرتكاب الخلل الأخلاقي يُعتبر أهون من أن يصبح الإنسان جاسوسا للعدو (وهذا ليس عذر لارتكاب الخلل الأخلافي)، وما حدث من سرايا القدس في برنامج ما خفي أعظم هو ترجمة حقيقية (وإن لم يتم ذكر التفاصيل) لفتح باب التوبة والستر لكل من يتعرض للضغط من الجانب الأخلاقي أو المالي كي لا يقعوا في وحل العمالة مع العدو، بل أكثر من ذلك فلقد حوّلت سرايا القدس هذا المجند الذي حاولت المخابرات التواصل معه وابتزازه إلى بطل يخدم وطنه، إذن كلمة السر هي ضرورة فتح باب التوبة والستر وعدم التعاطي مع الفضيحة المجتمعية أو حتى التنظيمية لكل متخابر لم تتلطخ يداه بدماء المواطنين.

وكأن جهاز أمن سرايا القدس من خلال البرنامج يرسل رسالة مجتمعية غاية في الأهمية لكل من يتم التواصل معه من قبل مخابرات العدو أو من أي جهة أجنبية، بأن يقوم بإبلاغ جهاز الأمن على الفور وألا يقلق أو يخاف من ضغط الفضيحة المجتمعية أو التنظيمية لأن الأمن سيستر عليه حتى لو قام العدو بفضحه، بل ستقف معه وستُنكر ذلك ولن يعاقب بل ربما سيكافأ على إعترافه.

هذه الثقافة هي لحماية المجتمع وليس ثقافة للعذر، لذلك مطلوب التركيز على الجانب الذي يضربنا العدو فيه ويعتبره نقطة ضعف وهو جانب الخوف من الفضيحة، وأفضل ثقافة مجتمعية تؤدي لحماية المجتمع هي ثقافة فتح باب التوبة والستر وإستثمار ذلك بتحويل نقطة الضعف إلى نقطة قوة لأن هذا الصراع هو صراع كبير مع العدو ويمتد لكل الجوانب الحياتية.