أمهــات الشهداء يحملن نعوش أبنائهن … صورة المقاومة والصمود عـــام 2022

الساعة 09:18 ص|31 ديسمبر 2022

فلسطين اليوم

في التاسع من آب/ أغسطس الفائت سمعت فلسطين وكل العالم أخر كلمات الشهيد إبراهيم النابلسي موصيا بالبارودة ومؤكدا حبه لوالدته "بحب أمي"، فكان رد والدته حبا أكبر لإبراهيم ولفلسطين التي استشهد فداء لها وهي تطلق الزغاريد والابتسامات قبل تشييعه من أمام مستشفى رفيديا لكل من يحيط بها من الشبان وأهالي الشهداء:" إن كان إبراهيم استشهد في 100 بعده…وأنتم كلكم إبراهيم".

امهات شهداء ..النابلسي.jpg
 

وعلى بعد خطوات، تصدرت الوالدة الصابرة المشهد وهي تتقدم جمع المشيعين وترفع نعشه بيد وبندقيته بيدها الأخرى، وهي تهتف لابنها الشهيد بابتسامة وثقتها كل كاميرات الصحافة العالمية والمحلية، لتتحول لأيقونة صبر أكدتها خلال استقبالها المهنئين باستشهاده فيما بعد.

امهات الشهداء.jpg
 

قالت بابتسامة لم تفارق وجهها طوال المقابلة: "هذا طريقه الذي اختاره بنفسه وأنا مطمئنة عليه حيث هو الآن وصابرة على فراقه".

قوة وصبر

وخلال حديث أم النابلسي عن إبراهيم وقربه الشديد منها وتعلقه بها وحبه الكبير لها، يمكن الفهم كل هذه القوة الصبر الذي تميزت به هذه السيدة، وغيرها من أمهات الشهداء اللواتي فقدن أبناءهن خلال العام 2022، والمستمد من إيمان هؤلاء الشهداء الشديد بالمقاومة وسعيهم إليها وتهيئة عائلاتهم لاستشهادهم.

مشهد والدة النابلسي وهي تحمل النعش مبتسمة ليس هو في فلسطين. ففي العام 2014 تقدمت والدة الشهيد عامر أبو عيشة من مدينة الخليل، جنازته وحملت نعشه على أكتافها بعد الشهادة بعد مطاردة استمرت لأيام بعد اختطافه ثلاثة مستوطنين وقتلهم. ذلك اليوم قالت إنه "عاش وحيدا لسنوات في سجنه ومطاردته" ولم تكن تريده أن يغادر الدنيا وحيدا أيضا.

امهات الشهداء 2.jpg
 

بعد مشهد والدة الشهيد أبو عيشة كان المشهد الأكثر وجعا لوالدة الأسير الشهيد "ياسر حمدوني" خلال تشييعه بعد استشهاده بسجون الاحتلال. ورغم تعبها أصرت على حمل جثمانه على رأسها وبين يديها من مدينة جنين وحتى قرية يعبد، وهي تردد "وين أزفّك وين قلّي يا حبيبي".

أيقونة للبطولة

ورغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تصر والدة الشهيد على حمل نعش ابنها، إلا أن صورة والدة النابلسي بابتسامتها وصبرها الكبيرين تحولت ل"أيقونة"، عدد كبير من الأمهات سرن على طريقها في توديع أبنائهن، وكانت وغيرها من صور حمل أمهات الشهداء أبناءهن في مسيرات التشييع الصورة الأوضح لمشهد التضحية والعطاء والمقاومة في العام 2022.

ففي اليوم الثاني لاستشهاد النابلسي (10 آب/أغسطس) حملت والدة الشهيد إبراهيم أبو صلاح في بيت حانون شمال قطاع غزة جثمانه خلال التشييع، بعد الإعلان عن استشهاده متأثرا بجراح أصيب بها خلال العدوان على القطاع.

ام شهيد.jpg
 

وفي نفس الشهر، خرجت والدة الشهيد وسيم خليفة (18 عاما)، من مخيم بلاطة بكل قوة تحمل جثمان ابنها الذي استشهد خلال اقتحام الاحتلال لقبر يوسف شرق مدينة نابلس.

تحركات محفزة

وخلال الشهر الأخير من العام، تصدرت صور كل من والدة الشهيد عمر مناع من مخيم الدهيشة، ووالدة الشهيد ضياء الريماوي من بلدة بيت ريما القريبة رام الله مشهد جنازة الشهيدين.

امهات الشهداء 2.jpg
 

لم يكن هذا المشهد الوحيد لأمهات الشهداء في العام 2022. فقد تحولت مجموعة من أمهات الشهداء، من خلال تحرك عفوي لهم، لمجموعة محفزة وداعمة لعائلات الشهداء من خلال الزيارات التي يقمن بها للعائلات الشهداء، مما يشكل مواساة كبيرة لهذه العائلات حديثه الفقدان لأبنائها، وأيضا يقدم نموذجا حيا للمقاومة والصبر على كل من يتواجد في المكان.

ومن جنين ومخيمها تحديدا، بدأ هذا التجمع قبل عام تقريبا، عندما قررت خمس أمهات التحرك جماعيا لتقديم العزاء والمواساة لأمهات الشهداء، ليتحول فيما بعد لتجمع يضم أكثر من 50 أم شهيد.

ولم يقتصر هذا النموذج على مدينة جنين، فمع ارتفاع عدد الشهداء في مدينة نابلس، ـ وبشكل تلقائي وعفوي كان تجمع أمهات الشهداء في المدينة أيضا، في مشهد كان كفيلاً برفع الروح المقاومة في كل محفل يتواجدن به.

كلمات دلالية