خلال مؤتمر في اسطنبول

د. الهندي : الصراع في فلسطين يعكس الصراع مع الغرب بأبعاده العقائدية والتاريخية والأمنية والسياسية

الساعة 11:56 ص|17 ديسمبر 2022

فلسطين اليوم

أكَّد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مسؤول دائرتها السياسية الدكتور محمد الهندي أنَّ هناك مظاهر متعددة تدلل -بما لا يدع مجالاً للشك- على أنَّ الكيان الإسرائيلي إلى زوالٍ، منها أنَّ منحنى مقاومة الشعب الفلسطيني في تصاعدٍ مستمرٍ رغم التضحيات، في مقابل هبوط إسرائيلي متواصل رغم القوة.

شعبٌ يقاوم

وعدَّدَ الدكتور الهندي -خلال كلمته في المؤتمر السادس لمنتدى كوالالمبور المنعقد في إسطنبول بين تاريخي 11-15 ديسمبر 2022- عدَّدَ سلسلةَ الدلائل التي تشير إلى تصاعد منحنى مقاومة الشعب الفلسطيني؛ أولها أنَّ شعبنا يمتلك جيلاً فريداً من الشباب الذي يتمتع بإيمان وتصميمٍ وجرأة غير مسبوقة، سواء مؤطر داخل فصائل المقاومة، أو في ظاهرة (الذئاب المنفردة) التي تقلق العدو وتصعب مواجهتها.

وذكر أنَّ ثاني تلك الدلائل على تصاعد حالة المقاومة، هي أنَّ السلطة الفلسطينية المقيدة باتفاق أوسلو أصبحت دون تأثيرٍ في بعض المناطق، وتفقد الحافز والشرعية، دون مستقبل لها.

وذكر في ثالث الدلائل، أنَّ شعبنا الفلسطيني بات يمتلك امكانات معقولة لم تكن متوفرة سابقاً؛ مثلاً: غزة أصبحت قلعة للمقاومة؛ بل وباتت تصنع سلاحها بنفسها، وأشار في رابع تلك الدلائل والمؤشرات على تصاعد حالة المقاومة، أنَّ هناك حاضنة للمقاومة الفلسطينية باتت تحميها وتحافظ عليها رغم حالة الحصار والتجويع.

كيانٌ إلى زوال!

وفيما يتعلق بمنحنى "إسرائيل" الذي يواصل الهبوط رغم القوة، قال: استنفذت إسرائيل مخزونها البشري من المهاجرين الجدد، كما استنفذت أيضا تماسكها الداخلي وقدرتها على المواءمة بين عقيدتها الدينية ومتطلبات بنائها العلماني الغربي، وما أفرزته الانتخابات الأخيرة سيعمق هذا الشرخ بشكل غير مسبوق.

وذكر من بين دلائل هبوط (إسرائيل)، أنَّ الأخيرة فقدت قدرتها على خداع العالم وحتى بعض مثقفيها الذين باتوا يتحدثون عن عقدة العقد الثامن.

وشدد على أنَّ أهم دليل على الهبوط الإسرائيلي المتواصل، هو فقدانها قدرتها على ردع الشعب الفلسطيني.

صراع حضاري - عقدي

وفيما يتعلق بأبعاد وطبيعة الصراع الإسلامي – الإسرائيلي، قال الدكتور الهندي: "الصراع في فلسطين يعكس ويلخص صراع الأمة مع الغرب بأبعاده العقدية والثقافية والتاريخية، تماماً كما أبعاده العسكرية والأمنية والسياسة، مشيراً إلى أنَّ الصراع واحد ولكن بأوجه مختلفة متداخلة، وتتدخل فيه "إسرائيل" في كل قضايا المنطقة وكل دولها.

وأضاف: "هذا صراع مفتوح ويدور في كل المجالات عسكرية وأمنية وسياسة واقتصادية وإعلامية وثقافية... إلخ؛ وفي فلسطين المقاومة تخوض جولات من القتال حتى تنضج أوضاع الأمة لتأخذ مسؤوليتها في هذه الحرب الشاملة".

وشدد على أنَّ الصراع مع الكيان ليس له حل؛ لكونه صراعاً حضارياً أوسع، وكل الاتفاقات لا تمثل حلاً؛ بل هي جزء من إدارة هذا الصراع.

وذكر أنَّ البعد الحضاري - العقدي هو أساس هذا الصراع، مستدركاً: "عندما تجاوزت فلسطين البعد الحضاري - العقدي لحقيقة الصراع فقدت فلسطين بعدها الإسلامي ثم بعدها القومي، وانحصر الصراع في بعده الوطني، واختصر الصراع على أنه صراعاً جغرافياً بين (م. ت. ف) وإسرائيل، تبحث فيه المنظمة عن شرعية التمثيل في سياق مشروع التفاوض مع العدو، لتنتقل بذلك من مشروع التحرير إلى البرنامج المرحلي عام ١٩٧٤ ومنه إلى اتفاق أوسلو الذي اجهض انتفاضة عام ١٩٨٧، وفتح باب التطبيع لكل من يريد أن يتخلى عن فلسطين من العرب، وللمقارنة فإن مصر طردت من جامعه الدول العربية بعد توقيعها اتفاق كامب ديفد، فيما يتم اليوم تبرير اتفاقات ابراهام الأخطر".

وتحدث الدكتور الهندي، عن العلاقة الجدلية بين نهضة الأمة والعمل على تحرير فلسطين، فقال: "لا استقلال حقيقي أو نهضة حقيقة لأي قُطرٍ ما لم يعمل على تحرير فلسطين، كذلك لا نهضة ولا استقلال حقيقي بقمع الشعوب بذريعة تحرير فلسطين، فالحكام الطغاة لم يحققوا نهضة ولا استقلال ولا تحرير ولا حتى رد عدوان".

وفي هذا السياق، أضاف الهندي: "إن أي إنجاز للمقاومة في فلسطين هو رصيد وأمل لكل الأمة، كما أن استقلال ونهضة أي قطر هو رصيد لشعب فلسطين ومقاومتها لا يقل عن أي مساعدة أخرى".

وهم القرار الوطني المستقل

وتطرق الدكتور الهندي، إلى حالة الوهم المتعلقة بالصراع الوطني، والقرار الوطني المستقل، فقال: "وهم الصراع الوطني والقرار الوطني المستقل الذي فتح باباً لتخلي الآخرين عن فلسطين، وتم تجاوز حقيقة أنَّ فلسطين ومقدساتها أكبر من أي تنظيم فلسطيني أو مجموع الفصائل الفلسطينية أو كل الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنَّ الذي "يقرر مصير فلسطين هي كل الأمة، والشعب الفلسطيني يمثل جدار الأمة الأول لصد الجرائم التي تستهدفها جميعا".

وهم التطبيع مع العدو

وفي الإطار، ذكر أنَّ التطبيع والشراكة مع (إسرائيل) واحد من الأوهام التي تعيشها الأنظمة، مشيراً إلى أنَّ وهم التطبيع يمثل مدخلاً للعلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية أو باباً للسلام والاستقرار ونهضة المنطقة، قائلاً في تلك النقطة: "نسوا أنَّ اتفاقات التطبيع منذ أكثر من ٤٠ عاماً لم تصنع سلاماً ولا استقراراً في المنطقة، ولكنها عمَّقت التوتر والانقسام الداخلي في دول التطبيع، كما عمقت الصراعات والانقسامات بين دول المنطقة، وافقدت الشعوب ثقتها بالحكام والنخب السياسية، ولم تصنع نهضة ولا رفاهية، وزادت ارتهان المنطقة وثرواتها للغرب وإسرائيل، لأن إسرائيل مشروع هيمنة يسعى لإضعاف واخضاع الجميع بما فيهم المطبعين لتستمر حاجتهم إليها".

السياق الذي فقدنا فيه فلسطين!

وعن سياقات الصراع، قال الدكتور الهندي: "السياق الذي فقدنا فيه فلسطين هو سياق الصراع بين الغرب الصليبي والحضارة الإسلامية، والذي كان من نتيجته إسقاط النظام السياسي الإسلامي ممثلا بالخلافة العثمانية التي مهما قسونا عليها لم تكن نظاماً استعمارياً ولا قطرياً؛ ثم الغزو الثقافي عبر التغريب والاستشراق، ثم الضلع الثالث وهو التغريب بالقوة وذلك بإنشاء (دولة إسرائيل) التي هي مشروع مهمته السيطرة على المنطقة العربية والشرق الإسلامي ومنع نهوض واستقلال اي قُطرٍ فيه".

وتابع: "حرب ١٩٤٨ كانت لحظه فارقة في تاريخ هذا الصراع حيث نشأت (دولة إسرائيل) على أنقاض فلسطين العربية، وكل التطورات اللاحقة من حروب وتهدئة واتفاقات حتى اليوم هي نتيجة لهذه الحرب التي مثلت سقوطاً مدوياً للنظام العربي، والنخب السياسية والثقافية الذين لم يشكلوا أي تحد للمشروع الصهيوني، ودخلوا المعركة مهزومين عقديا وتقنيا على السواء".

وأشار إلى أنَّ العروبة رفعت شعارات رنانة بدل أن تكون دعوه تتحدى شروط المستعمر، مستطرداً: "لأن حركة البشر في هذا الكون محكومة بقوانين صارمه لا تحابي أحداً، فإن الهزيمة كانت النتيجة الطبيعية عندما واجه ما يسمى ٧ جيوش عربية تحركهم المصالح القطرية المتناقضة، عددهم لا يتجاوز ١٥ ألفاً دون رؤية، ولا خطة، ولا تدريب، ولا هدف، ولا قيادة موحدة، واجهوا (ما نسميها عصابات صهيونية) ٧٠ ألفا مدربين ومسلحين ولديهم خطة للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض ولديهم قيادة سياسية موحدة لها رؤية وأهداف محددة وتحالفات مع القوى الدولية الفاعلة، وتعمل منذ سنوات لجلب وتوطين وتسليح اليهود الذين هم أدواتها لتنفيذ أهدافها".

كلمات دلالية