خبر الدولتان .. لا حل آخر .. يديعوت

الساعة 07:56 ص|18 مايو 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

مستشار رئيس الوزراء الاسبق شارون

استطلاعات الرأي العام التي نشرت في نهاية الاسبوع تشير بوضوح الى أن اغلبية الجمهور الاسرائيلي يواصل تأييد حل الدولتين للشعبين. الارهاب الفلسطيني من غزة الذي واصل ملاحقة اسرائيل حتى بعد فك الارتباط، وان كان أكد الحاجة الى اتخاذ ترتيبات امنية متشددة في كل مكان تنسحب منه اسرائيل في المستقبل، الا انه لم يغير الارادة الاساس لاغلبية الجمهور في الانفصال عن الفلسطينيين. انفصالا بالطرق السلمية في ظل خلق ظروف للتعايش النزيه والآمن. معظم الاسرائيليين لا يريدون استمرار السيطرة في المناطق الامر الذي من شأنه أن يؤدي الى نشوء دولة واحدة للشعبين.

ليس هناك إذن اساس للاداء بان نتائج الانتخابات وقيام حكومة ليكود هما مثابة "الهام" جماهيري لتغيير جوهري في الموقف المقبول. يحتمل أن تكون عودة الليكود الى الحكم هي تعبير عن تحفظ جماهيري من السبيل السياسي لكديما، الذي اعتقد بادارة مفاوضات على تسويات دائمة قبل أن يبدي الفلسطينيون قدرة ورغبة على التعايش الامن. يحتمل أن يكون برأي الجمهور ان نتنياهو سيضمن في المفاوضات المستقبلية المصلحة الاسرائيلية بشكل افضل من الاخرين. ولكن معظم الجمهور لم يخول نتنياهو بتوريط الاسرائيليين بمخاطرة ان تصبح دولتهم الوطن القومي للشعبين.

ليس لنتنياهو ما "يخشاه". فهو ليس مطالبا صبيحة الغد بالموافقة على قيام دولة فلسطينية. فليس هناك على أي حال لدى الفلسطينيين، مع الانتباه الى مشاكلهم الداخلية، مصلحة في ذلك الان. السلطة الفلسطينية ممزقة ومنشقة، هائمة بالنسبة لوضعها في غزة التي تواصل العيش كدولة حماس مستقلة. وليس صدفة ان رد اقتراح التسوية الدائمة الذي تقدم به اولمرت. لا يوجد اليوم لرؤساء السلطة مصلحة حقيقية في انسحاب الجيش الاسرائيلي من اراضي يهودا والسامرة. واضح لهم ان الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن فقط يمنعان سيطرة حماس على اراضيهم. في هذا الوضع على أي حال لا توجد مفاوضات او تسوية سلمية محتملة على الاطلاق. كما أن الفلسطينيين لا يريدون الفشل في اقامة الدولة قبل الاوان.

ماذا يريدون حقا؟ يريدون مساعدة سياسية، اقليمية وعالمية في صراعهم مع حماس. يريدون استمرار المساعدة الدولية في التنمية الاقتصادية، الادارة والامنية للسلطة. يريدون موافقة اسرائيلية على توسيع منطقة نشاط محافل الامن الفلسطينية الى مناطق اخرى. يريدون تحسينا في شروط الحياة والحركة في الضفة. يطالبون بتنفيذ حقيقي للتعهد الاسرائيلي بتجميد المستوطنات وازالة البؤر الاستيطانية غير القانونية.

وبالتوازي، يطالبون ظاهرا "افق" سياسي: اعتراف وبيان اسرائيلي بانه مع قدوم اليوم، وعندما تنضج الظروف، ستوافق اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية. وهم يدعون، وليس بدون منطق، بانه دون أمل سياسي واضح ستجد السلطة صعوبة في تثبيت مكانتها الداخلية والحفاظ على الاستقرار والهدوء النسبي السائدين اليوم.

قيام دولة فلسطينية، بقيود السيادة وفي ظل تنفيذ الشروط المعروفة – هو ايضا مصلحة اسرائيلية صرفة. خريطة الطريق، الخطة المتفق عليها من العالم بأجمع، تقضي الا تقوم تلك الدولة الا بعد توفر الشروط المناسبة اللازمة، هي الوسيلة الافضل لتقليص مخاطر الدولة الفلسطينية.

الرفض الاسرائيلي الشامل لدولة فلسطينية، والذي ظهر مؤخرا زعما في اعقاب التغيير السياسي الذي طرأ هنا، لن يمنع قيامها، ولكن بالتأكيد من شأنه أن يؤدي الى ضياع تأييد العالم لخريطة الطريق. لا ينبغي الافتراض بان الاسرة الدولية ستتخلى عن فكرة الدولة الفلسطينية فقط بسبب انتخاب نتنياهو او كبادرة طيبة لارادة الليكود المتجددة، ولكن يمكن في هذه المناسبة ان يسرها التخلص من خريطة الطريق، التي برأي الكثيرين فيها هي وثيقة "مثقلة" و "معرقلة للسياقات" بسبب الشروط التي تطرح على الفلسطينيين. في مثل هذه الحالة فان نتنياهو، الذي لا يريد دولة فلسطينية على الاطلاق، سيضطر الى قبولها دون الشروط الهامة المضمونة اليوم لاسرائيل.