خبر الهواتف النقالة في أيدي المراهقين .. خطرٌ يهدد العلاقات الأسرية

الساعة 05:32 ص|18 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

تمكّن "محمد" بعد محاولات متكررة من إقناع والده بأن يشتري له هاتفاً نقالاً حديثاً كبقية زملائه في المدرسة، ولم يمض أسبوع على ذلك حتى هاتفه مدير المدرسة وطلب منه أن يحضر إلى المدرسة لأمر يتعلق بابنه.

 

ذهب أبو محمد في اليوم التالي إلى المدرسة ليفاجأ بأن أحد المعلمين رأى ابنه وهو يشاهد فيلماً إباحياً عبر هاتفه النقال، ومن ثمّ أرسله لعدد من الطلاب، وهو ما تكرر مع العديد منهم بعدما شاع اقتناء المراهقين لـ"الجوالات".. لفتنا النظر إلى هذه الظاهرة، لنوضح مخاطر استخدام المراهقين للهواتف النقالة، وأهمية مراقبة الوالدين لأبنائهم، والضوابط الشرعية التي تحكم استخدامها:

 

قصص من الواقع

 

أبو محمد "45" عاماً أب لخمسة من الأبناء ذوي الأعمار المتباعدة تحدّث عما حدث مع أحد أبنائه الذي لم يتجاوز الخامسة عشر، قائلاً:"منذ بضعة أشهر بدأ ابني خالد يطلب مني السماح له بشراء "جوال" فرفضت طلبه بشدة لعدم حاجته له، ولكني تراجعت عن ذلك بعدما وجدت أن أبناء أعمامه ممن هم أصغر منه سناً يمتلكون أحدث الجوالات، فسمحت له بشرائه، ولم يمضَ وقت على ذلك حتى بدأ يتراجع في تحصيله العلمي، وأصبح "الجوال" شغله الشاغل".

 

وأردف:"واتضح لي فيما بعد بأنه يستخدمه في أمور محرمة كالحديث إلى بعض الفتيات، فنصحته وأوضحت له مخاطر ذلك، وهددته بأنني سأحرمه منه إن لم يعود لما كان عليه قبل شرائه، فوعدني بأنه سيعود إلى صوابه، وراقبته والحمد لله لم يستخدمه في المحرمات بعد ذلك".

 

ولكن الأمر بدا مختلفاً لدى والد إحدى الفتيات ذات الرابعة عشر ربيعاً بعدما اكتشف علاقتها بأحد الشباب الذي يكبرها بما يقارب العشرة أعوام عبر الهاتف المحمول الذي قدمه والدها كهدية لها بعد شفائها من مرض أعياها طويلاً، وقال: "لم أتوقع في يوم ما أن تنزلق إحدى بناتي في علاقات غير مشروعة، وإن كانت لم تتعدَ الحديث معه عبر "الجوال"، بعدما حلت دون وقوع المزيد من المصائب لأنني علمت بأنه طلب منها الالتقاء بها خفاءً"، موضحاً أنه اكتشف أمر ابنته بسبب تغيّر تصرفاتها في المنزل، وانطوائها عن باقي أفراد العائلة، مما دعاه لعقابها، ومنعها من استخدام "الجوال" ومراقبتها.   

 

 هو ليس بحاجة لها

 

من جانبه، يرى د. داود حلس أستاذ التربية في الجامعة الإسلامية أن الكثير من المراهقين يحملون الهواتف النقالة دون أي سبب ،الأمر الذي يتسبب في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية.

 

وقال: "على الأهل ألا يعطوا هذه الهواتف للمراهقين لأنها ستتسبب بالكثير من المشاكل، وأهمها أنها ستعيق دراستهم، واستخدامها بمشاهدة الأفلام والصور الإباحية ومعاكسة الفتيات"، مؤكداً على أن خطر الهاتف أكثر من نفعه ولذلك لا يجب على المراهقين حمله.

 

فوائد تفسدها كثرة المخاطر

 

د.زياد مقداد عميد الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية، قال:"الأجهزة الحديثة كافة يمكن استخدامها استخداما نافعا وضاراً، والهاتف النقال من ضمن هذه الأجهزة التي تعتبر سلاحاً ذي حدين فهو يحافظ على الوقت، ويختصر المسافات وله العديد من الفوائد من جانب، كما أنه سلاح فتاك يعود على حامله بالضرر فيضيع وقته وماله ويوقعه في مستنقع المعصية من جانب آخر".

 

وأبدى امتعاضه من تنافس بعض الشباب المراهقين في  شراء أحدث الهواتف المحمولة دون سبب أو مصلحة حقيقية، مما يتسبب ذلك بإضاعة المال فيما لا ينفع، ويؤدي إلى بناء شخصيات غير سوية همها الأول إشباع الشهوة فيما حرم الله عز وجل، والنظر إلى الصور الخليعة، ومشاهدة الأفلام الإباحية ومعاكسة الفتيات أو تصوير ما لا يجوز لهم كتصوير الفتيات الأجنبيات".

 

كما يهددهم بالعديد من المخاطر، منها إيقاع الفتيات والشباب المراهقين في شرك الرذيلة من خلال نشر الأفلام الإباحية، أو معاكسة الشباب للفتيات وغيرها من المفاسد الأخلاقية المختلفة التي قد تتسبب في مشاكل اجتماعية ونزاعات عائلية، وفقاً للدكتور مقداد.

 

وبين أن احتفاظ المراهقين بالأغاني في هواتفهم المحمولة يجعلهم يستمعون دائماً إلى ما حرم الله مما يفسد الفطرة الإنسانية، فيصبح الواحد منهم عبداً لهذه الأغاني، محذراً من خطر استخدام الهواتف الحديثة في تصوير الفتيات.

 

الرقابة والضوابط الشرعية

 

وشدد على دور الأهل والمسئولين في رقابة أبنائهم خاصة المراهقين منهم، وضرورة أن يتفحص الوالدان محتويات الهاتف والصور والرسائل والأسماء الموجودة فيه ويسألا ابنهما عن كل صغيرة وكبيرة حتى لا يقع فيما حرم الله.

 

وعن الضوابط الشرعية لاستخدام الهاتف النقال تابع د. مقداد قائلاً: "الضوابط الشرعية تتمثل في ألا يقع المراهقون في المحظور، وألا يستخدموه إلا في أمور تعود عليهم بالنفع وعدم استخدامه في سماع أو النظر الحرام"، معتبراً أن استخدام المراهقين للهواتف المحمولة ليس بالأمر الضروري.

 

وبين المحاضر في كلية الشريعة والقانون أن الضابط العام والأهم أن يراعي الإنسان في استخدامه للهاتف النقال حق الله وحق المجتمع ويستخدمه بما يتوافق مع أصول الشريعة الإسلامية، ويبتعد عما يخالف نصوصها الواضحة التي تحرم النظر إلى العورات.