خبر « التفريق ».. هل هو المخرج الشرعي الوحيد لزواج أخوة الرضاع؟!

الساعة 12:52 م|15 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

عادت (أم علي) إلى قطاع غزة بعد غياب استغرق أكثر من ثلاثة عقود أمضتها في الغربة.. من تركتهم صغاراً أضحوا في منتصف العمر، ومنهم من غدا جداً مثل (منى ومحمد) وهي أسماء مستعارة لأبطال قصتنا حفاظاً على خصوصية الموقف.

 

(منى ومحمد) تزوجا وأنجبا خمساً من الأبناء والبنات، بل وأصبحا جدين خلال تلك العقود الثلاثة، بعد زواج ابنتهما الكبرى( أمل) وإنجابها.. وفي جلسة سمر مع الأهل والأحبة، أخذت (أم علي) تجتر ذكريات الماضي وتسأل عمن كانوا أطفالاً.. حينما غادرت الديار، لتفاجأ بنبأ زواج ( منى ومحمد)....

 

الفتوى تحظر

 

لم تكتم (أم علي) دهشتها، وقالت:"هذا الزواج باطل.. كيف يتزوج محمد من أخته بالرضاعة..!!".. هذان الزوجان اللذان أرضعَتهما بنفسها أخوان بالرضاعة!.

 

النبأ حل كالكارثة على ( منى ومحمد) وأبنائهما وأسرتهما، وأصبح من المحال استمرار الحياة بينهما بعد وقوع المخالفة الشرعية التي تحرم زواج إخوة الرضاع، وبعدما اتجه محمد لأحد شيوخ الفتوى، الذي أخبره بأنه:" عليك بفراقها فزواجكما باطل".

 

الفراق تم، ومحمد تزوج بأخرى.. أما منى فآثرت أن تعيش ما تبقى لها من عمر بجوار أبنائها، سيّما وأن بعضهم صغار وبحاجة إلى رعاية، وهكذا تم الفصل بين الزوجين.

 

هذه الحالة ليست الأولى؛ بل هناك عشرات الحالات المماثلة والتي حدثت في قطاع غزة، ومنها ما آل إلى طلاق بعد زواج دام 12 عاماً، أنجب خلاله الزوجان 7 أبناء، ولم يكتشفا أنهما أخوة الرضاعة إلا بعد إعاقة إحدى بناتهم والتي أكد الطب أن مرضها وراثي، مما أحيا ذاكرة الجدة، لتعلن أن الزوج هو خال الزوجة، باعتباره أخاً لوالدتها بالرضاعة، ليتم الطلاق بينهما بحكم المفتي، ويتزوج كلا الزوجين، ويبقى الأبناء السبعة يعانون تشتتا لا ذنب لهم فيه..!!

 

وفي حادثة أخرى، فقد أقدم أحد الغزيّين المقيمين في المملكة الأردنية الهاشمية على قتل نفسه بآلة زراعية حادّة بعدما تفاجأ بأن زوجته أم أولاده الأربعة والتي قضى معها أجمل سني عمره، وتمنى أن يموتا سوياً، هي أخته في الرضاعة، فكانت القشّة التي قصمت ظهر البعير، وشتّتت حياة ستة أفراد.      

 

عقدٌ فاسد

 

وبدوره يرى د.يونس الأسطل عضو رابطة علماء فلسطين، أنه وبمجرد اكتشاف الزوجين بأن بينهما رضاعاً، يجب فسخ عقد النكاح، مؤكداً أنه لا يسمى طلاقاً لأن الطلاق ُيحدثه الرجل بإرادة منفردة .

 

وأوضح في حديث مع أن فسخ عقد النكاح هنا واجب، لبيان فساد العقد بوقوع الرضاع، وبالتالي ينبغي إنهاؤه فوراً، ولذلك هو فسخ لا طلاق، مشيراً إلى أنه مهما طالت مدة الزواج، في الوقت الذي يتبين فيه حدوث الرضاع بواقع خمس رضعات ثابتات، يجب فسخ عقد النكاح.

 

وأكد الأسطل أن فسخ عقد النكاح بين إخوة الرضاع، لا يطعن في نسب الأولاد بتاتاً، لأن نسبهم تم يوم كان الزواج صحيحاً في الظاهر، وميراثهم صحيح ولا إشكال في ذلك، مبيناً أن  الفسخ ينهي الحياة الزوجية بين الاثنين فقط.

 

ماذا عن الأبناء؟

 

وحول مصير الأبناء، قال:" يبقون في حضانة أمهم حتى سن معين وهذا حقها، ورعايتها لهم تكون أفضل من رعاية الأيتام لأن الأم موجودة"، لكن إذا تزوجت فتنتقل الحضانة إلى الأب، مشدداً على أن استمرار زواج أخوة الرضاع محظور، لأن القرابة التي تربطهم ببعض محرِمة للزواج تحريماً أبدياً، يقتضي التفريق بينهما فوراً خاصة وأن الزواج قد أزال التكليف الموجود بين الأرحام.

 

ونصح نساء المسلمين بعدم اللجوء إلى الإرضاع لغير أبنائهم قائلاً:" لم يعد في هذا الزمان حاجة إلى الرضاع حتى للضرورة، وذلك من خلال استخدام الحليب الاصطناعي"، مشترطاً في حال وقع الرضاع أن يتم الإشهاد عليه وتسجيله ليكون حائلاً دون وقوع أمر كهذا.