خبر عناق للوريث -هآرتس

الساعة 10:58 ص|13 مايو 2009

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: مبارك يعتبر زيارته القادمة لواشنطن تاريخية ويسعى لتقديم ابنه ووارثه جمال لاوباما - المصدر).

ان اظهرت انفلونزا الخنازير علامات التراجع، فسيزور الرئيس المصري حسني مبارك واشنطن في الشهر القادم. هذه لن تكون زيارة عادية. مبارك ابتعد عن العاصمة الامريكية طوال ست سنوات، ردا على ما اسماه "السياسة الامريكية المعادية لمصر" التي اتبعها الرئيس السابق جورج بوش.

مبارك لم يقصد في ذلك تكاسل وتقاعس بوش السياسي في كل ما يتعلق بعملية السلام فقط ولا لاحتلاله للعراق ، وانما بالاساس للضغط الفظ الذي مارسته واشنطن بصدد حقوق الانسان في مصر والموقف من الطائفة القبطية الكبيرة. هذا التدخل تمخض عن تقليص 200 مليون دولار من المساعدات الامريكية المقدمة لمصر.  مع انتخابه للرئاسة اتصل، براك اوباما بمبارك ودعاه شخصيا لزيارة واشنطن من اجل فتح صفحة جديدة في العلاقات. مستشارو مبارك ووزير الخارجية احمد ابو الغيط وابنه جمال يعكفون منذئذ على الاعداد المحموم لتلك الزيارة. جمال مبارك التقى هو الاخر في الشهر الماضي برؤساء اللجنة اليهودية الامريكية من اجل توضيح سياسة مصر في الولايات المتحدة.

هناك امور كثيرة ملحة سيسعى مبارك لطرحها خلال ذلك اللقاء. اولها، هو التهديد الايراني والمقصود ليس فقط القدرة النووية. مصر تخشى من ترسيخ مكانة ايران في المحيط العربي في ظل مساعي اوباما لفتح حوار معها، الامر الذي يوجه رياح دافعة لهذا الاتجاه. في الاسبوع الماضي سمعت عدة اصوات جديدة من مصر بصدد ايران. ابو الغيط مثلا اوضح بان مصر لا تعارض الحوار الامريكي مع ايران وانه يعتقد بوجوب التعاون معها في القضايا الدولية. مع ذلك اضاف وزير الخارجية بان "مصر لن تسمح للدول الاجنبية مثل ايران بالتدخل بالشؤون الداخلية وتهديد أمنها والسيطرة على المحيط العربي". مبارك سيرغب في ان يسمع من اوباما توضيحات حول سياسته نحو ايران وان يضمن له بانه ليس هناك تغير في السياسة تجاه الدول العربية.

بامكان مبارك ان يكون راضيا على الاقل في قضية واحدة: اوباما سيلقي خطابا تاريخيا للمسلمين والعرب خلال زيارته القادمة لمصر في مطلع حزيران، كامتداد لندائه التصالحي مع العالم الاسلامي الذي صدر عنه في انقرة في الشهر الماضي. بصورة استثنائية وبعد زيارة القاهرة لن يأتي اوباما لاسرائيل وانما سيواصل طريقه نحو معسكر الاعتقال النازي في بوخنفالد ومن هناك الى نورماندي احتفالا بالذكرى 65 لذلك الهجوم.

مبارك يجري مشاوراته مع القادة العرب قبيل زيارته لواشنطن ومن بينهم عباس وعبدلله ملك الاردن وملك السعودية لدراسة امكانية اقتراح صيغة محسنة للمبادرة العربية. بعض التلميحات حول ذلك التغيير في صيغة المبادرة نشرت في الايام الاخيرة في وسائل الاعلام العربية، الا ان سوريا اوضحت انها ستعارض اي تغيير، فهل هناك امكانية لصيغة جديدة في ظل الموقف السوري؟ "اسرائيل ستنتظر لسماع ما سيقوله بنيامين نتنياهو في واشنطن وبعد ذلك ستدرس مفاوضات المصالحة بين الفلسطينيين التي ستستأنف في الاسبوع القادم حينئذ ستقرر ان كان هناك اساسا لاقتراح بادرة جديدة" يقول باحث بارز في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية.

ولكن عدا عن القضايا السياسية الثقيلة سيسعى مبارك الى تقديم ابنه جمال لاوباما. هو لن يقول صراحة بانه سيكون خليفته في الحكم لان ذلك سيؤدي على الفور الى اندلاع مظاهرات عاصفة في مصر، ولكنه سيرغب في معرفة موقف الادارة الامريكية من ابنه.

جمال مبارك يمسك بزمام عدة مهام متزايدة خلال العامين الاخيرين. هو يتبوأ المنصب الرفيع كنائب للامين العام للحزب الوطني الحاكم وهو يترأس لجنة التخطيط السياسي في الحزب، وفي الشهر الماضي كان على رأس وفد مصري للولايات المتحدة وهو يشارك في بلورة السياسة الاقتصادية في مصر. سيكون كافيا ان عانق اوباما جمال بحركته المعتادة ونشرت صورة الاثنين في مصر من اجل التلميح للجمهور بموقف الادارة من الوريث القادم.

تسريب غير نووي بقايا اليورانيوم المخصب الموجودة في مصر تغيظ السلطات هناك ليس بسبب الاكتشاف وانما بسبب التسريب تحديدا. من الذي كانت لديه مصلحة لتسريب هذه الفقرة في تقرير وكالة الطاقة الدولية السري؟ يتساءل المصريون. مصر اعطت توضيحاتها للجنة واللجنة قالت بدورها بان اثار اليورانيوم لا تشير الى وجود نشاط نووي. ولكن مثل هذا التقرير لا يساعد دولة تدير حملة لمنع نشر السلاح النووي وتطالب اسرائيل بان تدخل في خطة نزع هذا السلاح.

مصر التي تمتلك مفاعلين تجريبيين صغيرين، قررت مؤخرا فقط بانها تريد دراسة امكانية اقامة مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء، ولكن الاستثمارات الكبيرة تخيفها على ما يبدو. في الاسبوع الماضي اعلمت الشركة الامريكية ديكتال بانها تعتبرها من الان غير مرشحة لدراسة احتمالية اقامة مثل هذه المفاعلات، وهي تدرس امكانية نقل العقد لشركة استرالية. مصر تدعي ان ديكتال التي فازت بالعطاء في العام الماضي لم تلتزم بتعليمات القانون المصري. ولكن يبدو ان السبب الاساسي للبيان هو ان مصر ما زالت غير حاسمة لامرها بصدد المشروع كله.

ثلاث سنوات مرت منذ ان اعلنت مصر عن خطتها لبناء مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء، ووفقا للوتيرة الحالية – يبدو ان مدة طويلة ستمر الى ان يبنى مثل هذا المفاعل. لا غرابة اذا ان نجاح ايران بانتاج اليورانيوم المخصب يدخل مصر في هزة. ليست الذرة الايرانية بحد ذاتها هي التي تغيظها بل قدرة دولة خاضعة للعقوبات بانتاج مثل هذه التكنولوجيا بينما لا تنجح هي في اجتياز العتبة التكنولوجية وهذا امر يمس كثيرا بمكانتها الاعتبارية.