بعد 35 عاماً من انطلاقتها

مفكر لبناني: "الجهاد الإسلامي" فرضت نفسها كفصيلاً أساسياً و"وحدة الساحات" أثبتت ذلك

الساعة 06:10 م|02 أكتوبر 2022

فلسطين اليوم

فلسطين اليوم – فادي العمارين

-انطلاقة الجهاد الإسلامي كانت إعلان لبداية مشروع إعادة احياء فكرة المقاومة

- بعد35عاماً..يحسب للجهاد الإسلامي ثباتها على المبادئ رغم ما تتعرض له

-ما قدمته الجهاد في 35عاماً جعلها رقماً صعباً ومعركة "وحدة الساحات" أثبتت ذلك

- معركة "وحدة الساحات" كانت محطة فاصلة في تاريخ الحركة

أكد المفكر اللبناني وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية في بيروت د. طلال عتريسي، أن انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي قبل 35 عاماً كانت إعلاناً لبداية مشروع إعادة إحياء فكرة المقاومة الفلسطينية من وجهة نظر إسلامية واعتقادية ودينية وجذرية تتجاوز بها كافة الطروحات السابقة للقضية الفلسطينية وأبرزها بالقبول الفلسطيني في إقامة دولتين فلسطينية و"إسرائيلية".

وقال د. طلال عتريسي في حديث لـ"مراسل وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، بمناسبة الذكرى الـ35 عاماً لانطلاقة حركة الجهاد الإسلامي :"إن البيئة التي أحاطت بنشأة وإعلان انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي قبل 35 عاماً والتي سيطر عليها طابع التراجع في فكرة العمل المقاوم لدى التيار العام الفلسطيني والعربي والمتساوق مع الإعلان "الإسرائيلي" بقضائه التام على فكرة المقاومة؛ كان إعلاناً قوياً وجريء استطاعت من خلاله إعادة الطروحات الوطنية الفلسطينية المقاومة لمكانها بأن فلسطين كاملة ولا يمكن لأحد مشاركة الفلسطينيين فيها، خاصة وأن التيار المقاوم آنذاك تعرض لتجاذبات قوية سواء من خلال أنظمة عربية أو من خلال الداخل الفلسطيني الذي روج لأفكار عديدة أبرزها أن المقاومة لم يعد لديها القدرة على مواصلة طريق التحرير الكامل وأن لا مانع لفكرة التعايش مع الاحتلال".

فصيل أساسي

وبين أن انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي قبل 35 عاماً، عززت وأضافت قوة وروح جديدة لفكرة أن فلسطين كاملة ويجب تحريريها من البحر إلى النهر ، فضلاً عن مقاومتها لكافة الأفكار التي تنادي بالقبول والاعتراف بالاحتلال وفكرة إقامة دولة له على الأرض الفلسطينية، كما كانت انطلاقة الجهاد نقطة تحول في ترتيب وإعادة الأولوية للأفكار الفلسطينية الأساسية التي انطلقت منها حركة المقاومة الفلسطينية بأن الاحتلال لا حوار معها غير حوار المقاومة والجهاد.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية في بيروت د. طلال عتريسي إلى أن، حركة الجهاد الإسلامي بعد 35 عاماً من انطلاقتها ورغم وجود فصائل أخرى أكبر منها بعدد السنين، إلا أنها استطاعت فرض نفسها كفصيلاً أساسياً لا يمكن لأحد تجاوزه أو تجاهله في الساحة الفلسطينية والساحات الأخرى لأسباب عدة " التزامها التام بالثوابت التي انطلقت لأجلها والتي لم تتراجع عنها رغم الظروف المحيطة بها وبالقضية الفلسطينية بخلاف غيرها من الفصائل، والتي واكبتها الحركة على مدار الأعوام الماضية، كفكرة المشاركة في الانتخابات ورفضها للفكرة تحت الاحتلال "الإسرائيلي"، بالإضافة لرفضها لكافة المشاريع الوسطية بقبول حل الدولتين والموافقة على دولة فلسطينية على حدود 67، أو إمكانية الموافقة على وقف للعمليات لعدة سنوات، الأمر الذي عزز مصداقية الحركة وصولاً بها لفصيل فلسطيني مقاوم لا يمكن العبور عنه مهما كانت الظروف.

وأوضح أن الالتزام التام من الجهاد الإسلامي بثوابتها، عرضها لمحاولات كثيرة من قبل العدو "الإسرائيلي" للقضاء عليها أو إضعافها، ودائما ما كنت تفشلها الحركة بعد كل مواجهة بإعادة تطوير قدراتها بشكل متواصل واغتنام كافة الفرص المتاحة للتدريب والإعداد، ومعركة "وحدة الساحات" خير دليل لذلك والتي أظهرت قوة واستعداد الجهاد وجناحها العسكري في الدفاع على الشعب الفلسطيني رغم اغتيال ثلة من قادتها على مستوى الصف الأول "الجعبري ومنصور" إلا أنها سجلت حضورها أثناء المعركة.

ولفت د. طلال عتريسي إلى أن التضحيات التي قدمتها على مدار تاريخها والثوابت التي حافظت عليها، أتاحت لحركة الجهاد أن تبقي وتثبت وتستمر وتتطور خاصة وأن الجهاد لم تتوقف عن ممارسة الاشتباك مع العدو وعن تقديم الشهداء وعن توسيع دائرة الاشتباك لتشمل كافة الساحات الفلسطينية، فضلاً عن ذلك حافظت على علاقة إيجابية مع باقي الفصائل الفلسطينية على الساحة الفلسطينية، كذلك مع دول الجوار رغم تباين السياسات والأحداث التي تدور في هذه الدول

 

"فلسطين موحدة"

وأوضح أن معركة "وحدة الساحات" التي خاضتها الجهاد الإسلامي مؤخراً استطاعت من خلالها إفشال مخططات الاحتلال في الاستفراد بساحة الضفة دون تدخل غزة، لذلك ردت الجهاد على كل هذه المحاولات باسم "وحدة الساحات" لتبعث برسالة بأن الضفة جزء من الساحة الفلسطينية وساحات المقاومة الأخرى، وأن ساحة الضفة كساحة غزة والداخل المحتل وغيرها من الساحات الفلسطينية، ولا يمكن السكوت على جرائمه وعدوانه فيها.

وبين طلال عتريسي، أن حركة الجهاد الإسلامي يحسب لها أنها خرجت من هذه المعركة "وحدة الساحات" أكثر قوة وصلابة رغم قيادتها لساحة المعركة وحيدة، رغم محاولة العدو الاستفراد بها وعزلها عن باقي فصائل المقاومة الفلسطينية على الساحة الفلسطينية وساحات محور المقاومة، وما يؤكد ذلك وجودها الحاضر والدائم في طليعة فصائل المقاومة في داخل فلسطين، بالإضافة إلى ما تسير عليه كتائبها في مدن الضفة الغربية وكتيبة نابلس وجنين عنواناً لذلك.

وأكد أن التوسع في عمل ونشاط الجهاد الإسلامي تحديداً في مدن الضفة الغربية التي تعتبر نقطة ضعف العدو "الإسرائيلي" وليس غزة الذي يعتبرها العدو منطقة معزولة محاصرة يتعامل معها من حين إلى آخر وفق ضربات وقائية "حروب"، جاء نتاج واضح لمعركة وحدة الساحات ومعركة سيف القدس والتي أثبتت فيها الجهاد أن فكرة مقاومة العدو ليست مقتصرة على ساحة وإنما قتال العدو يكون حينما يكون في "كافة الساحات".

وأوضح أن الجهاد الإسلامي وصلت لمرحلة متقدمة في الصراع مع العدو بفكرة استنزافه ومشاغلته دائما، وساحة الضفة ومدنها يؤكد فعالية الصمود والرهان الاستراتيجي فيها، بمواصلة العمل الدؤوب فيها رغم ما تواجهه من سلطة حكم فلسطينية تنسق وتطبع وتحارب فكرة المقاومة، عززته بإعلان تشكيل كتائب "سرايا القدس" التي أصبحت عملياتها كابوساً يربك العدو ومستوطنيه، جعلت % من الإسرائيليين يفكرون في الهجرة بسبب عمليات المقاومة التي زادت حدتها في الأشهر السابقة بفعل إعادة فكرة المقاومة داخل المدن الفلسطينية في الضفة والتي جاءت بدايتها بكتيبة جنين بوابة الجهاد الإسلامي وفق التقارير والإحصائيات "الإسرائيلية".

قيادة ثابتة

وعلى صعيد قيادتها وما يميزها خلال 35 عاماً، بين المفكر اللبناني، أن القيادة المتتابعة لحركة الجهاد الإسلامي كانت متواصلة ومحافظة على فكر الحركة والأسس التي وضعها الأمين العام الراحل الدكتور فتحي الشقاقي، والتي عززها الدكتور الشهيد رمضان شلح ومن بعده القائد زياد النخالة، والتي ترسمت بالحفاظ على بناء شبكة تحالفات واسعة مع العالم العربي والإسلامي وعدم الانخراط في المشكلات الداخلية سواء الفلسطينية أو العربية، واعتبار أن قتال العدو هو الأولوية الرئيسية والوحيدة ولا يجب أن تنشغل المقاومة في أي أولوية أخرى، وأن قتال العدو هو الذي يوحد الشعب الفلسطيني ويوحد العرب والمسلمين خلفه.

ولفت إلى أن قيادة الحركة الحالية، حافظت على ثوابت الجهاد الإسلامي وفكر الشقاقي، كون من يقودها هو المجاهد زياد النخالة رفيق هذه التجربة وابنها، لهذا استطاع الحفاظ على الأثر الذي تركه الشقاقي من جهة، والتعامل مع الصعوبات والظروف والتعقيدات التي واجهت الحركة ومشروعها القائم على مقاومة العدو، رغم الظروف التي تعيشها المنطقة ككل، مع المحافظة على استقلالية حركة الجهاد الإسلامي من جهة أخرى.

وفي ملف الأسرى، بين د. طلال عتريسي، أن حركة الجهاد الإسلامي أثبتت أنها تمتلك القدرة على القتال في ملف الأسرى ومواجهة العدو، بعدم تقديم أي تنازل وبالثبات على موقفها ومطالب الأسرى، لأن الجهاد الإسلامي لديه عقيدة ثابتة أنه "صاحب الحق قوى" لا يمكن هزيمته لذلك العدو "الإسرائيلي" في كل معارك أسرى الجهاد داخل السجون كان يرضخ ويستجيب لمطالبهم.

الجهاد بعد 35عاماً

وفيما يتعلق بمستقبل الحركة، رأي  المفكر اللبناني عتريسي، أن حركة الجهاد الإسلامي بعد 35 عاماً من الجهاد والمقاومة ستبقي بحسب كل المعطيات متمسكة بثوابتها الوطنية وسيكون طريقها محاطاً بمزيد من الثبات ومزيد من القوة على مواجهة العدو الذي أحدثت معركة "وحدة الساحات" تغيير في العقلية "الإسرائيلية" المبرمجة على كيفية التعامل مع الجهاد الإسلامي خاصة وأن المعركة ظهرت بها الحركة  على عكس توقعات العدو.

كما رأى أن الجهاد الإسلامي بعد 35 عاماً ستتعزز مكانتها أكثر فأكثر على الساحة الفلسطينية والعربية، خاصة لامتلكها علاقات قوية راسخة مع دول الجوار "إيران وسوريا وروسيا" بالإضافة لحوارها المفتوح مع دولة مصر، إلى جانب ذلك استغلالها لكافة الفرص والمشاريع التي تطور من قدراتها وطبيعية عملها أمام العدو.

كلمات دلالية