سهم المقاومة خرج من قوسه ولن يعود 

الساعة 09:12 ص|17 سبتمبر 2022

فلسطين اليوم | ياسر عرفات الخواجا

بقلم/ياسر عرفات الخواجا

إن سهم عمليتى  الجلمة والخليل (كرمئيل)  يشير نحو التقدم فى العمل النوعي المقاوم، وكان من أهم ما يميزه عنصر المفاجأة واختيار الأهداف بدقة وعناية، وهذا الأمر له أهمية قصوى من الناحية العسكرية التي من شأنها أن تؤثر على الحالة الأمنية والمعنوية للجيش والمستوطنين.

وقد تمثل ذلك بإيقاع قدر من الخسائر فى صفوف العدو من الناحية العسكرية، اذا إن اختيار الأوقات المناسبة وأماكن الاستهداف لعمليات المقاومة هو من يجعل العدو فى حالة أمنية وعسكرية متخبطة ومرتبكة، وهذا يدفع دولة الاحتلال إلى المزيد من الفشل فى عملية السيطرة  والسعي الحثيث لإطفاء نار ولهيب المقاومة فى الضفة الغربية، والتي اشتد عودها وامتدت إلى كل المدن والقرى الفلسطينية فى الضفة الغربية، وإن هذا التدحرج السريع جاء نتيجة هذا التنامي لطبيعة العمل المقاوم؛ لذلك فإن الاحتلال قد وصل إلى نتيجة مفادها أن عملياته المستمرة المستنزفة لقدرات المقاومة ومحاولة القضاء عليها قد فشلت فشلا ذريعاً، وذلك بعد أن استنفذ كل جهده وقدراته الأمنية والعسكرية فى سبيل كسر أجنحة المقاومة وإعادة حالة الهدوء كما يسميها.

وفى مقابل ذلك، تزداد المقاومة تمددًا وخبرة واستعدادًا أكثر لمواصلة العمل المقاوم الذى أظهر  شراسة وجرأة عالية المستوى فى  مواجهة العدو الصهيوني، حتى أضحت انتفاضة مسلحة بكل ما تحمل الكلمة من معنى عسكري وأمني، وبات أصحاب القرار فى حكومة الاحتلال قلقين وحائرين أمام هذه الظاهرة المقاومة المتنامية، ولا يملكون أمام ذلك سوى الاستمرار بإغراق جيشهم فى دائرة عمليتي الفشل واللا جدوى (جز العشب-كاسر الأمواج).

أمام ذلك وحسب معرفتنا  بعنجهية الاحتلال وعقليته المتغطرسة فأنه لن يسلم بالأمر الواقع، وسيلجأ إلى أساليب أكثر ضراوة، وسيزيد من استخدام القوة العسكرية فى مواجهة التحديات المفروضة عليه فى الضفة الغربية، والتي خرجت عن سيطرته.

وفى المقابل فإن اقتراب الانتخابات البرلمانية والأعياد والطقوس لدى المستوطنين هو الموسم الأمثل لتوقيت العمليات الاستشهادية، فكل هذا وغيره يحتاج إلى جهود أمنية مضاعفة، وأعتقد أن الاعباء والحسابات  والأثقال الأمنية أصبحت تزداد بشكل ملحوظ فى أجندة قادته مؤخراً، الأمر الذي ربما يدفع بالعدو وقيادته نحو التحرك لشن عملية عسكرية أوسع؛ لتجاوز حالة الفشل التي مُني بها أمام استمرار وتقدم المقاومة عسكرياً على الأرض والخسائر النوعية التي بات يحصيها فى صفوفه يومياً.

لا شك التصريحات الأخيرة لقادة الاحتلال عبر وسائل الإعلام العبري التي تهدد بعملية أوسع على غرار السور الواقي تؤكد بأن العمليات القائمة للاحتلال في مناطق الضفة غير مجدية، وغير مؤثرة بشكل جوهري وأساسي على حالة المقاومة، وبالتالي يعد هذا اعترافًا ضمني بفشل العمليات القائمة فى الضفة الغربية؛ لذلك قد يصل الأمر به إلى الدخول إلى مناطق فى الضفة الغربية يعتبرها مصدرًا للهيب وباعثًا على المقاومة متجاوزًا بذلك السلطة (وسيادتها) تحت الذرائع والدوافع الأمنية.

إذا نحن أمام تطور مهم فى المواجهة على صعيد الضفة الغربية، حيث يقدِّر الاحتلال بأن أشكال المقاومة المتطورة والمتعددة ترجع في دوافعها لعدة أمور: منها ما هو دافعه تنظيمي، ومنها ما هو فردي، مما يوحي بأن الأمر أصبح ظاهرة آخذة فى النمو فى الإعداد والعدة والتخطيط الجيد على صعيد اختيار الأهداف والضربات بعناية.

لقد جرب الاحتلال القوة المفرطة في استنزاف قدرات المقاومة منذ مطلع العام الحالي، وذلك بعملية  (جز العشب وكاسر الأمواج)، وربما تتدحرج كرة اللهب إلى عملية أوسع وأشمل جغرافيا فى ملاحقة أهداف المقاومين، لكنه قبل أن يفكر بالقيام بها عليه أولاً التركيز على بعض النقاط المهمة، وهي: 

الحاجة لبنك أهداف وقوة أمنية وعسكرية كبيرة، بالإضافة إلى مسيرات للمراقبة والتجسس.

الحاجة إلى خارطة سير غير محفوفة بالمخاطر العسكرية.

تجاوز كل كمائن المقاتلين التي قد تواجه الجيش أثناء العملية.

ضمان عدم وقوع خسائر مكلفة له.

والسؤال الكبير: هل ستنجح استراتيجية الاحتلال الجديدة  (العملية الموسعة) فى القضاء على المقاومة؟.

الجواب: أعتقد أنه سيفشل فشلاً ذريعًا، وذلك راجع لعدة أمور:

الحالة الجماهيرية والالتفاف الشعبي الذى حازت عليه المقاومة فى الضفة الغربية يعنى أن هناك قناعة واضحة بهذا الخيار رغم حالة الاستنزاف اليومية.

إن المقاومة اليوم تأخذ عدة أشكال:  فمنها ما هو منظم، ومنها ما هو فردي، وبالتالي هذا يصعب من العملية الأمنية فى التنبؤ و معرفة الأهداف؛ لذلك يجد الاحتلال نفسه فى هذه المواجهة ضد شعب بأكمله.

النشاط الجماهيري والشعبي الذى سيندلع فى حال وقوع العملية الموسعة، الامر الذي ينذر بغياب صورة للهدوء والاستقرار لفترة طويلة على طول مساحة الصفة الغربية، وهذا ما يخشاه الاحتلال دومًا.

  حالة التضامن فى القدس والداخل الفلسطيني ككل.

والأهم من ذلك كله استبسال المقاومين والمقاتلين وقدرتهم على الصمود والقتال حتى النفس الأخير عند المواجهة.

كل هذه المعطيات في الشكل والمضمون توحي بانتفاضة ثالثة قد تنفجر، وبالتالي كل هذه السيناريوهات واردة وقابلة للحدوث، وربما تنفجر الأمور قريباً وتخرج عن السيطرة فى ظل الإمعان بالعدوان والإجرام المتواصل فى القتل وهدم البيوت والاقتحامات اليومية للأقصى والمقدسات والعمل على تهويدها، وكذلك عمليات القتل الممنهجة من قبل الشاباك الصهيوني فى الداخل المحتل تحت ذريعة خلافات عائلية.

كلمات دلالية