خبر معاناة الأسر المشردة تتواصل مع تفاقم أزمة شقق الإيجار بالقطاع

الساعة 05:43 ص|09 مايو 2009

فلسطين اليوم-غزة

لم يجد المواطن ياسر ارميلات (29 عاماً) إلا منزل أهل زوجته كي يلوذ به، بعدما عجز عن إيجاد شقة سكنية للإيجار طوال الأشهر الأربعة الماضية، بعدما سوَّت جرافات الاحتلال منزله الواقع شرق محافظة رفح بالأرض، خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

وكانت مشاريع عديدة تم تداول الحديث عنها لإنهاء مشكلة السكن والإعمار في غزة، كان آخرها الحديث عن بيوت من الطين، إلا أن مشكلة السكن لا تزال قائمة تفرض المزيد من المعاناة المادية والنفسية والمعنوية على الأسر التي خسرت بيوتها وتشتت أفرادها، نتيجة الحرب وتداعياتها.

وأرجع ارميلات صعوبة إيجاد شقة سكنية للإيجار لأسباب مختلفة، أهمها تزايد عدد الأسر التي فقدت بيوتها خلال الحرب، وبالتالي إقبالها على استئجار الشقق، إضافة إلى تضاعف إيجاراتها، في ظل عدم البدء بتنفيذ خطة إعمار قطاع غزة وانعدام مواد البناء التي يعجز المواطنون بسببها عن بناء منازل جديدة أو ترميمها.

وأوضح ارميلات أن ارتفاع إيجارات الشقق السكنية وتضاعفها بعد الحرب حرم ذوي الدخل المحدود من استئجار أية شقة كبديلٍ مؤقتٍ عن منازلهم المدمرة، ما اضطرهم للعيش في ظروف صعبة للغاية، منوهاً إلى أن المبلغ الذي استلمه لم يكف لشراء ملابس ومستلزمات منزلية بدلاً من تلك التي التهمتها الحرب.

وقال بتذمر "لا أملك سوى راتب بسيط لا أستطيع تدبير أموري به، لهذا لا أملك سوى العيش في بيت أهل زوجتي وانتظار مساعدات تموينية من جمعيات أو من فاعلي الخير".

ورغم كل ذلك لا يكف ارميلات عن السؤال عن بيت للإيجار يتناسب مع وضعه المادي البسيط.

وكانت آلاف الأسر شردت وباتت بلا مأوى بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، ما خلق أزمة كبيرة في السكن وخاصة شقق الإيجار، التي كان إيجارها يتراوح ما بين 100 و200 دولار، إلا أنه ارتفع بعد الحرب ليبدأ من 150 دولاراً ويصل إلى 350 دولاراً أو أكثر للشقة غير المفروشة، بسبب جشع المالكين وقلة الشقق وزيادة الطلب.

وقال توفيق أبو جندي (40 عاماً) إنه بحث جاهداً عن شقة أو منزل يؤويه وأبناءه السبعة بعد أن دمرت الطائرات الإسرائيلية منزله خلال الحرب الأخيرة، لكنه تفاجأ بارتفاع إيجارات الشقق وزيادة الإقبال عليها، ما فاقم من مشكلته وجعله يشعر بالعجز أمام أطفاله.

وأوضح أبو جندي أنه استأجر أخيراً منزلاً بمبلغ 300 شيكل شهرياً، مشيراً إلى أن سقف البيت الذي استأجره وعائلته من الأسبست الذي تنتشر الثقوب في ألواحه، وتسمح بتسرب مياه الأمطار إلى الغرف.

وبين أن هذا النوع من المنازل غير محكم الإغلاق، ويظل قاطنوه عرضة للإصابة بنزلات البرد، ويحتاج إلى الكثير من الترميم والتعديلات في المطبخ والغرف، مشيراً إلى أنه استغل المساعدات المادية التي حصل عليها في ترميم المنزل ليتمكن من السكن فيه بدلاً من التشرد.

وكانت بعض الجهات الوسيطة دفعت مبلغ 100 دولار شهرياً عبر الجهات المانحة لكل عائلة دمر منزلها لتتمكن من استئجار شقق سكنية، ما زاد الطلب على استئجار الشقق بشكل غير مسبوق، لدرجة أن الكثير من العائلات التي دمرت منازلها لم تجد شققاً للإيجار، كما لم يسعف المبلغ الممنوح آخرين لاستئجار شقق.

ولم يكن حال المواطن ماجد اشتيوي (29 عاما) أفضل من سابقيه، فمنذ انتهاء الحرب الأخيرة وهو يواصل البحث عن شقة سكنية، لكنه فشل في العثور على مراده، لأن كافة المنازل مستأجرة من قبل المواطنين.

وأشار اشتيوي إلى أنه يحاول البحث عن شقة بسعر معقول إلا أنه يفاجأ بالأسعار التي تعرض عليه، موضحاً أن الأسعار التي تطلب منه تتراوح ما بين 200 دولار و400 دولار، مؤكداً أنها أسعار باهظة، ولا يمكنه الاستئجار بها في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها.

وأوضح عبد الرازق الترابين (35 عاماً) أنه حاول جاهداً العثور على شقة للإيجار بثمن معقول سواء في المخيم أو المدينة، مشيراً إلى أن الشقة السكنية المكونة من ثلاث غرف وكانت تستأجر بـ 120 دولاراً في الشهر لا يمكن استئجارها حالياً بأقل من 250 دولاراً.

ويؤكد عبد الرازق أنه غير مستعد لدفع أكثر من 100 دولار للمنزل، لأن راتبه لا يتعدى 1300 شيكل، مشيراً إلى أنه مضطر للبقاء في بيت أخيه حتى يتمكن من الحصول على منزل بإيجار مناسب.

وأوضح د. معين رجب، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزة أن تجارة الشقق مثلها مثل أي سلعة في السوق محكومة بالعرض والطلب، لكن الشقق المؤجرة يتم تأجيرها حسب السوق، وحسب تكلفة البناء، وحسب التوسع بالمباني.

وقال في تصريحات إعلامية أنه لوحظ خلال الحرب وبعدها ارتفاع أسعار هذه الشقق، بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد الذي فرض حظراً على مواد البناء، ما أدى إلى نقص المعروض من الشقق ومن ثم قيام أصحاب الشقق المتوفرة برفع أسعار شققهم حتى المؤجرة منها، لافتاً إلى أن حاجة المواطن لهذه الشقق جعلته لا يمانع في دفع ما يطلبه المالك وذلك لحاجته لها بسبب الزواج أو هدم الاحتلال لمنزله.

ودعا رجب الجهات الرسمية إلى متابعة موضوع ارتفاع أسعار المنازل والشقق مثله بقية السلع كالدقيق وغيرها من السلع التي لا بد من متابعتها، مؤكداً أن على هذه الجهات حث المقاولين على بناء مساكن تناسب أصحاب ذوي الدخول المحدودة وبناء وحدات سكنية تناسب مختلف الدخول.

وطالب المؤسسات الأخرى المعنية كالبنوك والمؤسسات الاجتماعية بالقيام باتباع أساليب لترغيب الأسر التي تسعى لامتلاك الشقق، كأن تدفع قيمة بسيطة من السعر بينما تقوم هذه المؤسسات بدفع الباقي.

ودعا المالكين إلى التعاون والتكافل مع المستأجرين، مطالباً المستأجر بالحفاظ على الشقق المؤجرة من أي عبث أو أضرار، كي لا يخنق التاجر ويجعله يرفع الأسعار بحجة الصيانة وعلاج ما تم إتلافه.

من جهة أخرى، قال الداعية الشيخ محمد لافي إن الإسلام نهى عن الجشع سواء خلال الحرب أو غيرها، ونهى عن الاستغلال وانتهاز المواقف وحاجة الناس، مؤكداً أن ذلك لا يجوز شرعاً ويعتبر صورة من صور الاحتكار، سواء احتكار السلع أو مصالح الناس وتسييرها في غير موضعها.

ودعا الجميع إلى التكافل في كافة الصور بهدف بناء المجتمع المتكامل مستشهداً بقول الله عز وجل "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

ووجه أصحاب البيوت المدمرة رسالة إلى أصحاب الشقق التجار والمالكين طالبوهم فيها بمراعاة حاجة المواطنين لما تعرضوا إليه من انتهاكات من قبل جيش الاحتلال، وحثوهم على التكافل الاجتماعي.