بن غفير يرتفع والليكود أصبح ديراً للأصوات المكتومة.. هآرتس / يحعيام فيتس

الساعة 09:07 ص|01 سبتمبر 2022

فلسطين اليوم

في السنوات الطويلة التي كان فيها بنيامين نتنياهو في السلطة في البلاد، وفي السلطة في حزبه، فإن الليكود كان مستعداً دون تردد للتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب الأخرى.

لقد تدخل في العالم الداخلي للأحزاب وبقسوة من أجل ثلاثة أهداف مقدسة، بقدر ما هو معني:

الوصول إلى السلطة.

والبقاء على عرش السلطة.

وتحصين حكمه.

لا يمكن أن نجد مثالاً لرئيس وزراء إسرائيلي آخر – باستثناء نتنياهو – تصرف على هذا النحو.

هناك عدد غير قليل من الأمثلة على تدخله في أحزاب ليست ملكه، في عام 2011 في ولايته الأولى كرئيس للوزراء تسبب نتنياهو في انقسام في حزب العمل عندما قام خمس أعضاء من كتلة العمل البرلمانية في الكنيست بقيادة وزير الجيش إيهود باراك، الذي كان على اتصال وثيق مع نتنياهو، بالانسحاب من حزبهم وأسسوا حزباً جديداً يسمى “الاستقلال”.

في الواقع تأسس هذا الحزب من قبل باراك ونتنياهو في محادثات في حوض السباحة في قلعة الأخير في قيسارية، وانضم حزب الاستقلال إلى حكومة نتنياهو، وفي المقابل حصل منه على مكافأة ضخمة – أربعة من أعضاء كتلة الحزب البرلمانية الخمس كانوا وزراء في حكومته، هذا ما سمح لنتنياهو بالبقاء كرئيس للوزراء حتى نهاية فترة الكنيست الثامنة عشرة في أوائل عام 2018.

بعد أقل من عامين من تأسيس الحزب الجديد، قام إيهود باراك بحله، بعد أن تبين له أنه لا توجد فرصة لتجاوز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الـ19، التي أجريت في كانون الثاني 2018.

أنهت الحلقة القصيرة من حزب “الاستقلال” الحياة السياسية لجميع أعضائه – باستثناء ماتان فيلنائي، الذي تمكن من الفرار إلى بكين كسفير “لإسرائيل” لدى الصين وذلك ضمن العبارة المعروفة “الزنجي فعل ما يريد، الزنجي يستطيع الرحيل”، والتي ميزت موقف نتنياهو من هذا الحزب وأشياء أخرى كثيرة، بأنه موقف استغلالي ثم رميه.

خلال تلك الفترة، فعل نتنياهو كل ما في وسعه لتفكيك حزب كاديما، والذي كان يمثل تهديداً حقيقياً له لأنه كان يتمتع بمقعد أكبر من حزبه، الليكود (في الانتخابات التي أجريت في عام 2009، حصل كديما على 28 مقعداً، وحصل الليكود على 27 مقعداً).

في مايو 2012 اقترح نتنياهو انضمام شاؤول موفاز رئيس الحزب المعارض، إلى الحكومة وتعيينه نائباً لرئيس الوزراء – وهو منصب مشرف لكنه فارغ تماماً، دون صلاحيات ومسؤوليات.

في يوليو 2012 بعد شهرين ونصف فقط، استقال موفاز من خلال إغلاق الباب غاضباً، ووعده نتنياهو بتغيير نظام الحكم وإقرار قانون طال، الذي يتعامل مع مسألة تأجيل الخدمة العسكرية لأعضاء المدرسة الدينية والعبء المتساوي، الذي كان على وشك الانتهاء في أغسطس 2012.

كعادته لم يكن لدى نتنياهو أي نية في الوفاء بوعوده لأن الشيء الرئيسي بالنسبة له هو بقائه السياسي، فالقرارات التي قد تغير الواقع وسن قوانين أساسية تعتبر هامشية وغير مهمة بالنسبة له.

كتب موفاز المخدوع في كتابه “رحلتي الإسرائيلية”: “استغرقت لقائنا في تحالف نتنياهو 70 يوماً فقط، حتى فهمت أخيراً أننا لا ننتمي إلى هناك” (ص 384).

منذ إقامة موفاز القصيرة في الحكومة إلى حل حزب كديما، كان الطريق هو الأقصر، في غضون سنوات قليلة تحول كديما من حزب حاكم إلى حزب مختفي.

هكذا تمكن نتنياهو من تفكيك حزبين في أقل من عامين، في هذا الصدد فهو يستحق أن يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

قبل حوالي عامين في عام 2020 أغرى نتنياهو بيني غانتس لتفكيك شراكته السياسية مع يائير لبيد، والانضمام إليه في حكومة خيالية وقابلة للتناوب.

فور تشكيل هذه الحكومة، اتضح لغانتس أنه وقع ضحية لأعمال الخداع التي قام بها نتنياهو، مثل شاؤول موفاز فقد اتضح أن رؤساء الأركان يمكن أن يقعوا في فخ المحتالين بسهولة.

والآن يواصل نتنياهو كعادته، التدخل في سلوك الأحزاب السياسية من أجل العودة إلى السلطة – وهي خطوة قد تسمح له بالهروب من تهديد المحاكم.

نجح نتنياهو في توحيد حزبين عنصريين عندما دعا رئيسيهما بنفسه – إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – إلى حصنه في قيسارية، وهو نوع بديل عن قلعة بلفور وبهذا يمنحهم نتنياهو بعداً آخر للشرعية.

لكن هناك فرق جوهري بين سلوكه في الماضي وسلوكه اليوم، نتنياهو يلعب بالنار وهو منخرط في حياة حزب متطرف يقف وقادته على هامش الساحة السياسية.

قبل انتخاب بن غفير للكنيست أي قبل نحو عام تقريباً في عام 2021، كان انضمامه إلى الكنيست يُنظر إليه على أنه فكرة وهمية، وهو شخصية يمكن أن يدنس “المجتمع الإسرائيلي”، نتنياهو هو الذي نقل بن غفير من الهوامش إلى (طريق الملك) – لاعتبارات غريبة وتافهة.

في عام واحد تحول بن غفير من بلطجي بائس إلى شخصية سياسية شرعية، والآن يمكنه تعليق صورة نتنياهو على جدار غرفة جلوسه، ربما بدلاً من صورة القاتل الدكتور باروخ غولدشتاين – صورة روى عنها بن غفير نفسه بفخر غير مقنع.

يعرف أعضاء حزب الليكود جيداً أنه في حال عودة نتنياهو إلى السلطة فإنه سيجعل من بن غفير شخصية مركزية في حكومته، لكن لا أحد في هذا الحزب الذي تحول إلى دير للأصوات المكتومة   يمكنهأان يقف ويصرخ.

لم يعترض أي منهم على التحالف غير المقدس بين ورثة مناحيم بيغن، يتسحاق شامير وموشيه أرنتس، وورثة مئير كهانا.

لقد كنت أدرس الحركة التصحيحية (الصهيونية التصحيحية لزئيف جابوتنسكي) منذ سنوات عديدة، وتعلمت احترام هذه الحركة وقادتها وقيمها.

أمام هذا الوضع أسأل نفسي بقلق شديد: كيف تدهور حزب الليكود وهو حزب مميز، إلى هذا التدهور الشديد؟

كلمات دلالية