خبر مراسل الـ« بي بي سي » في غزة: غطينا مارأيناه خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع ولم نصدر احكاماً

الساعة 04:54 م|07 مايو 2009

مراسل الـ"بي بي سي" في غزة: غطينا مارأيناه خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع ولم نصدر احكاماً

فلسطين اليوم – وكالات

 في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة الذي كان محاصراً آنذاك كما هو محاصر الآن، لم يكن في القطاع صحافيون اجانب لأن اسرائيل فرضت حظراً تاماً وصارماً على دخولهم الى هناك. لذا كان الصحافيون الوحيدون الذين نقلوا الى العالم صورة ما تعرض له اهالي غزة من قتل ودمار ورعب صحافيين فلسطينيين. ومن بين هؤلاء كان مراسل "هيئة الاذاعة البريطانية" (بي بي سي) شهدي الكاشف الذي استضافته رابطة الصحافيين الاجانب في لندن اليوم الخميس ليحدث زملاءه الاعلاميين عن تجربة العمل في ظروف الحرب المروعة في غزة وليرد على اسئلتهم.

 

من بين الاسئلة التي اجاب عنها الكاشف سؤال تكرر غير مرة وهو: هل صحيح ان كبار قياديي حركة المقاومة الاسلامية "حماس" اختبأوا تحت مستشفى الشفاء في غزة؟ وقد رد على السؤال قائلاً: "فوزي برهوم احد الناطقين باسم حماس قال انه اختبأ في منزل احد قياديي حركة "فتح" في غزة وعبر عن امتنانه لذلك. القيادي في "حماس" سعيد صيام سقط في قصف جوي اسرائيلي لشقة اخيه في حي الشيخ رضوان. القيادي نزار ريان قتل مع عائلته في مخيم جباليا في بيته الذي رفض مغادرته. ان الحديث عن اختباء قياديي "حماس" تحت مستشفى الشفاء قصة اسرائيلية مختلقة".

 

حسام السكري مدير القناة العربية لتلفزيون "بي بي سي" واذاعة "بي بي سي" العربية الذي قدم الكاشف قال ان المراسلين الصحافيين يغطون عادةً حروباً لا تكون في بلادهم لكن الكاشف غطى حرباً في مكان يوجد فيه افراد عائلته وبيته وما يرافق ذلك من قلق.

 

ويبدو ان في اللوح المحفوظ للكاشف ان يشهد عن كثب ثلاث حروب كبرى في الشرق الاوسط، فهو ولد في بغداد لابوين فلسطينيين في العام 1973، وشهد الحرب على العراق سنة 1991، وكان قد عاش فترة من الزمن مع ابويه في بيروت فشهد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، واخيراً عاش تفاصيل الحرب الاسرائيلية على غزة في اواخر 2008 واوائل 2009.

 

عن اندلاع تلك الحرب قال الكاشف: "بدأت في يوم سبت، اي في يوم العطلة اليهودي على نحو غير متوقع. في اليوم الاول ارسلوا نحو 100 طائرة حربية لضرب رقعة ضيقة من الارض، على نحو غير متوقع. ولم نتوقع حدوث عشرات الانفجارات التي زلزلت الارض تحت اقدامنا. قنابل الفوسفور الابيض لم تكن متوقعة ولم نكن نعرف شيئاً عنها".

 

كيف يمكن ان يعمل صحافيون تحت الحصار في ظروف حرب قاسية ووسائل اتصال مهددة بالتوقف، وبينما الطائرات الحربية الاسرائيلية تقصف مباني يوجد فيها صحافيون؟ يقول الكاشف انه شخصياً كان ملتزماً مهنياً وكان في الوقت ذاته قلقاً على سلامة افراد عائلته. ويضيف انه سعى الى عزل عواطفه عن مهنته ليقدم وصفاً موضوعياً لما شاهده خلال الحرب: "عندما وصلت الى المستشفى (الشفاء) كانت الجثث على الارض. كانت هناك جثث وانصاف جثث، واشلاء. وكان بين هؤلاء اطفال. شاهدت رجلاً يحضن اطفاله، ولكن اطفاله كانوا موتى".

 

ويستدرك: "مع ذلك غطينا ما رأينا. قدمنا معلومات ولم نصدر احكاماً. فقدنا بعض زملائنا (الصحافيين) في اليوم الاول وبعده. الصحافي في غزة لم يكن شاهداً فقط. كان هدفاً ايضاً. القصف الجوي والمدفعي استهدف مكاتب "رويترز" و"تلفزيون ابو ظبي" ومبنى الجوهرة ومبنى الشروق حيث توجد مكاتب وسائل اعلام عديدة".

 

خلال تلك الحرب، كانت حركة الصحافيين مقيدة بسبب القصف الشديد وكان لا بد للصحافيين الفلسطينيين من العمل جنباً الى جنب بالرغم من انهم يعملون لمؤسسات اعلامية متنافسة. يقول الكاشف: "اضطررنا لصنع الخبز في المكاتب واعداد الطعام هناك والنوم هناك. تعاونا كما لو كنا نعمل لمؤسسة واحدة. كنا نحن طاقم "بي. بي.سي" ننام الى جانب مراسلي "سي ان ان" و"الجزيرة". هذه تجربة جديدة. لو عمل كل منا منفرداً لما استطاع ان يوصل المعلومات الى احد".

 

لم تكن الحرب الاسرائيلية على غزة حرباً بين طرفين متكافئين او شبه متكافئين باي حال من الاحوال. وقال الكاشف: "لو ان المرء كان يتحدث عن حرب بين دولتين لكان هذا امراً مفهوماً. لو كانت عندنا في غزة طائرات وعندهم في اسرائيل طائرات وعندنا دبابات مثلما عندهم دبابات، لقلنا ان هناك نوعاً من التكافؤ. كانت حرباً من طرف واحد. نحن كصحافيين عملنا في ظروف انقطاع الكهرباء والماء وشلل الحركة. ومع ذلك ذهبنا الى كل مكان والى حيث ما كان ينبغي ان نذهب".

 

ركز الصحافيون الاجانب اسئلتهم الى الكاشف على عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا وجرحوا في الحرب، وما اذا كان قد تعرض لضغوط من جانب اي فصيل مسلح، خصوصاً الجناح العسكري لـ"حماس" كي يلتزم وجهات نظرهم فنفى ان يكون قد تعرض لاي ضغوط من هذا القبيل، وقال: "لم اتعرض لضغوط من اي نوع".

 

وتابع: "قبل خمس دقائق من اندلاع الحرب كانت هناك حكومة حماس، ثم اختفى القياديون في تالحركة زلم تصدر عنهم اي بيانات".

 

اما بالنسبة الى عدد الشهداء فقال ان عددهم يقرب من 1400 وان كثيرين قضوا متأثرين بجروحهم بسبب عدم كفاية المرافق الطبية والاسرة في المستشفيات. وقال: "كان المصريون يرسلون ما يصل تالى 70 سيارة اسعاف في الايام الاولى لنقل الجرحى ومعالجتهم الى ان اغلق الاسرائيليون الطريق جنوب منطقة الزيتون في غزة فلم يعد من الممكن عمل ذلك".

 

وفي معرض الاجابة عن اسئلة الصحافيين قال الكاشف ان الاطباء في غزة تحدثوا عن ملاحظتهم جروحاً غريبة على اجساد الجرحى في الحرب الاسرائيلية وان بعض عظامهم كانت مصهورة تقريباً. وقال: "قنابل الاسرائيليين كانت تحث حفراً بعمق ثمانية امتار وعرض 12 متراً. ضربوا معظم المساجد والجوامع ولم يعثر بداخلها على جثث ولكن المنازل المحيطة بدور العبادة تلك كانت تتهاوى بفعل قوة انفجار القنابل".