خبر ماذا يريدون بالضبط؟.. معاريف

الساعة 08:37 ص|07 مايو 2009

بقلم: اريئيلا رينغل هوفمان

السؤال الذي يفرض نفسه هو كم يمكن وحتى متى. هذا يعني، حتى متى سيعنى حزب كامل – او لنقل يعنى بقايا حزب كامل – في شؤون هامشية، شبه تافهة، ليس فقط لا ينجح احد في فهم تفاصيلها – والاخرون الذين فهموا عما يدور الحديث فقدوا الاهتمام منذ زمن بعيد.

مرتان قال الناخب لحزب العمل كلمته. في المرة الاولى قبل نحو ثلاثة اشهر حين منحه 13 مقعدا فقط، وفي المرة الثانية حين صادق في المؤتمر، بتصويت سري، وفقا لمطالب اولئك الذين يسمون متمردين – انضمام حزب العمل الى الائتلاف. وهكذا، بدا طبيعيا جدا التوقع لحزب العمل بان يتجدد من الان فصاعدا لادارة الصراعات الهامة التي من أجلها قام، وفي صالحها يكافح في سبيل قلب الناخب وبسببها دخل الى الحكومة التي اقامها بنيامين نتنياهو. طبيعي ومتوقع، ولكن ليس واقعيا، كما يتين.

لحزب العمل، اذا ما حاكمنا الامور استنادا الى احداث الاسابيع الاخيرة، هناك قدرة رائعة على إثارة النفور منه بالجدالات العقيمة. عقيمة ليس لان الانشغال بها غير شرعي. بالعكس، فالحزب السياسي ملزم بان يستوضح ليس فقط المسائل المبدئية بل وحتى المسائل الشخصية ايضا. غير أن هذا الاستيضاح يفقد حيويته ان لم نقل اكثر من ذلك حين يتمترس داخل ذاته، يثير سحب الغبار، الضجيج الذي يصم الاذان، مع صفر انتاج. يدور في دوائر مضنية لا تنتهي.

الحقيقة التاريخية تستوجب الاعتراف بان هذه الميزة لا يتميز بها حزب العمل وحده. فهي تشمل كل الاحزاب على جانبي الخريطة السياسية، فتميز وكم هو خسارة، احزابا شابة مثلما تميز احزابا شاخت، الجديدة كالقديمة على حد سواء. ومع ذلك فان حزب العمل يتميز بالتفوق في ضوء الظروف المحيطة. وحتى من يجتهد سيجد صعوبة في أن يعرف من هناك ضد من وعلى ماذا ولماذا.

كم متمردا يوجد هناك على الاطلاق؟ ثلاثة، اربعة، خمسة؟ وشيلي ايضا؟ هل يمكنهم أن ينسحبوا؟، الا يمكنهم؟، هل يرغبون في الانسحاب على الاطلاق؟، أسينسحبون؟، متى؟ ولعلهم لن ينسحبوا؟، ألديهم على الاطلاق مكانا يقصدونه؟، الى اين سيذهبون وماذا سيفعلون؟، هل سيقيمون كلية في جامعة؟، مكتب محامين؟، تأسيس مصلحة تجارية؟، فليذهبوا، واذا لم يذهبوا فليبقوا، واذا لم يبقوا فدعهم لا يبقون. على أن يقرروا فقط.

هذا لم يبدأ أمس. هذا بدأ منذ حكومة شارون واستمر عند اولمرت. متمردون في العمل، كما اسلفنا، هذا موضوع تاريخي، مع اختلاف الصورة اليوم فقط، وليس العدد.

الفراغ الذي كان ينبغي لحزب العمل أن يملأه في الائتلاف الذي شكله نتنياهو كان يفترض أن يكون اكبر بكثير، اوسع واكثر معنى من الـ 13 نائبا الذين جلبهم معه. اكبر من قوته الانتخابية النسبية. هذا هو الحزب الوحيد الذي من المركز ومن اليسار الذي وافق على السير مع نتنياهو، وهو يعرف هذا ايضا. ولكن بدلا من ان يجند القوى، ان يدفع الى الامام وان يصر على أجندة اقتصادية – اجتماعية حزب العمل هو الاخير الذي يقودها في هذه اللحظة – مع ميرتس متحطمة وكديما صامت – فان الاصدقاء في غرفة الطعام يواصلون الشقاق، ويهاجمون الواحد الاخر، ويصفون حسابات ماضية. وهكذا بدلا من خلق صوت جلي وواضح، كتلة فكرية تكافح في سبيل مواقفها في المواضيع الحرجة لوجودنا – مبادرات سياسية، تسويات واتفاقات، تقليصات، تعليم، نووي ايراني، مشاريع وطنية، مواضيع البيئة – يخلقون جلبة سياسية مع مسدسات في المعركة الاولى، رصاصات في الثانية وسلسلة من مصابي العجب: ماذا يريدون؟

وهكذا، في ظل غياب موقف حزبي واضح لا لبس فيه، ملتزم الرئيس به، فان الليكود برئاسة نتنياهو، مع حلفائه الاخرين يمكنهم ان يواصلوا التصرف وكأن كل هذا العمل لم يكن الا كما كان، او في افضل الاحوال، ترتيب مؤقت لوزارة الدفاع.