ما رسالته الأخيرة لأمه...

شهيد لقمة العيش.. الشاب "البرعي" يلَفَظَ أنفاسه الأخيرة :"يماااااااا"

الساعة 08:11 م|12 أغسطس 2022

فلسطين اليوم

كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحًا من شهر أغسطس 2022، حينما قررت "إسرائيل" إضافة جريمة جديدة إلى سجلها الحافل بسفك دماء المدنيين الأبرياء، فهذه المرة طالت الجريمة الهمجية فلسطينيًا في ريعان شبابه خرج للبحث عن لقمة عيشٍ تقيه شَرَّ الفقر والبطالة المتفشية في قطاع غزة.

الضحية ضياء البرعي (32 عامًا) من سكان مخيم جباليا شمال غزة، خرج من باب منزله إلى العمل، عقب حوار دار مع أمه التي كانت تعد الطعام، ليكتب الفصل الأخير من حياته بكلمات تملأ الفم بالكثير من معاني ظلم ووحشية الاحتلال، تاركًا خلفه رواية مكتوبة بحبر الدم والألم، لتكون فاجعة تستوطن قلب أمه "مها".

خرج ولم يعد..

"مها البرعي" دخلت المطبخ لتجهيز وجبة الغداء لأبنائها كما اعتادت في كل يوم، ليدخل عليها "ضياء" متسائلًا: شو طابخة يما.؟، فأجابته: "بازيلاء".. وعلى غير عادته رغم أن هذه الأكلة غير مرغوبة لديه، يرد عليها..!!: " والله من زمان نفسي فيها، كويس إنك طبختيها".

خرج "ضياء" بعد أن أنهى حواره مع أمه مهرولًا إلى فتح بسطته التي تقع على مقربة من منزله، والتي يقتات وأسرته منها للحصول على دخل يومي محدود، قام بتجهيز البسطة وترتيب الخضروات المتنوعة وفاكهة البطيخ، لحظات قليلة حتى هوى من السماء صاروخ "إسرائيلي" سقط على المنزل المجاور لبسطته، ليسلب روحه من جسده.

"يماااااا"

لم يعلم "ضياء" أن ثمن خروجه من المنزل في سبيل إعالة أسرته سيكلفه حياته، ليصبح شاهدًا جديدًا وفعلًا مضارعًا، في عدوان "إسرائيلي" دموي على قطاع غزة، راح ضحيته نحو 46 فلسطينيًا وأصيب المئات بجراح مختلفة.

بعد دقائق من حديث ضياء مع والدته ومع دوي صوت الانفجار الهائل الذي طال المنزل، انعدمت الرؤية لدى "مها" جراء الغبار الكثيف الذي ملأ المكان، لتحاول جاهدة الخروج عبر باب المطبخ إلى مكان القصف، لتسمع فلذة كبدها "ضياء" يصرخ بملءِ فِيه: (يَمّاااااااااااااا).

في طريقها إلى مكان بسطة ابنها وسط الركام واقتراب رائحة الموت، وجدت ابنها الثاني لتقول له بصوت يرتجف "الحق يما يا بلال، ضياء بنادي علي"، بلال خرج مسرعًا بسرعة البرق إلى مكان الانفجار بحثًا عن أخيه، ليجده مصابًا وطواقع المسعفين ينقلونه على حمّالة سيارة الإسعاف.

الرسالة الأخيرة

وصل بلال إلى سيارة الإسعاف ليجد ضياء ممددًا على السرير، وبجسد مهشم ومليء بالشظايا نطق ضياء أخر كلماته: "اتركني... أذهب لأمي انقصفت".... ثواني قليلة ليلفظ أنفاسه الأخيرة بنطق الشهادتين.

تقول الأم بحزن شديد والدموع تنهمر من عيونها، "كان نفسي أفرح فيه متل الشباب، بس الأوضاع الاقتصادية متردية، لم يتمكن من الزواج وينشأ عيلة تحمل اسمه".

وتضيف: "إسرائيل تقصف قصفًا عشوائيًا على منازل المواطنين، هذا ظلم".

وتشير البرعي، إلى أن لديها اثنين من الأبناء خريجي جامعة، أحدهم صحافة والآخر تمريض، ويعلمون على البسطة التي تدمرت، ويساعدون أخاهم الشهيد ضياء في بيع الخضروات والفواكه.

وشنت "إسرائيل" عدوانًا همجيًا على قطاع غزة، راح 49 شهيدا من بينهم 17 طفلا و 4 سيدات و 360 إصابة بجراح مختلفة.

وكثفت المقاومة الفلسطينية قصفها للمستوطنات، وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصف تل أبيب وأسدود وعسقلان وسديروت أكثر من مرة بزخات كبيرة من الصواريخ المتنوعة.

وبدأ التوتر الحالي، يوم الاثنين الماضي، عقب اعتقال قوات الاحتلال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بسّام السعدي في مخيم جنين، شمالي الضفة الغربية.

كلمات دلالية