خبر ماذا يضير امريكا ..معاريف

الساعة 10:23 ص|04 مايو 2009

بقلم: شموئيل روزنر

        (المضمون: اليمين الامريكي يحاول مواجهة سياسة اوباما الاقتصادية بادانة سياسة روزفلت القديمة من ناحية مواجهة الازمة في حينه ام اللامبالاة الامريكية تجاه كارثة اليهود - المصدر).

        هذا جدال لن ينتهي ابدا. وهو لا يمكنه ان ينتهي. ولكن ها هو مؤرخ اخر يضيف مدماك اخر. ريتشارد برايتمان يدعي الان في كتابه الجديد "لاجئون وانقاذ" بان الرئيس فرنكلين روزفلت حاول انقاذ اليهود من الابادة النازية اكثر مما درجنا على الاعتقاد. زعم استفزازي في ضوء اعتقاد ضرب جذوره يقضي بان روزفلت كان سلبيا جدا، لا اباليا، في ضوء كارثة يهود اوروبا.

        برايتمان يستند الى وثائق جيمس مكدونالد الذي كان ضمن امور اخرى، مستشار روزفلت لشؤون اللاجئين (ومع الايام ايضا السفير الامريكي الاول في اسرائيل). وتعرف منها ضمن امور اخرى بانه كان للرئيس الامريكي رغبة في انقاذ اليهود من المانيا حتى قبل الحرب العالمية الثانية، واسكانهم في دول مختلفة. وقد واجهت هذه الخطط معارضة شديدة ولهذا فقد فشلت. برايتمان ليس المؤرخ الاول الذي يحاول تطهير روزفلت من تهمة ثقيلة. فقبل ثلاث سنوات نشر "انقاذ اليهود" بقلم روبرت روزن، طارحا لادعاء مشابه. روزفلت اراد، ولكن لم يكن بوسعه. البروفيسور هنري فينغولد كتب قبل عشر سنوات من ذلك ان روزفلت، فعل قليلا، ولكن عنده ايضا يتم التشديد احيانا عن انعدام الوسيلة السياسية لدى الرئيس.

        على اية حال، الجدال لم يكن حول الحقائق بل حول تفسيرها: هل كان ممكنا التغلب على هذه المعارضة، وهل بذل روزفلت كل ما بوسعه، هل خضع لاصوات عديدة جدا في ضوء الحواجز المتراكمة امامه. وشيء اخر من الصعب الجدال فيه: في اختبار النتيجة روزفلت لم ينجح بالتأكيد.

        لقد كان احد الرؤساء الاكثر اثارة للانطباع واللغز في التاريخ الامريكي، والجدالات حوله فيها ايضا معان سياسية راهنة. فاليمين الامريكي يحاول حتى اليوم مناكفة "الصفقة الجديدة" لروزفلت (السياسة الاقتصادية الجديدة) – وهو نموذج سابق لما يحاول الان الرئيس باراك اوباما عمله في ضوء الازمة الاقتصادية الحادة. كتاب بعنوان "الرجل المنسي"، الذي صدر قبل سنتين، اصبح فجأة كتابا مطلوبا جدا. وهو يعتقد ان الصفقة الجديدة كانت فشلا ذريعا، واعضاء كونغرس من الجمهوريين يتباهون باقتباسه كلما هاجموا الخطط الاقتصادية لاوباما.

        كما ان الجدال على مسؤولية روزفلت عن السلبية الامريكية في ضوء الكارثة توجد نبرات سياسية. على نحو طبيعي، فان من يميل الى استطابة روزفلت، واعتباره نموذجا سياسيا مناسبا، سيبحث بشكل عام عن اسباب تبرئته من التهمة. وفي كل الاحوال، من الصعب ان نعرف ماذا كان سيحصل لو ان روزفلت حاول الاصرار اكثر، والمعاندة اكثر كي ينقذ اليهود. المتشددون سيقولون: ان ابداء الشجاعة السياسية من هذا النوع كان سيطهره اخلاقيا، بل وربما كانت ستؤدي الى نتيجية افضل. اما المخففون فسيزعمون بانه لو كان رزوفلت استنزف نفسه بمناكفة مصير اليهود لما تبقت له القوة السياسية لتجنيد الامة للحرب العالمية الثانية.

        على اية حال، فان مساهمة الكتاب الجديد ليست في انه يكتشف روزفلت بل في انه يدل على امريكا باسرها. فليس الرئيس وحده كان ينبغي ان ينقذ اليهود، والميل "لانسنة" هذه المسألة – التركيز على روزفلت "مذنب" ام "غير مذنب" – هو تعبير عن حاجة انسانية لتبسيط مسألة مركبة، والبحث عن هدف صوري حتى حين تكون تلزم عدسة تكبير. ما تظهره وثائق ماكدونالد، وهي معروفة منذ زمن بعيد، هو ان الولايات المتحدة في ذاك الحين كانت لا مبالية لمصير اليهود، وفي واقع الامر بمصير العالم. ميول انعزالية جعلت الكونغرس حصنا لمثل هذه اللامبالاة. ولهذا ايضا كانت اسباب: خيبة امل من نتائج الحرب العالمية الاولى، وازمة اقتصادية حادة. وها هو اذا الجدال التاريخي يصبح واقعيا مرة اخرى.