حسين الشيخ: ومؤهلات رئاسة السلطة

الساعة 07:11 م|23 يوليو 2022

فلسطين اليوم | ياسر عرفات الخواجا

حسين الشيخ: ومؤهلات رئاسة السلطة.. بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن خليفة محتمل لرئيس السلطة الفلسطينية (أبو مازن)، وهناك تجرى ترتيبات على قدم وساق لتأهيل الشيخ لهذا المنصب، بدأت بتعيينه منصب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه قفزة كبيرة، وتعيين متقدم جدًا في مجال التعيينات لشخص مثل (حسين الشيخ)؛   مما يثبت بأن هذا الرجل بالفعل يتم تأهيله لهذه المهمة على مستوى دولي (الولايات المتحدة الامريكية) ومحلي (إسرائيلي).

هذه المهمة المتمثلة بالوظيفة الأمنية تحتاج إلى رجل مؤهل ضمن معايير وحسابات دولية تتماشى مع منظومتها ورؤيتها لأمن "إسرائيل" التي تعتبر الركيزة الأولى في عملية الاختيار.

وقد تحدث الشيخ حول هذا الموضوع مؤكدا أن تاريخه الحافل بالنضال يؤهله لمنصب قيادة الشعب الفلسطيني، ونسى أن معادلة التعيين لقيادة السلطة أصبحت بالأساس بقبضة الاحتلال، بينما ترى "إسرائيل" وضمن معاييرها في شخصية المؤهل لهذ المنصب أنه هو من يتنازل عن القضايا الوطنية أكثر من سابقه.. 

و"إسرائيل" تريده أيضًا لأنه يعتبرُ التقديسَ الأمنيَّ لحماية أمن "إسرائيل" أكثر  قداسة من سابقه، ويعتبر الصمت  أمام الإجراءات الصهيونية من زيادة في تمدد الاستيطان وتهويد المقدسات والاعتداءات والقتل والإعدامات للفلسطينيين وملاحقة المقاومين ومحاولة القضاء عليهم.. أكثر ضرورة وأهمية من سابقه. 

وهو المفضل لديهم أيضًا لأنه يتماشى معهم ضمن التطبيع والتحالفات المطروحة اليوم دون أي اعتراض، ودون  أن يكون لديه رؤية عملية للحل، ويقبل بذلك أكثر من سابقه.

هذه هي المعايير الحقيقية التي يريدها الاحتلال في الشخص المؤهل لقيادة السلطة، ومن يقول أن الطريق
الى قيادة السلطة بغير ذلك فهو إما أنه لا يفهم الخارطة ولا  المعادلات الدولية في حفظ أمن "إسرائيل" والحرص على بقائها، وكذلك عدم إغفال دور السلطة في هذه المهمة (حماية الأمن الإسرائيلي)، وإما أنه يفهم ويريد أن يكابر أمام هذه الحقائق. 

فحسين الشيخ صاحب التاريخ الكبير والباع الطويل في نسج العلاقات واللقاءات السرية والعلنية مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وصاحب الأفكار الفذة، والتحريض الواضح والجريء في محاربة المقاومة والمقاومين،  وصاحب رؤية القبضة الأمنية في اقتلاع كل أشكال الإرهاب (المقاومة) من جذورها. 

حسين الشيخ الذى بدأ تلميعه وإعداده لهذه المهمة من قبل الإعلام "الإسرائيلي" والأمريكي، يؤكد -على ما يبدو- أن هناك دعمًا  وقبولاً لشخصه، وذلك بسبب سيره على نفس النهج والطريق الذى انتهجه الرئيس أبو مازن، بل إن المطلوب منه سيكون أكثر من ذلك..

هذا ما أكدته صحيفة النيويورك تايمز من خلال إجراء حديث خاص معه حول خلافته للرئيس (أبو مازن)، وكذلك مباركة بعض المسؤولين الأمنيين والسياسيين الأمريكيين، والذى كان أبرزهم (دانيل شابير) المستشار لوزارة الخارجية الأمريكية والسفير السابق" لتل أبيب"، حيث قال بأن الشيخ شخص جاد، وتوجد إمكانية لدى المسؤولين الأمريكان للتعامل معه، وكذلك الإسرائيليون يحملون نفس التوجه تجاه الشيخ. 
لذلك تجري الآن المحاولات الحثيثة في محاولة تلميعه قسرًا، وطرحه الشخص الأنسب في قيادة فتح لهذه المهمة.

 وتأتى هذه المقابلة وهذا الدعم الأمريكي والإسرائيلي لشخصية الشيخ مباشرة بعد ما يسمى إعلان القدس (بايدن- لابيد) والذى كان أهم بنوده العمل على دعم الأمن القومي "لإسرائيل"،  وحمايته من جميع الأطراف، وكذلك الاعتراف بيهودية الدولة، وضمها للقدس الموحدة، وعدم التطرق مطلقًا لموضوع حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية.

وفي إطار تسويق الشيخ نفسه لهذا المنصب، فإنه يعلن وبكل صراحة أن "إسرائيل" غير جادة في إنهاء الاحتلال، ويطرح إزاء ذلك أن ليس للفلسطينيين خيار سوى الاستمرار في هذا الواقع، وأن إنهاء العلاقة مع إسرائيل أو حل السلطة لا يخدم مشروع التسوية (أوسلو) المتوفى منذ زمن طويل.

وإن ما يحدث اليوم في الضفة الغربية من ممارسات إرهابية من قبل أجهزة أمن السلطة تجاه القيادات الفلسطينية، وإطلاق النار عليهم وملاحقة المقاومين، تأتى في سياق هذه التحولات، وفرض شخصيات لقيادة السلطة على خارج الإرادة الفلسطينية كلها، مما يبشر بواقع قادم ومجهول مخيف، ويأتي في سياق المصالح الأمنية الصهيونية، وأن هناك خططًا معدةً  للتنفيذ للقضاء على ظاهرة المقاومة، المتمثلة بــ(كتائب جنين ونابلس وطوباس التابعة لسرايا القدس)  وغيرها من التشكيلات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي تتنامى يوماً بعد يوم، الأمر الذى شكل ظهورها ونشاطها  قلقاً  لم تطمئن له "إسرائيل" وكذلك قيادات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.
مما يجعل الشيخ هو الشخص الأمثل بالنسبة لـ"إسرائيل" أولاً، ثم لأمريكا والمجتمع الدولي ثانيًا، ويعزز فرصه في رئاسة السلطة على عكس رغبة الفلسطينيين أنفسهم، وهذا إن حصل فهو أكبر دليل على ان السلطة ما هي إلا أداة بيد "اسرائيل" وأمريكا، وأن وجودها مرتبط بما تقدمه من خدمات أمنية للاحتلال.

كلمات دلالية