كيف تواجه المدن موجات الحرّ بسلاح الألوان؟

الساعة 11:06 ص|23 يوليو 2022

فلسطين اليوم

لمواجهة موجات الحر المتزايدة بوتيرتها وقوتها ومدتها، باتت المدن أمام تحدي إدخال تغييرات في العمق بأسلوب تنميتها الحضرية، ممّا يستلزم اعتماد ألوان جديدة للمباني، وفق مهندسين معماريين ومسؤولين محليين فرنسيين.

اللون الرمادي يحبس الحرارة

المواد الداكنة والرمادية والسوداء هي أوّل المواد التي ينبغي الاستغناء عنها بسبب قدرتها الكبيرة على حبس الحرارة. وهذه الألوان موجودة بشكل خاص على الطرق.

وتوضح رئيسة المجلس الوطني للمهندسين المعماريين في فرنسا كريستين لوكونت: "لقد بنينا مدننا كثيراً من أجل السيارات. اليوم، نستخدم الكثير من الأسفلت والبيتومين اللذين يلتقطان الحرارة ويعملان كمصادر إشعاع حضرية".

وتقول إنّ الفرق في درجات الحرارة بين وسط المدن وخارجها يمكن أن يصل إلى 6 درجات خلال النهار و12 درجة في الليل، "لأنّ هذه المواد السوداء تشعّ لفترة طويلة جداً".

كما أنّ تقليص المساحة المعطاة للسيارات في المدن يجعل الشوارع أضيق وبالتالي حمايتها أكثر من أشعة الشمس.

وبعض مواقف السيارات الكبيرة، المصطنعة بالكامل وبالتالي شديدة الحرارة، باتت على سبيل المثال في مرمى البلديات التي تدرس إمكانية تقليل البيتومين فيها وإضافة الغطاء النباتي.

اللون الأبيض: أكثر إشراقاً وبرودة في مقاومة الحرّ

هذا العمل يقام أيضاً في ملاعب المدارس المسماة "واحات"، كما في باريس، حيث يُستعاض عن البيتومين بالأرض الترابية، أو في حال تعذر ذلك يعاد طلاؤها بألوان فاتحة أكثر.

وتقول كريستين لوكونت: "علينا أن نعمل على أنواع أخرى من المواد ذات كتلة حرارية وتكون لها القدرة على حبس هذه الحرارة لوقت أقل، على سبيل المثال الخرسانة الخفيفة على أجزاء معينة من الطرق أو في الساحات".

وعندما تتعذّر إزالة البيتومين، يمكن استخدام مواد أخف تعكس المزيد من الضوء والحرارة (ما يُعرف بالوضاءة أو البياض).

في باريس أيضاً، أعيد طلاء أسطح صالة للألعاب الرياضية ومركب معرّضين بشدّة للشمس بطلاء أبيض خاص يعكس الإشعاع.

اللون الأخضر: ظل ونضارة لطرد الحرارة

الرافعة الرئيسية لإنعاش أيّ مدينة تكمن في التخضير، من خلال غرس الأشجار التي توفر الظل والنضارة.

وتقول رئيسة بلدية مدينة ستراسبورغ والناشطة البيئية جان بارسيغيان لوكالة فرانس برس: "الصيف يؤثّر على الأشجار، ويمكن ملاحظة اختلافات تتمثل بتراجع درجات الحرارة بما بين 5 و10 درجات عندما نكون في حديقة أو تحت الأشجار، لذلك هذا ضروري ويجب العمل به على المدى الطويل".

وأطلقت بلدية عاصمة منطقة الألزاس هذه خطة تهدف إلى زراعة 10 آلاف شجرة بحلول العام 2030، وزيادة نسبة الغطاء الحرجي في المدينة بنسبة تتراوح بين 26 إلى 30%.

وتوضح بارسيغيان أنّ "هذا الأمر يتطلب بطبيعة الحال وجود أنواع تتكيّف مع تغير المناخ"، لذا فإنّ بعض الأشجار المزروعة لن تُستخدم إلّا لتحلّ محل أخرى في نهاية حياتها.

الأزرق: لون الماء

عنصر أساسي آخر لتخفيف الحر في المدينة: الماء.

في مدينة لافال شمال غربي فرنسا، أنشئت خزانات مياه طبيعية للحفاظ على "حدائق الأمطار".

ويقول رئيس بلدية لافال اليساري فلوريان بيركو: "يمكننا أن نزرع في داخلها، هي تجلب الظل والهواء العليل والانتعاش، كما أنها تصلح لفصل الشتاء"، من أجل تجنب الفيضانات.

وتوضح مديرة التواصل في الوكالة الفرنسية من أجل المناخ سيسيل غروبر: "لدينا أمثلة عن تفجّر متجدّد للأنهار، إنّها حلول ذات تأثير كبير لأنّها تحمل منافع جانبية: إضفاء برودة وأيضاً زيادة التنوع الحيوي".

في ضواحي باريس الجنوبية، أتاحت ورش بناء في بعض الأماكن إعادة الحياة إلى نهر بييفر، أحد روافد نهر السين، بعدما كان مدفوناً منذ منتصف القرن العشرين.

ويقول المهندس البيئي في معهد "باري ريجيون" إروان كوردو: "عندما تكون هناك فتحات في محيط مصدر مائي"، فإنها توفر "خدمة انتعاش محلية"

كلمات دلالية