تقرير إجازة المدارس ...الأجهزة الالكترونية تأخذ 100% من وقت الأطفال

الساعة 04:31 م|17 يوليو 2022

فلسطين اليوم- تقرير خاص

بات جلوس الأطفال وقتاً طويلاً أمام الشاشات وفي استخدام الأجهزة الإلكترونية خلال العطلة الصيفية أمراً مثيراً للكآبة و القلق في الحياة الأسرية بالنسبة للعديد من الآباء في العصر الرقمي الذي نعيش فيه.

و لا شك أن كل مرحلة من مراحل الطفولة والمراهقة أصبحت مصحوبةً بتحديات جديدة أمام الآباء، بدءاً من الرضع الذي يدخلون في نوبات غضب عند أخذ أجهزة الآيباد منهم، ومروراً بالأطفال الذين يشاهدون مقاطع اليوتيوب طوال الليل، أو الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الحادية عشرة ويلحّون للعب ألعاب الفيديو المصنفة لعمر الثمانية عشرة بحجة أنَّ "جميع أصدقائهم" يلعبونها، أو ذوي الأربعة عشرة عاماً، الذين لا يتركون مواقع التواصل الاجتماعي (انستغرام، فيسبوك، تيكتوك، سناب شات) أبداً.

و يشتكي الآباء و الأمهات في هذه الأيام من عدم قدرتهم على التحكم بأوقات جلوس أبنائهم أمام الأجهزة الالكترونية، ليس ذلك فحسب، بل إنهم لا يمكنهم معرفة أهمية الاقتصاد و الاسراف في المدة التي من الممكن أن يبقى أبنائهم على هذه الأجهزة خلال اليوم، لا سيما في أوقات العطلة الصيفية.

و في قطاع غزة، و في ظل غياب البدائل، تبقى الأسرة في تحدٍ كبير مع اطفالها، و طرق تعاملها معهم، لا سيما أن الأطفال دخلوا في إجازة من المدارس و رياض الأطفال بعد عام طويل من الدراسة و الذهاب الى المدرسة، و أصبح لديهم وقت فراغ طويل لا يجدون فرصة لتفريغ طاقاتهم من خلالها، مع غياب نوادي أو مؤسسات تهتم بأنشطة الأطفال، أو توفر لهم وقتاً للتدريب و الترفيه، و اكتساب مهارات جديدة.

السيدة نادية شريف، أم لـ 5 أبناء منهم ثلاثة في المدارس، قالت إنها تعاني مع اطفالها كثيراً من طول الوقت الذي يقضونه أمام شاشات الجوال أو الكمبيوتر.

وأوضحت شريف لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" أنها لم تستطع التحكم بوقت جلوس أبنائها على الهواتف، خصوصاً في أوقات الفراغ خلال الاجازة، مبينة أنهم تعودوا على مشاهدة البرامج عبر تلك الأجهزة، و أصبحت ادماناً لديهم.

بدورها قالت السيدة منال أبو منديل، إن ادمان الأجهزة الذكية أصبح من أكثر التحديات التي يواجهها الآباء في التعامل مع ابناهم، مشيرة الى أنه بسبب تلك الأجهزة أصبح أبناؤها في عزلة عن اقرانهم من الأصدقاء و الأقارب.

و حول محاولاتها في الحد من ساعات جلوس أبنائها على الهواتف الذكية، أكدت أن كل محاولاتها لم تفلح في اقلاعهم عن تلك الأجهزة، معللة ذلك بغياب وسائل ترفيه أخرى، كما أن الوضاع الاقتصادية الصعبة تحول بينها و بين البحث عن مراكز ترفيهية أو تدريبية يمكن أن يلجأ اليها اطفالها لقضاء أوقات الفراغ في الاجازة.

بدورها وصفت الاخصائية الاجتماعية فلسطين عابد الاستخدام المفرط للأجهزة الالكترونية من قبل الأطفال بأنه خطر حقيقي على صحتهم النفسية و الاجتماعية.

و قالت عابد في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "بالطبع أن استخدام مثل هذه الأجهزة، يدفع الأطفال و المراهقين للإدمان على ما يشاهدونه عليها، ليس ذلك فحسب، بل إن تلك الأجهزة في الوقت الراهن تُشكل عقول أطفالنا، و للأسف فإن بعض الآباء أدركوا ذلك متأخراً، و البعض منهم لم يدرك ذلك.

و بحسب الاخصائية الاجتماعية، فعلى الرغم أن تلك الأجهزة ليست مضرة في المطلق، فإنها بعيدة كل البعد في الوقت نفسه عن أن تكون مفيدة كذلك، في بناء شخصية و عقول الأطفال.

و أضافت: "إن ازدياد الفترة المكرسة لتلك الأجهزة، على حساب الوقت الذي يخصصه الأطفال للأنشطة البدنية و الترفيهية، قد يؤدي لزيادة ما يُعرف بـ "مؤشر كتلة الجسم"، وتقليل عدد الوجبات التي يتناولها أفراد الأسرة معا، كما يرتبط أيضا بتقلص فترة النوم سواء بالنسبة للصغار أو الكبار.

و أشارت الى أن جلوس الأطفال طويلاً أمام الأجهزة له تأثير حقيقي على سلوكياتهم، فبعض الأطفال اصبح يفضل مشاهدة الفيديوهات القتالية، قد يؤدي لسلوكيات عدائية لديهم.

و حذرت عابد من بقاء الأطفال أغلب أوقاتهم في غرفهم المغلقة المعتمة، يلعبون الألعاب التي بدورها تدمر صحتهم العقلية، والنفسية، و تقتل الطموح، والحياة الطبيعية لديهم.

و حول سبل الحد من تأثير الأجهزة الذكية على الأطفال أوصت الباحثة الاجتماعية فلسطين عابد بإيجاد مؤسسات و نوادي مجانية أو بأسعار رمزية، تمكن الأطفال من الوصول اليها و قضاء الاجازة في مهارات تصقل شخصياتهم و تنمي عقولهم، و توفر لهم اوقاتاً للمرح بعيداً عن الأنشطة المجهدة.

من جهة أخرى أوصت دراسة حديثة لجامعة جنوب أستراليا بنزع الهاتف من يد الأطفال إذا استمر وقتًا طويلًا، وجعلهم يلعبون ويتمرنون على عزف الموسيقى، والمشاركة في نشاطات رياضية واجتماعية.

وخلصت الدراسة التي أجريت على أكثر من 61 ألف طفل (ما بين 4 و9 سنوات) إلى أن الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمام شاشات الأجهزة الذكية يؤثر سلبًا في صحتهم النفسية وحالتهم المزاجية، وأكد الباحثون ضرورة العمل على ضمان وصول الأطفال للمرافق الرياضية والمشاركة في النشاطات الفنية.

ووجد البحث أن الأطفال الذين يمارسون الرياضة والأنشطة الأخرى -أو يتواصلون مع أصدقائهم بعد المدرسة- يكونون أكثر سعادة وصحة مقارنة بأولئك الذين يظلون ملتصقين بشاشات الأجهزة الذكية.

وأثناء الدراسة، حلّل الباحثون بيانات من 61 ألفًا و759 طالبًا مدرسيًا لتقييم متوسط ​​عدد الأيام في الأسبوع التي شارك خلالها الأطفال في أنشطة مختلفة، وقياسها مقابل عوامل الرفاهية مثل السعادة والحزن والقلق والمشاركة والتفاؤل وتنظيم المشاعر والرضا عن الحياة.

وتوصّل الباحثون إلى أن معظم الطلاب يشاهدون التلفزيون حوالي 4 أيام من الأسبوع الدراسي، ويقضون حوالي 3 أيام في الأسبوع في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفق المعهد الأسترالي للصحة والرعاية، يعاني 1 من كل 7 أطفال (ما يعادل حوالي 560 ألف طفل) من اضطراب في الصحة العقلية.

وأوضح القائمون على الدراسة أن هذه البيانات تكشف كيف يمكن لبعض الأنشطة أن تعزز الصحية العقلية للأطفال؟ في حين أن بعض النشاطات الأخرى -وخاصة الشاشات- يمكن أن يضر بصحتهم العقلية والبدنية.

 

 

 

 

كلمات دلالية