الإمارات تتدخل للوساطة في أزمة سد النهضة

الساعة 08:26 ص|14 يوليو 2022

فلسطين اليوم

تسعى الإمارات للعب دور بارز في واحد من أخطر الملفّات التي تواجه القارّة الأفريقية راهناً: سدّ النهضة، وتحويله من أزمة إلى فرصة تعزّز مقدّرات أبو ظبي الاقتصادية والاستثمارية في حوض النيل؛ وتضْمن استمرار نظام آبي أحمد، الوثيق الصلة بها، وسط متغيّرات دولية متصاعدة تزيد من حدّتها تداعيات الأزمات الاقتصادية والتنافس الدولي على موارد الإقليم الهشّ سياسياً؛ وتؤدّي ضمناً إلى تمتين الصلة مع إسرائيل عبر «الإدارة المشتركة» تفادياً لحساسية الحضور الإسرائيلي المباشر.

وقد تَجدّد الحديث عن وساطة إماراتية في هذا الملفّ منذ مطلع حزيران الماضي، بعد معلومات أوردتها وسائل إعلامية إثيوبية، نقلاً عن مصادر إماراتية، عن استعداد أبو ظبي للعب «دور بنّاء» بخصوص السدّ، وتكوينها فريقاً من الخبراء الفنّيين للغرض المذكور، على أن يقود المهمّةَ شخبوط بن نهيان، وزير الشؤون الأفريقية. كذلك، بدت لافتة، مطلع الشهر الجاري، دعوة الإمارات إلى تأجيل أيّ حديث عن مفاوضات حول «النهضة» إلى ما بعد اكتمال «الملء الثالث»، بحجّة تهيئة الأجواء أمام نجاعة هذه العملية، في تبنٍّ كامل لوجهة النظر الإثيوبية.

تُعدّ الإمارات، في نظر إثيوبيا على الأقلّ، وسيطاً «مثالياً» في أيّ محادثات مرتقبة بخصوص سدّ النهضة، لعدّة اعتبارات أبرزها صلتها الوثيقة بنظام آبي أحمد؛ وتطابق رؤاهما الاستراتيجية في إقليم القرن الأفريقي؛ وحضورها المتنامي في إقليم البحر الأحمر سواءً بشكل منفرد أو بالتنسيق مع فاعلين إقليميين ودوليين في مقدّمتهم إسرائيل والولايات المتحدة (ومصر)؛ وقدرتها على إرفاد أيّ حلول تقترحها بتمويل التنفيذ (كما في حالة أرض الفشقة الزراعية السودانية التي يحتلّها مزارعون إثيوبيون وكانت أديس أبابا ترفض نقل السيادة عليها إلى الخرطوم)؛ وتطلّعها إلى استغلال الفرص الهائلة في حوض النيل (والبحر الأحمر) بدعم إسرائيلي واضح، وقبول أميركي قائم بالأساس على دفْع مشكلات الإقليم واستقطاباته إلى حدودها القصوى، قبل فرْض «تسوية» ربّما تتّضح ملامحها في زيارة جو بايدن المرتقبة إلى الرياض.

 وتستند الإمارات، في دخولها على خطّ ملفّ «النهضة»، إلى انخراطها في جهود الوساطة بين الأخيرة وإريتريا؛ ودعمها نظام آبي أحمد عسكرياً واقتصادياً في مواجهة آثار الحرب في إقليم تيجراي (خصّصت في آذار 2022 مساعدات إغاثة بقيمة 85 مليون دولار لأديس أبابا)، وتمتّعها حالياً بمكانة بارزة في ملفّ الأزمة الإثيوبية الداخلية، كما يتّضح في الخطاب المفتوح الذي وجّهه رئيس «جبهة تحرير تيجراي»، دبرتصيون جبرامايكل، منتصف حزيران الماضي، إلى «الشركاء الدوليين» المعنيّين بتسوية الأزمة، وعلى رأسهم رئيس الإمارات، محمد بن زايد.

وفيما شجّعت الإمارات أطراف الأزمة على تجميد خلافاتهم إلى ما بعد الملء الثالث (كما أعلن آبي أحمد أكثر من مرّة)، فإن ذلك يأتي في سياق واضح تماماً، عنوانه استنزاف الوقت لصالح الترتيبات الإماراتية الأشمل في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وعلى رأسها ضمان استثماراتها في كينيا، التي تترقّب أبو ظبي نتائج انتخاباتها الرئاسية في آب المقبل، حيث سيترتّب على الأولى حسْم موقفها من عرْض «شركة موانئ دبي العالمية» على حكومة أوهورو كينياتا الحالية (خلال زيارته الإمارات في آذار 2022)، إدارة الشركة لأربعة موانئ كينية، في ما وصفه وليام روتو، نائب الرئيس الكيني الحالي وزعيم تحالف «كينيا كوانزا»، بأنه محاولة سرّية من قِبَل كينياتا لبيع أصول البلاد. وجاء ذلك بالتزامن مع ما تَردّد عن فقْد إثيوبيا حصّتها في ميناء بربرة في إقليم «أرض الصومال»، والبالغة 19%، بعد فشلها في الوفاء بالتزاماتها المطلوبة.

 

كلمات دلالية