الشهيد «نعمان طحاينة».. قائد ومفكر من الرعيل الأول

الساعة 11:54 ص|13 يوليو 2022

فلسطين اليوم- الإعلام الحربي

عــرف عنــه فطنتــه وذكاؤه؛ فقــد كان منظراً ومفكراً في عالم اختلطــت فيــه الألــوان وتباينــت الــرؤى والتحليــلات، فــكان رجــلاً يعشــق الــدم المقــاوم كــما أراد لــه والــده أن يكــون، فســماه نعــمان.

إنــه الشــهيد القائــد نعــمان طاهــر صــادق طحاينــة، صديــق الكتــاب والبندقيــة، صاحــب الإبــداع الفكــري. نعــم الرجــل الصامــت أنــت مــن أجــل مــشروع إســلامي نهضــوي تجديــدي.

الشهيد القائد نعمان طحاينة، الذي تصادف اليوم ذكرى استشهاده في 13/ 7 /2004م، بدأ مشواره مع حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس، وهو فتى صغير لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر، وكان من أوائل الملتزمين بهذا المشروع الوطني المقاوم، وتحول إلى أبرز المنظرين داخل هذا المشروع، فقد تمتع بقدرات عالية بالتفكير والإبداع، وبرزت عليه علامات العبقرية والتفاني والإخلاص.

ميلاد قائد

ولد الشهيد القائد نعمان طاهر صادق طحاينة (أبو الحسين) في قرية "سيلة الحارثية" بتاريخ 14-3-1971م، ونشأ على مائدة القرآن في مساجد البلدة وتميز بذكاء خاص في دراسته، فقد أنهى الثانوية العامة في الفرع العلمي بتقدير جيد جدا بالرغم من أنه كان مطارداً للاحتلال وقتها.

وتزوج الشهيد القائد نعمان طحاينة، من شقيقة الأسير القائد الشيخ ثابت مرداوي المحكوم بالسجن 21 مؤبداً + 40 عاماً بتهمة قيادة سرايا القدس في الضفة المحتلة والتخطيط وتنفيذ سلسة عمليات استشهادية واشتباكات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الصهاينة، ورزق منها طفلين "الحسين" و"فاطمة الزهراء" ويقبعان في مخيم جنين.

وعرف عن الشهيد، الخلق الحسن وقوة الحجة وسلامة المنطق وصلابة الشخصية، ودرس في جامعة النجاح الوطنية - قسم الصحافة والإعلام، وكان أميرا للجماعة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي آنذاك فيها وهزت كلماته الرنانة أرجاء جامعة النجاح لتكشف للقاصي والداني حقيقة صاحبها، بأنه رجل سياسي ومفكر ومنظم لأبعد الدرجات، ذو ثقافة عالية موسوعية يرافقه الكتاب في حله وترحاله، ولكــن تلبيتــه لنــداء الواجــب الجهــادي المقــدس أوجــب عليــه تــرك جامعــة النجــاح والدراســة في جامعــة القــدس المفتوحــة، ولكــن القــدر لم يســعفه بمواصلــة تحصيلــه الجامعــي؛ فقــد وصــف بأنــه مكتبــة تمــشي علــى الأرض فخــلال فــترة مطاردتــه الطويلــة والتــي تجــاوزت الخمســة عــشر عامــاً كان يتنقــل حامــلاً  حقيبــة ملابــس صغيــرة وحقيبــة كتــب كبيــرة لمواصلــة القــراءة في كل الظــروف.

مشواره الجهادي المشرف

انضــم الشهيد القائد نعمان طحاينة إلى حركــة الجهــاد الإســلامي وهــو فتــىً صغيــر لم يتجــاوز الثانيــة عــشرة مــن العمــر حيــث بدايــات مــشروع الحركــة الإســلامي، والشــهيد الدكتــور الأمــين فتحــي الشــقاقي يطــوف البــلاد يبحــث عمــن يحمــل الهــم والواجــب فحــط رحالــه في ســيلة «الأحــرار»، حيــث وجــد الأنصــار يشــاطرونه الهــم المقــدس، وبــدؤوا يبشـرون بالحلــم الجديــد فصــار شــهيدنا القائد نعــمان مــن أوائــل الملتزمــين بهــذا الخــط، وتحــول إلى أبــرز المنظريــن داخــل هــذا المــشروع فقــد تمتــع بقــدرات عاليــة في التفكيــر والإبــداع وبــرزت عليــه عامــلات العبقريــة.

شــهد لــه العــدو الصهيــوني ببراعتــه وذكائــه مــن خــلال مــا فعلــه مــن عمليــة تبــادل معقــدة التخطيــط، حيــث تمكــن مــن تهريــب الشــهيد الشــيخ صالــح طحاينــة مــن حكــم ظــالم ثلاثين عامــا مــن المقــرر أن يقضيهــا في الســجن مــن خــلال بقائــه في الســجن ودفــع الشــهيد الشــيخ صالــح للخــروج في وقــت الإفــراج عنــه بحيــث خــرج وبقــي هــو في الســجن مستغلاً  ذكائــه وغبــاء الســجانين.

اعتقل القائد نعمان طحاينة في سجون السلطة الفلسطينية عام 1998 وأفرج عنه بداية الانتفاضة عام 2000، ومنذ اليوم الأول للإفراج عنه أخذ على عاتقه ترتيب الأوضاع الداخلية للحركة والساحة الفلسطينية، استجابة مع روح المرحلة الجديدة إبان انتفاضة الأقصى، كما اعتقل في سجون الاحتلال الصهيوني أكثر من 6 سنوات متفرقة، وبقي مطارداً لأجهزة السلطة والاحتلال طيلة فترة حياته، بسبب نشاطاته وأعماله الجهادية وإشرافه على سلسلة من العمليات الاستشهادية بالضفة الغربية المحتلة.

ويتهم العدو الصهيوني الشهيد القائد نعمان طحاينة بأنه العقل المدبر للعمليات العسكرية لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية المحتلة التي وجهت له ضربات قاصمة.

وشكل الشهيد القائد نعمان طحاينة باكورة العمل المقاوم، والتي كان عناوينها رفاق دربه قادة سرايا القدس الشهداء إياد حردان وإياد صوالحة وأنور حمران وخالد زكارنة ومحمود طوالبة وغيرهم الكثير من الشهداء القادة.

ومن أبرز كلمات الشهيد نعمان طحاينة في عزاء الشهيد القائد محمد ياسين "لا عشتم ولا كنتم ولا كانت سرايا القدس إن لم تلطخوا جسدكم بالدم وتثأروا للشهداء" إذ حث بها أبناء الحركة على المقاومة والثأر والانتقام لدماء الشهداء ومواصلة النضال ضد المحتل.

وكان الشهيد طحاينة، الرجل الصامت في أعماله، فقد كان يعمل بصمت يرفض الظهور العلني الذي يعتبره أداة للقتل السريع، حيث قاد حركة الجهاد في الضفة الغربية وعمل على إنشاء عدة مؤسسات لها، فكان رجلا ً مقاتلا مجاهدا من أجل مشروع إسلامي نهضوي تجديدي.

موعد مع الشهادة

كان للشهيد القائد نعمان طحاينة جولات وصولات مع محاولات الاعتقال والاغتيال حتى وصل الأمر إلى كمين نصبته الوحدات الصهيونية الخاصة المتخفية بالزي المدني، بتاريخ 13-7-2004م، فباغتته عقب مغادرته المشفى في "حي الزهراء" في جنين حيث يتلقى العلاج.

وقال شهود العيان: "أن الوحدات الخاصة حاصرت الشهيد نعمان طحاينة وأطلقت النار عليه مباشرة ومن جميع الاتجاهات مما أدى لاستشهاده وإصابة واعتقال مرافقيه".

ويؤكد الشهود "أن قوات الاحتلال قصدت تصفية الشهيد القائد نعمان طحاينة حيث كان من الممكن اعتقاله، ولكنهم أصابوه بأكثر من عشرين عيارا ناريا".

وهكذا مضى الشهيد المجاهد إلى ربه ملبياً، بعد أن أدى واجبه الجهادي رغم قلة الإمكانات؛ فقــد ظهــر بمثابــة الهمــة التــي أحيــت الأمــة مــن بعــده، فكتــب عنــه الكثيــرون مــن الزمــلاء الإعلاميــين، وتجلــى لــه الأثــر العظيــم في طلبــة جامعــة النجــاح الذيــن لم يعرفــوه، ولكنهــم عشــقوا، فكــره وثقافتــه.

شــهيدنا المقــدام نعــمان قائــد إعلامــي بــارع كتــب قلمــه للشــهداء ولمعركــة مخيــم جنــين التــي ســطرها أبطــال سرايــا القــدس بدمائهــم إلى جانــب إخوانهــم في جميــع التشــكيلات العســكرية المقاومــة، وقــد أصــدر مركــز الأقصــى للدراســات والإعــلام في جنــين كتابــا طويــلا عــن شــخصيته ومسيــرته الجهاديــة بعنــوان (نعــمان طحاينــة، مــن رحــاب الكتــاب إلى جــذع البندقيــة شــهادة بالفكــر والــدم).

كلمات دلالية