"التلاعب بملف العمال" ..كشف فساد السلطة وسط مطالبات بسحب التصاريح

الساعة 05:20 م|22 يونيو 2022

فلسطين اليوم

"ألف موظف يعملون بالسلطة الفلسطينية ضمن كشوفات وأسماء الحاصلين على تصاريح للعمل بالداخل المحتل".. خبرٌ  نزل كالصاعقة على عمال قطاع غزة العاطلين على العمل والمقدمين للحصول على تصريح للعمل داخل أراضينا المحتلة عام 48.

الخبر الذي جاء على لسان وكيل وزارة العمل في قطاع غزة إيهاب الغصين، أثار غضب المئات من عمال غزة التي تنتظر حصولها على تصريح العمل في ظل الواقع المأساوي نتيجة الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع منذ ستة عشر عاماً والذي أثرت تبعياته بشكل كبير على "فئة العمال".

وكشف الغصين في تصريحات صحفية، أمس الثلاثاء، عن استفادة 1000 موظف من سلطة رام الله الذين على رأس عملهم يستفيدون من تصاريح العمل في الداخل المحتل".

العمال صارت موظفين

الشاب محمد العبد من سكان مدينة غزة، أحد العمال المقدمين للحصول على تصريح عمل، أعرب عن غضبه وتذمره لحالة اللامبالاة التي تنتهجها الجهات القائمة على ملف  تصاريح العمال، قائلاً" موظف السلطة هو بحاجة لتصريح عمل يا هيئة الشؤون المدنية، موظف السلطة ليس بحاجة لتصريح عمل، تصاريح العمل من حق العمال وكفي تلاعب في أعصاب الناس وارزاقهم "

العامل العبد  الذي يعيل 8 أفراد، التقي به مراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، خلال وقفة احتجاجية نظمها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة أمام مقر الشؤون المدينة بمدينة غزة، اليوم الأربعاء، احتجاجاً على  تلاعب السلطة في ملف عمال القطاع.

قال" الظروف التي نعيشها جعلتنا ننتظر الدقيقة للحصول على التصريح، والتلاعب من قبل الجهات المسؤولة كان أولى به عمال غزة العاطلين مش الموظفين، فالتصاريح حق للعمال حق  لهذه الفئة المهشمة و الأكثر فقراً".

وفي عام 2021، جرى الاتفاق على إدخال ثلاثين ألف عامل  من قطاع غزة للعمل بالداخل المحتل، وافق الاحتلال على إدخال قرابة الـ12 ألف عامل حتي اللحظة من بين تسعين ألف عامل مسجل لدى كشوفات وزارة العمل في غزة

العامل العبد لم يختلف عن غيره من العمال المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، فالعامل محمود سعد، الذي عبر عن حالته بلافتة حملت جملة واحدة " عامل متعطل عن العمل"، أكد في حديث لـ"مراسل وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" أن التصاريح حق للعمال وليس للموظفين، والسلطة وغيرها مطالبة بإنصاف العمال الفئة المهشمة والأكثر فقراً.

وقال سعد " مقدم التصريح من 6 شهور وكل مرة براجع، الرد بكون على قوائم الانتظار، وفي الأخر يطلع في الكشوفات الذي أخدت التصاريح موظفين وسلطة كمان صحيح والله بلد العجائب احنا"، خاتما حديثه:" هي تصاريح العمال مش للعمال  وله العمال صارت موظفين".

تلاعب واضح

من ناحيته، أكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفي الصواف، أن المعلومات التي أعلن عنها وكيل وزارة العمل في غزة بأن قرابة الـ"1000 تصريح عمل" تم منحها لموظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة  ليست صادمة ومتوقعة، كون وجود معلومات أخرى تتحدث عن  إصدار الشئون المدنية ما يزيد عن ألفي تصريح بطريقة غير شرعية.

وأوضح الصواف خلال حديث لـ"مراسل وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن قضية التصاريح جرى على أثرها اتفاق بين الشؤون المدنية في رام الله ووزارة العمل في قطاع غزة بأن يكون إعطاء التصاريح وفقاً للكشوفات التي ترفعها وزارة العمل لها.

ما يزيد عن ٢٠٠٠ تصريح تمت منحها من قبل الهيئة العامة للشؤون المدنية بطرق غير شرعية 

وبين أن الاتفاق تم التعامل عكس بنوده، فما يحدث في كشوفات التصاريح يكون وفق الهيئة العامة للشؤون المدنية ، فعندما يتم رفع كشف بأسماء دفعة جديدة من الوزارة للهيئة يتم الموافقة فقط على قرابة الـ20% من اجمالي الكشوفات والباقي تكون الأسماء بطرق مختلفة وغير صادرة عن الوزارة.

وأشار الكاتب الصواف إلى أن ملف التصاريح وما أعلنت عنه وزارة العمل في غزة يؤكد  التلاعب الواضح من قبل الجهات المسؤولة والمتمثلة بالهيئة العامة للشؤون المدنية التابعة للسلطة، متسائلاً" ألف موظف يتلقون رواتب من حكومة رام الله يعطون تصاريح عمل للعمل داخل الكيان، كيف ؟ من المسئول عن الشئون المدنية ليست سلطة رام الله ، من سيحاسب، من سيراقب أم أن الأمور فيها ما فيها؟.

 

مطالبات بالتحقيق

بدوره ، أكد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بغزة أن هذا التلاعب الذي تقوم به الشؤون المدنية بملف العمال لم يكن ملف الفساد الأول بالسلطة تجاه العمال، بل قامت بالتلاعب بصندوق "وقفة عز" ومساعدات البنك الدولي، حيث استفاد من هذه المساعدات عناصر يتبعون لفصائل منظمة التحرير وليس عمال غزة المتعطلين عن العمل.

وقال الاتحاد في بيان أصدره وصل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" نسخه عنه:" مازالت السلطة الفلسطينية تتكتم على ما جاء بتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية برام الله عن حجم الخروقات في صندوق "وقفة عز"، والذي كشف عن قيام السلطة ووزارة العمل برام الله بسلب حقوق العمال وممارسة تمييز "عنصري" بين الضفة وغزة".

وأعتبر الاتحاد في بيانه وجود ألف موظف بكشوفات التصاريح  قضية فساد واضحة مكتملة الأركان لن نسمح باستمرارها بأي شكلٍ من الأشكال، وهي جريمة وطنية وضربة في ظهر العمال، محذراً أنه في حال لم تستجب هيئة الشؤون المدنية لمطلبنا العادل والمشروع بسحب تصاريح الموظفين فإن خطواتنا في كشف الحقيقة والدفاع عن حقوق العمال ستبقى مستمرة لحين إجبارها على الاستجابة.

وأشار الاتحاد إلى أن اعتراف السيد إياد نصر بالأمس باستصدار تصاريح لموظفي السلطة، يؤكد وجود فساد بملف التصاريح فنطالب بفتح تحقيق مستقل ومحاسبة كل مسؤول يثبت تورطه بهذه الجريمة، وتشكيل لجان حقوقية وقانونية مستقلة تشارك في التحقيق من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية لمراجعة كشوفات التصاريح.

وطالب بوجود جهات رقابية على ملف تصاريح العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن تكون هذه الجهات من المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني.

كما طالب الاتحاد في بيانه الأجهزة الأمنية في قطاع غزة  بتحمل مسؤوليتهم، بسحب تصريح كل موظف سلطة يثبت حصوله على تصريح عمل بالأراضي المحتلة، داعيا مؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني لمساندة ومناصرة قضية العمال العادلة، في حقهم بالعمل وأحقيتهم بالتصاريح العمالية بالعمل بالداخل المحتل.

ويعيش العمال الفلسطينيون واقعًا مأساويًا نتيجة الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع منذ ستة عشر عاماً، تعطل خلاله ربع مليون عامل عن العمل، ما جعلهم يبحثون عن أنصاف الفرص لتشغيلهم وإعالة أسرهم وإخراجهم من براثن الفقر المدقع والمعاناة، التي لم يسمع بأنينها سوى جدران منازلهم الشاهدة على صوت أمعاء أطفالهم الخاوية طيلة سنوات الحصار، في وقت أدار الجميع ظهره للعمال وتركوهم لمعاناتهم يغرقون في وحل البطالة.

كلمات دلالية