قائمة الموقع

بالصور المهندس "محمد حلس": إبداعٌ في صنع الأدوات التراثية القديمة بطريقة عصرية

2022-06-09T11:58:00+03:00
المهندس محمد يبدع في صنع الأدوات التراثية القديمة ويواكب العصر (18).JPG
فلسطين اليوم

غزة/ أمل الوادية:

داخل ورشته يجلس الشاب محمد، على كرسيه أمام طاولة خشبية من صنع يديه، وينسج من خيوط مهارته تحفاً وأعمالاً فنيةً خشبيةً، فبينما تجوب ساحة منزله التي حولَها إلى ورشة لصنع الأدوات التراثية تخطف ناظريك منحوتاته الخشبية التي يعكف على إنجازها ساعات طويلة، لطالما أحب أشكال الخشب منذ صغره، ووجد شغفه فيها، فلم يكن يعلم أن حبه لموهبته سيفتح أمامه أبواب الرزق ويكسر حاجز البطالة.

أخذ "محمد حلس" يخوض كل يوم حياة النجارين ويذهب إلى ورش تصنيع التحف الخشبية، ليتعلم منهم ويبتكر شيئاً غير مألوف للعادة، ساعده على ذلك تخصصه الجامعي "الهندسة المعمارية ومصمم داخلي"، حتى انتهى به المطاف إلى تحويل جزءاً من منزله إلى "منجرة" لصناعة الأدوات التراثية والمنزلية كافة، ويُروجها عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي.


 

بداية القصة

يقول محمد لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "تعلمت خلال مرحلتي الإعدادية أساسيات صنع التحف الخشبية بالمدرسة، حيث كنا ندرس مادة "صناعة" طوال 3سنوات، فأنتجتُ خلالها أشكالاً خشبية كالسفينة والطائرة والسيارة، وكانت أعمالي مميزة يشرح المعلم عليها كنموذج لتعليم الطلبة، إلى جانب متابعتي فيديوهات عبر اليوتيوب ومواقع أخرى أفادتني بالكتب والمجلات الخاصة بالأعمال الخشبية."

خلال دراسته الجامعية صنع مجسمات خشبية مُغاير لمشاريع الطلبة الكرتونية، فنال ذلك اعجاب الجميع بما فيهم الدكاترة والطلبة، يُكمل: "كان يتطلب منا بالجامعة إنتاج مجسمات، فصنعت أول مرة مجسم كرتوني، لكني شعرت أنه لم يمنحني الشكل المطلوب، ولم أجده مادة مُريحة، دفعني ذلك لصنع أول مجسم خشبي للجامعة "شكل الجسر" أُعجب فيه الجميع لأنه كان مميزاً عن بقية أعمال الطلبة."


 

البيت تحول لورشة

في عام 2013 بدأ حلس عمله داخل منزله، حيث كانت الأدوات متوفرة والأسعار أفضل مما عليه الآن، وقام بشراء أدوات كهربائية كالمقدح والمنشار وأدوات يدوية أخرى، وصنع أشكال جديدة تُستعمل في الحياة اليومية كالمجات الخشبية، وعلب الأقلام، ومجسمات يدوية تختلف عن الموجودة بالسوق.

يُضيف: "في عام 2018 حوَّلت ساحة البيت لورشة، وقمت بوضع جميع الآلات والأدوات الخاصة بصنع الخشب، وبدأت في صنع التحف الخشبية بكافة أشكالها من خشب الأشجار، وخاصةً شجر الحمضيات واللوزيات والزيتون، لأنه أنسب نوع لصناعة التحف الخشبية."


 

كيفية الصنع

تبدأ مرحلة صنع التحف الخشبية وغيرها بعدما يتم اختيار نوعية الخشب المطلوب ثم يمر بعمليات عدة أولها تجهيز وتجفيف الخشب، وتشريحه إلى ألواح خشبية بعدما كان شكله اسطواني، ليمر بعملية تجفيف مرة أخرى حتى تموت المادة الحية الموجودة فيها ولا يصلها العفن وتفتت بعد الاستخدام.

يُكمل: " بعد مرحلة التجفيف يدخل الخشب بعملية القص (حتى يصل للشكل المطلوب) ويمر بمرحلة التنعيم، ثم عملية النقش والتفريغ وتكون إما يدوياً أو أتوماتيكياً حسب الشكل والزخرفة المطلوبة."


 

منتجات خشبية

أنتج محمد العديد من أشكال الخشب كالأدوات التراثية ومنها قوالب المعمول فلا يوجد بقطاع غزة منها، إلى جانب الأدوات المنزلية كقوالب البسكويت والأواني الخاصة بالتقديم والمخصصة لتقطيع الكيك، والمعالق الخشبية فمنها للاستخدام والآخر للزينة.

ويعمل حلس حالياً على صنع الأدوات المكتبية كالبنر (القطعة الخشبية التي يكتب عليها الاسم والمنصب)، والدروع الخشبية الخاصة بالإهداء، والساعات والاقلام الخشبية وغيرهما.


 

عوائق عمله

لا زال الحصار "الإسرائيلي" المفروض على قطاع غزة يُشكل العائق الأكبر لدى سكانها، حيث وصف حلس العوائق التي واجهها "بالتعجيزية"، يقول: "سعيت كثيراً لشراء الآلات من خارج قطاع غزة لكن تكلفة شحنها ووصولها لغزة أعلى بكثير من تكلفة شراءها، الأمر الذي جعلني أكتفي بالآلات المستعملة من داخل غزة، إلى جانب ارتفاع سعر المواد الخام وعدم توافرها."

أما عن قطع التيار الكهربائي فحدث ولا حرج، فهي المشكلة الأساسية التي يعاني منها أغلب سكان قطاع غزة وخاصةً أصحاب المشاريع الصغيرة، إذ تنقطع الكهرباء في وسط عملهم مما يؤدي إلى تعطله، وتأخره، وعدم إنجازه بالدقة المطلوبة.


 

هدفه الأسمى

يُكرر صناعة المنتج أكثر من مرة حتى يصل للشكل المطلوب، يقول: "الأخطاء زادتني عزيمة وإصرار لإنتاج المزيد، فلا أشعر باليأس حين أفشل بل أستمر بالمحاولة، لأنه لا يُوجد فرص عمل بقطاع غزة، لذلك أسعى إلى تطوير مشروعي لشركة صناعية أستطيع من خلالها توفير فرص عمل لدى كثير من الخريجين، وإنتاج صناعة محلية بجهود وطنية فلسطينية، ونتمكن من تصدير المنتجات للخارج."

ويبلغ معدل البطالة في فلسطين 26% بواقع 372ألف شخص عاطل عن العمل، 47% منهم في قطاع غزة، وذلك بسبب الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع منذ 16 عاماً.







 

اخبار ذات صلة