إن التباهي والتفاخر الذي رأيناه من قبل العدو ومستوطنيه وحتى على مستوى قادته بما فيهم رئيس وزراء حكومتهم "بينت"، ورئيس ما تسمى بالمعارضة "نتنياهو" مؤكدين من خلال تصريحاتهم بعد انتهاء سير المسيرة "بأن القدس ستبقى موحدة"، كتصور احتلالي من الواضح بأن عليه توافق وإجماع من كافة شرائح وأحزاب هذا الكيان الذي خبرناه جيداً على مدار سنوات طويلة من المقاومة التي لا يفهم إلا لغة الألم والوجع والخوف.
إن خطوة "مسيرة الأعلام" التي أعد لها العدو جيداً سواء على صعيد كثافة القوات الشرطية والأمنية التي لم تشهدها المدينة منذ احتلالها أو من خلال إقحام الوساطات المختلفة للضغط على فصائل المقاومة لصالحها. كل هذا أراد العدو من خلاله قلب المعادلة لصالحه لإحراز أي شكل من أشكال الانتصار عبر تلك المسيرة التي كانت تحمل في طياتها رسائل من قبل الاحتلال على غير العادة التي اعتقد من وجهة نظري الخاصة أنها:
♦️محاولة إعادة الهيبة التي نزعت منها في معركة "سيف القدس"
♦️ محاولة نزع ما حققته وأنجزته معركة "سيف القدس" بخصوص ما تشكل من وحدة الساحات والترابط ما بين القدس وكل الساحات الفلسطينية بالعمل على فصلها وتمزيقها.
♦️الاستمرار في الخطوات التي تؤدي إلى التمكن ومحاولة فرض إرادة السيطرة و السيادة على المسجد الأقصى.
♦️ إضعاف الحالة الثورية المتصاعدة التي تسلح بها الفلسطينيون نتيجة لمعركة "سيف القدس"، وإسقاط حالة الإجماع والتأييد والالتفاف حول خيار المقاومة.
♦️إظهار العدو المقاومة بمرور المسيرة دون أي رد عليها بأنها ضعيفة ولا تقوى على المواجهة، والمضي إلى اتخاذ المزيد من الخطوات نحو تهويد وتوحيد القدس. الأمر الذي سيؤدى إلى مزيد من حالة الإحباط والتراجع لدى الفلسطينيين، كل هذا أرادته حكومة الاحتلال، ولن يقف عند هذا الحد بل سيستمر بخطواته الاستفزازية التي ستؤدى في نهاية المطاف إلى الانفجار الكبير.
ربما اختلف مع غيري في موضوع تقيمه لعدم رد المقاومة وأقول منطلقا من موقفي الشخصي إن المقاومة أخطأت في تقديراتها وحساباتها خطئاً استراتيجياً سيؤثر على صورتها ومصداقيتها إذا لم تتدارك الأمر سريعا بغض النظر عن الشكل والأسلوب الذي ستستخدمه في الرد، مع التأكيد على أن مقومات الرد قبل وأثناء سير المسيرة كانت حاضرة من خلال الإجماع الوطني والاستعداد الجماهيري الكبير الذي أبداه شعبنا كله بكافة أطيافه وساحاته، وكذلك حالة العنفوان والثورة والتعبئة التي تمتع بها شعبنا وتعطشه إلى إنجاز جديد يلبي تطلعاته باتجاه التحرير.
صحيح أن المقاومة لها تقديراتها وحساباتها الخاصة بها في خوض المعركة من عدمه، لكن هذه المرة الأمر مختلف عن كل القضايا لكون الحدث هو القدس بكل ما تمثله لنا من كرامة وعقيدة ووطن وتاريخ وسيادة، وأقول هنا أنه عندما يتعلق الأمر بالقدس (الكرامة)، والخطر عليها لا يجب أن تحضر الحسابات كثيراً، وقد يقول قائل ما الذي سنجنيه من دخولنا هذه المعركة وأرد عليه بالقول على سبيل المثال لا الحصر:
♦️ التأكيد والحفاظ على نتائج النصر التي تحققت في معركة "سيف القدس" التي اعتبرها أهم من الإنجاز ذاته.
♦️تحقيق عناصر ونتائج نصر جديدة من خلال تأكيد السيادة الفلسطينية على القدس، وطمس كل محاولات حرب التهويد والأسرلة المعلنة عن القدس والمقدسات.
♦️إحياء جذوة الصراع والمقاومة في نفوس شعوب الأمتين العربية والإسلامية بعد حالة الفتور القاتلة تجاه المقدسات الإسلامية.
♦️ تلبية رغبة وتطلعات وتعطش الجمهور الفلسطيني إلى إنجاز جديد بالأخص في موضوع القدس القضية المركزية ولب الصراع، وبالتالي سيزيد منسوب الإيمان بخيار المقاومة والتحرير أكثر فأكثر.
الخلاصة
ما جرى من عدوان عبر مسيرة الأعلام يكاد أن يكون للمرة الأولى التي يكون فيها إجماع وطني واضح وكبير تأييداً للمقاومة وخيارها في الرد على الاحتلال، وأن العدو نتيجة لعدم رد المقاومة يعتبر نفسه انه انتصر في هذه المعركة، وبالتالي سيزيد من حالة التهويد والاستمرار في خطواته الاستفزازية ولن يتوقف محاولاً بذلك فرض السيادة على القدس. الأمر الذي سيؤدى إلى الانفجار المحتم.