خبر زمن اسرائيلي، 2009.. هآرتس

الساعة 08:56 ص|28 ابريل 2009

بقلم: أسرة التحرير

فضلا عن المواعيد الرسمية والمدورة، فان الدول القديمة لا تحتفل بشكل عام بعيدها الوطني كيوم ميلاد لها حيث يكون معنى احتفالي لرقم العمر. ليس هكذا اسرائيل، التي تعد من تلك الدول الشابة نسبيا، التي لا تزال تحصي سنوات وجودها ككنز ثمين وكأن مجرد تراكمها يشكل انجازا بحد ذاته – دليلا على قدرة البقاء والقوة المتجمعة.

بعد سنة من احتفال اسرائيل بذكرى الستين لقيامها – ربما نضج الزمن لوداع عقلية الابتهاج لمجرد الوجود هذه – الجانب الاخر من عملة قلق الوجود – والخروج في يوم الاستقلال هذا العام الى الرحاب الذي لا يعود فيه معنى لعدد السنين بل لما يتم فيها من فعل. ناهيك عن ان التماثل بين "الزمن" وبين "صالحنا"، والذي انكب عليه زعماء اسرائيل في عقود معينة كضمانة للتطور التلقائي لم يعد مؤكدا مثلما كان: فالمرة تلو الاخرى يثبت ان الزمن بحد ذاته لا يعمل في صالح اسرائيل طالما لا تفعل هي نفسها الكثير في هذا المجال.

وبالفعل، الى جانب الدينامية المثيرة للانطباع التي تعاظمت فيها اسرائيل في غضون جيلين من حيث عدد سكانها، قوتها العسكرية، اقتصادها وثقافتها المميزة – يبرز ميل حكوماتها المتعاقبة على أن ترى نفسها مسؤولة أساسا على الحفاظ على الجمود في المواضيع الاساسية: المشكلة الفلسطينية، المستوطنات ومسألة الحدود الشرقية؛ مسألة الدستور والتعريف الذاتي الاسرائيلي، بما في ذلك الحاجة الى فصل الدين عن الدولة؛ اندماج عرب اسرائيل؛ سيطرة الجيش على حياة الدولة؛ النهج السياسي الذي تتسلط عليه الصدمة ويتركز في صد المخاطر والمبادرات بدلا من الامال، الاحتمالات واستغلال الفرص السياسية. كل هذه المسائل بقيت كما هي – مجمدة ومؤجلة، دون حل او جواب.

اسرائيل ليست هذه المذنبة الوحيدة في وضعها العبثي. فاعداء قريبون وبعيدون، يشككون بمجرد شرعية وجودها، ليس فقط لا يصمتون مع مرور الزمن بل يتعاظمون. ولكن الجواب على ذلك لا يكون في التمترس في الوضع القائم وفي النهج المضاد تجاه العالم بأسره – بل العكس: في اعادة تجنيد تلك الطاقات الابداعية التي جعلت اسرائيل مصدر تقدير في سنواتها الاولى.

غير أنه لشدة الاسف، حتى في المجالات التي هي في ايدينا احتل الجمود مكان التغيير. الحكومة التي تشكلت منذ وقت غير بعيد، ليس فقط لا تبشر بالتغيير والامل، بل تمجد علم العودة الى الوراء: سواء في المجال السياسي والمسألة الفلسطينية، ام في الموقف من المستوطنات، ام في مواضيع الدين والدولة، ام في النهج تجاه عرب اسرائيل، أم بالموقف العام من جيراننا ومن العالم.

من يتمسك برؤيا "ادارة النزاع" ويئس من حله، ومن السلطة بالنسبة له هي الغاية وليست الوسيلة للتغيير وتحسين القائم – سيجد نفسه يراوح بنا جميعا في المكان في مياه ضحلة وتديره هو الازمات، بل النمو والتجدد. في يوم الاستقلال سنذكر ما هو مسلم به: دولة اسرائيل اقيمت كي تحقق الامل لا كي تتسلح بالترقب لمجيء المسيح.