الجيوسياسي والتطبيع

الساعة 10:17 ص|26 مايو 2022

فلسطين اليوم | ياسر عرفات الخواجا

ياسر عرفات الخواجا

ربما يوحي هذان المصطلحان بشيء من الغرابة لدى القارئ وما هي العلاقة الرابطة بينهما. وهنا أؤكد أن الرابط بينهما هو الاستثمار السياسي.

الجيوسياسى: هو مصطلح تقليدي ينطبق في المقام الأول على تأثير الجغرافيا على السياسة.

والتطبيع: هو باختصار تحويل العلاقات غير الطبيعية إلى علاقات طبيعية وتشمل كل جوانب  الحياة.

عاد إلينا مشهد الجزر السعودية(تيران وصنافير) الى الواجهة من جديد.  والجديد في هذا هو أن السعودية تجرى ومنذ فترة مفاوضات سرية بينها وبين مصر وإسرائيل وبرعاية أمريكية حول هذه الجزر.. فمنذ عام ١٩٥٠م طلبت السعودية من مصر تولى حماية هذه الجزر في إطار حربها مع الكيان الصهيوني وذلك بعد عام النكبة ١٩٤٨.ثم تطورت الأحداث واحتلت إسرائيل الجزر مرتين المرة الأولى  أثناء العدوان الثلاثي على مصر، والمرة الثانية في عام النكسة ١٩٦٧م.

وبقيت تحت السيطرة الاسرائيلية الى ان تم توقيع اتفاقية (كامب ديفيد) بين مصر وإسرائيل حيث تم استرجاع أراضي سينا و الجزر أواخر ١٩٨١م وبقيت الجزر تحت الإشراف الدولي لأهميتها الاستراتيجية فهي  تقع فى البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة .ومنذ ذلك الوقت والسعودية تسعى لإعادة سيادتها علي الجزر حيث كانت إسرائيل ترفض ذلك إلا أن تطور المشهد السياسي أدى  انكشاف المفاوضات السرية التي تدور حول موضوع الجزر .فإسرائيل توافق جيوسياسيا بسيادة السعودية على الجزر وفى المقابل تريد توافق تطبيع العلاقات بين البلدين علي كل المستويات. وربما تقوم إسرائيل بفتح قناة تجارية تبدأ من ممر الجزر وتمتد إلى إيلات الى البحر الأبيض المتوسط مستقبلا.   الأمر الذى لم ترفضه السعودية اصلا من حيث المبدأ. ونفس الامر تكرر مع المغرب حينما ضغطت إسرائيل على الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

فبعد ٢٦ عام من اتفاقية الأردن.

تم توقيع اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات. والسعودية حينها التزمت الصمت. لكن اللقاءات السرية بين السعودية وإسرائيل بقيت مستمرة.  وهى تثبت بأن التطبيع بين البلدين هو مسألة وقت لا أكثر

هذا ما أكده ترامب حينما قال تحدثت مع الملك السعودي ليلحق بنا بركب التطبيع فرد عليه انه سيفعل ذلك بالوقت المناسب.   

ويقول نتنياهو في هذا الصدد بأن الاتفاقية مع الإمارات ستفتح الباب واسعا لدى السعودية للحوق بركب التطبيع. 

وفي ٢٠٢٠م اعلنت إسرائيل  أنها ستسير  رحلات طيران مباشرة للإمارات  عبر الأجواء السعودية.

أمام كل هذه الإشارات و هذا الاندفاع  المخزي تجاه هذا الكيان والتطبيع معه. وبدل ان تسعى هذه الدول للدعم والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية. بدلا من ذلك تفتح عواصمها لهذا الكيان وتطبع معه

دون أن تراعى مواقف شعوبها الرافضة لهذه الهرولة المجانية والمستفيد الأكبر من   تلك الهرولة هو الكيان الصهيوني. فالتطبيع من قبل العدو هو استراتيجية احتلالية تعطيه المزيد من الشرعية  للسيطرة والهيمنة ليس فقط على فلسطين بل وعلى كل المنطقة العربية برمتها . ليس غريبا على هذه الأنظمة المطبعة القضاء على ما تبقى من القضية الفلسطينية وانهائها  من مشهد الصراع. من خلال تكوين علاقات طبيعية مع هذا الجسم الغريب ليتحول إلى كيان طبيعي في المنطقة.

وبالتالي يستفيد هذا الكيان من مشروع  التطبيع مستخدما تلك الدول كساحات وادوات لتمرير كل مخططاته السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية .

الخلاصة

صحيح أن التطبيع يضر بالقضية الفلسطينية ويعطى عدونا شرعية لارتكاب افظع  الجرائم بحق شعبنا ويعطيه الفرصة للإهانة والاستهتار بمقدساتنا والتجرؤ على فعل امور لم يكن يتجرأ عليها سابقا.

لكننا نقول أمام ذلك بأن أي اتفاقية  تطبيع مع هذا الكيان الغريب دون إرادة ورغبت الشعوب فإنه لا يعدو أكثر من حبر عل  على ورق .

ولابد أن يتأتى يوما يلفظ التاريخ كل المهزومين والمطبعين والمهرولين نحو السراب.