خبر واشنطن وتكتيك « نصفي الكأس » .. كتب: عريب الرنتاوي

الساعة 07:22 ص|28 ابريل 2009

نصف الكأس الفارغ: وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري تعيد تلاوة شروط الرباعية الدولية الثلاث على مسامع لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، وتؤكد تمسك إدارتها بها كشرط مسبق للتعامل مع حركة حماس.

 

نصف الكأس الملآن: السيدة هيلاري كلينتون أبقت الباب "مواربا" حين طلبت من الكونغرس عدم تكبيل يديها، مشيرة إلى احتمال إعادة إنتاج سيناريو التعامل الأمريكي مع حكومة السنيورة التي ضمت وزراء من حزب الله، فلسطينيا، الأمر الذي فسّر على أنه استعداد أمريكي مسبق للتعامل مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية تضم وزراء من حماس أو مدعومة من حماس، من دون اشتراط الأخذ بشروط الرباعية الثلاث.

 

نصف الكأس الفارغ: وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تدعو اللبنانيين من بيروت إلى "انتخاب الاعتدال" وتتوسع في شرح مزاياه في قيادة الدول وإدارتها، وتعيد أكثر من خمس مرات في أقل من خمس دقائق، تأكيداتها على وجوب إجراء انتخابات حرة ونزيهة، من دون ترهيب أو تدخل خارجي (هي لا تعتبر تلاوة الفاتحة على ضريح الحريري الأب أو الدعم الأمريكي للاعتدال اللبناني، تدخلا خارجيا).

 

 نصف الكأس الملآن: السيدة هيلاري كلينتون أكدت استعداد إدارتها للتعامل مع حكومة ما بعد الانتخابات في لبنان، متجنبة الخوض في التفاصيل، خصوصا في ضوء إلحاح الصحفيين على سؤال: ماذا لو فازت المعارضة، ماذا لو فاز حزب الله في انتخابات السابع من حزيران القادم.

 

نصف الكأس الفارغ: الأسد ليس على قائمة المدعويين من كبار قادة الشرق الأوسط في موسم الزيارات لواشنطن، وواشنطن لم تتخل بعد عن قيودها وشروطها وتحفظاتها حيال سوريا.

 

نصف الكأس الملآن: واشنطن ستواصل إرسال الموفدين لدمشق، فيلتمان وشابيرو سيترددان على العاصمة السورية، وقمة بين الأسد – أوباما في أوروبا لا تبدو أمرا مستبعدا قبل نهاية العام الجاري أو في مطلع العام المقبل، وواشنطن في عهد زعيمها الأسود، رفعت الفيتو على مفاوضات سورية إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة، لم يقبل بها بوش إلا على مضض، وثمة ما يؤكد أن الانفتاح الأوروبي على دمشق، لم يكن ليحصل لولا الضوء الأخضر الأمريكي.

 

نصف الكأس الفارغ: الولايات المتحدة تدرس خيارات "عقوبات قاسية" ضد إيران إن هي لم تستجب لمتطلبات الحوار مع المجتمع الدولي (مجموعه الدول الست الكبرى)، بل أن بعض أوساط إدارة أوباما عادت لتقول أن "الخيار العسكري" ما زال على المائدة، ولم يسحب من التداول.

 

نصف الكأس الملآن: أن واشنطن وهي تتحدث بهذه النبرة إرضاءً لأكثر من جهة وخضوعاً لأكثر من "لوبي"، عادت وأكدت أن الحوار والدبلوماسية هما الطريق للتعامل مع أزمات إيران المركبة، وأن خطاب أحمدي نجاد الذي انتقد بشدة في واشنطن، لن يبدل المقاربة الأمريكية الجديدة حيال طهران.

 

نصف الكأس الفارغ: من حيث المضمون، لم يصدر عن إدارة أوباما حتى الآن ما يشي بتغيير جوهري أو يشير إليه، بخصوص الموقف من القضية الفلسطينية، بخلاف ما طرأ من تغييرات جوهرية على مواقف واشنطن من ملفات العالم بأسره.

 

نصف الكأس الملآن: لأول مرة تتحدث إدارة أمريكية عن تسوية الصراع وقيام الدولة الفلسطينية بوصفهما مصلحة قومية أمريكية، ولأول مرة تبدي إدارة أمريكية رغبة من اليوم الأول لاستقرارها على عرش البيت الأبيض للانخراط بنشاط في جهود إحياء عملية السلام.

 

مؤشرات متضاربة، ورسائل موجّهة لكل من يعنيهم الأمر، تطلقها إدارة الرئيس أوباما، تذهب في مجموعها لخلق مناخات من الاسترخاء في المنطقة، خصوصا لدى "محور المقاومة والممانعة" الذي قابل التحية الأمريكية بمثلها على ما يبدو، أو ربما بأحسن منها، ألم يقتف الرئيس الإيراني أثر القادة العرب مصرحا بأنه يقبل بما يقبل به الفلسطينييون، حتى وإن كان حل "دولتين لشعبين"، ألا يشبه هذا الموقف مواقف حماس من التهدئة والحل المرحلي واحترام الاتفاقات.

 

يبدو أن تكتيك "نصفي الكأس الفارغ والملآن" لم يعد حكرا على واشنطن، بل لعبة شرق أوسطية بامتياز.