خبر لو كنت فلسطينياً.. هآرتس

الساعة 11:53 ص|27 ابريل 2009

بقلم: عكيفا الدار

أيهود باراك قال ذات مرة في صراحة: "لو كنت فلسطينيا في العمر المناسب، لدخلت في مرحلة معينة الى احدى منظمات الارهاب". لو كنت انا فلسطينيا، باي عمر، لاعلنت حرب الابادة على كل منظمات الارهاب واستجبت لمطلب اليهود بالاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي. وفضلا عن ذلك، كهدية عيد ميلاد لدولة الشعب اليهودي، بحلول الذكرى 61 لها، كنت سأعلن بأني احترم اعلان استقلالها في 15 ايار 1948. كل ذلك شريطة ان كل مبادئها، حتى اخرها، تنطبق على كل المناطق التي تحت سيطرة دولة الشعب اليهودي. حتى الشبر الاخير.

دولة سيادية تطلب من شعب اخر الاعتراف بهويتها القومية، لا يمكنها ان ترفع العتب عنها دون ان تعرض خريطة ينطبق عليها تعريفها الذاتي. لحل الدولتين للشعبين لا توجد قيمة كبيرة طالما لم يترافق واتفاق ما، وان كان حتى مبدئيا، على مكان الحدود التي ستفصل بينهما. وها هو ذات رئيس الوزراء اليهودي، الذي يطلب من الفلسطينيين الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، يشطب بضربة واحدة هذه الحدود. بنيامين نتنياهو ابلغ نظيره التشيكي، ميرك تبولنيك، بأنه "اذا كان الاسرائيليون لا يمكنهم بناء المنازل في الضفة، فلا حاجة للفلسطينيين ايضا بالبناء". وحسب مبدأ التبادلية، الذي كان دوما شعلة نتنياهو، فان كل فلسطيني، مثل كل يهودي، مدعو من الان فصاعدا الى ان يبني بيته في كل موقع، بين البحر والنهر.

هذا المبدأ يحتاج الى تعديل لتعريف "اراضي الدولة"، الذي ترجمه الاحتلال الاسرائيلي الى "اراضي دولة اسرائيل" والقاموس السياسي جعله "مستوطنات يهودية". لو كنت فلسطينيا، لطلبت بالتالي ان تفتح امامي عطاءات تخصيص الاراضي في كل مناطق الضفة وشرقي القدس. كنت سأشكر نتنياهو على خطة "السلام الاقتصادي"، ولكني كنت سأطالب بموجبها حكومة الشعب اليهودي بتلك الميزانيات للتطوير ومخصصات المياه التي تمنحها لمواطنيها اليهود. وبالطبع، كنت اتوقع ان تعيد لي دون تاخير الاراضي الخاصة التابعة لي، والتي اصبحت بؤرة استيطانية "غير مسموح بها".

لو كنت فلسطينيا، لوقعت بكلتا يدي على البند في اعلان الاستقلال، والذي تتعهد دولة اليهود بالتعاون مع المؤسسات والممثلين للامم المتحدة في تحقيق قرار الجمعية العمومية ليوم 29 تشرين الثاني 1947، وهذا ذات القرار الذي قضى بان القدس، بيت لحم ومحيطهما سيعلن عنها منطقة حيادية تحت اشراف الامم المتحدة، مع حكم يتشكل من مجلس اعضاءه مقدسيون وحاكم أجنبي تعينه الامم المتحدة. لو كنت فلسطينيا لتبنيت دعوة اعلان الاستقلال الاسرائيلي "لابناء الشعب العربي، سكان دولة اسرائيل، الحفاظ على السلام والمشاركة في بناء الدولة على اساس المواطنة الكاملة والمتساوية وعلى اساس التمثيل المناسب في كل مؤسساتها المؤقتة والدائمة".

في اعلان الاستقلال (المسمى خطأ "وثيقة الاستقلال") ورد ان دولة اسرائيل ستنكب على تطوير البلاد في صالح "كل سكانها" ، وستكون قائمة على أسس "الحرية، العدل والسلام". كما وعدت ايضا بانها "ستقيم مساواة تامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطنيها دون فارق في الدين، العرق وبين الرجل والمرأة". والمعنى انه من اجل نيل جملة مظاهر المساواة هذه، فان الفلسطيني ملزم بان يكون مواطنا في دولة الشعب اليهودي. وكما هو معروف فان اولئك منهم الذين يعيشون خلف الخط الاخضر، وبالطبع اللاجئين في الشتات، لا يتمتعون بهذا الحق. في اعلان الاستقلال الذي اطلقته م.ت.ف في تشرين الثاني 1988 اعلنت بانها تكتفي بدولة فلسطينية في الضفة، في قطاع غزة وفي شرقي القدس. لو كنت فلسطينيا لسحبت "حق العودة" وطالبت بمساواة في الحقوق في دولة الشعب اليهودي.

لو كنت فلسطينيا، لفككت الوهم المسمى "سلطة فلسطينية"، ولوضعت حدا للمسرحية المسماة "مسيرة السلام" ولطردت "الدول المانحة". وبدلا من الكفاح في سبيل حقي في تقرير المصير، كنت سأتعلم العبرية وأترجم للعربية شعار "بلا ولاء لا مواطنة"؛ وحين تبلغ اسرائيل المائة عام، ان لم يكن قبل ذلك بكثير فانها ستكون اللغة السائدة في دولة الشعب اليهودي. لحظ نتنياهو، الكثير من الفلسطينيين وكذا الاسرائيليين يتحدثون بلغة ايهود باراك.