خبر ليستبدل أحمد .. هآرتس

الساعة 11:42 ص|26 ابريل 2009

أمير اورن

شعاع ضوء تسلل في الاسبوع الماضي الى حياة دولة اسرائيل المعتمة: عوفر ديكل استقال. مبعوث رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت لانجاز مهمة اطلاق سراح جلعاد شليت اعفى بنيامين نتنياهو من وجوده. الشيطان خرج. الان اخيرا سيكون من الممكن اعادة الجندي المخطوف.

ديكل الذي تطوع للمساعدة عوقب من خلال ابرازه كفاشل وكعقبة. هذا الامر كان مثيرا للسخرية لولا انه كان بالاساس مثيرا للحزن. في مفاوضات كهذه يعتبر المبعوث اكثر من وسيط، ولكن القوة موجودة بيد الاطراف التي يتجول بينها. في الجانب الاسرائيلي هناك اهمية لسياسة الحكومة ولاولويات في تخصيص موارد الاستخبارات والامن. اما في الجانب الفلسطيني فالتأثير الحاسم يعود لتناسب القوة بين النشطاء والاطراف المختلفين. ليتبقى امام المبعوث هامش ضيق جدا للمناورة في مثل هذه الحالة. كما ان تعينه ليس بسيطا: ان لم يكن موظف دولة فهناك حاجة لترتيب يحول دون تناقض المصالح.

في هذا الشهر طلب نتنياهو من المستشار القضائي للحكومة وضع نظام كهذا للمحامي يتسحاق مولكو محامي نتنياهو وممثله في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. مولكو ليس مرتبطا فقط بالاطراف الاقتصادية وانما هو قنصل فخري لدولة اجنبية وهي النمسا.

صراحة او ضمنيا، عن حق "نسبيا" ام لا، قرار اولمرت الاول ووزرائه وضباطه وموظفيه بعد الاختطاف في حزيران 2006 كان تخصيص مكانة اقل تدنيا لاطلاق سراح شليت بالمقارنة مع المشاكل الامنية الاخرى. لم يكلف اي شخص او هيئة بالمسؤولية بتنسيق الجهود وتكريس كل الاوقات لاعداد القدرة لتخليص شليت من اسره. الطاقم الذي كلف ديكل بعد مدة من الزمن بترأسه – عقيد في شعبة الاستخبارات العسكرية وضابطين من الشاباك والموساد، وقادة الاقسام التي تتخصص في قضية الاسرى والمخطوفين، ثلاثة شركاء كاملين في كل الاتصالات الموثقة بصورة منظمة ودائما من خلال وجود شخص مسؤول عن كتابة البروتوكول – لم يكلف بالجانب العملياتي الميداني من هذه المهمة. لم يعين من اجل ذلك "قائد عسكري" كما جرت العادة في الوحدات الخاصة. قاموا بوضع شبكة كبيرة في بحر غزة من دون ان يضعوا صيادا وراءها. ان وصلت معلومات موثوقة حول موقع شليت الدقيق بالنوعية المطلوبة لتخطيط عملية فهذا جيد ، وان لم يحدث – فلا.

احدى المشاكل ولاسباب مختلفة (شخصية وتنظيمية وفكرية)، كان تحفظ رئيس الشاباك يوفال ديسكين ورئيس طاقم اولمرت يورام تورفوفيتش من تحركات ديكل. بعد ان افاق اولمرت من عجرفته الاولى وقبل مبدأ المساومة حول قائمة الـ 450 سجينا من سجناء العمليات الارهابية (مع اضافة 550 من فريق راشقي الحجارة)، جرى تبادل رسائل بصورة بطيئة بسبب طريقة عمل حماس. الفلسطينيون ارسلوا مئة اسم واسرائيل قبلت منها 20 اسما ورفضت 80. المرة التالية وبعد مدة من الزمن اعطوها 480 اسما ومن بينهم 4 جدد فقط وهكذا دواليك. وفي اخر المطاف وبعد ان تم ضم ديسكين المتصلب لرحلة ديكل الاخيرة للقاهرة والتف عليه من اليسار من خلال الاستعداد الاكبر لاطلاق سراح السجناء – ابعادهم - بقي هناك 120 مدانا بالقتل عارض ديكل وديسكين معا اخلاء سبيلهم.

التعقيد في علاقات نظام مبارك مع حماس كرس لمصر دورا ثانويا اقل مما تراه العين في قضية شليت. مصر استضافت مباحثات التقارب وكان من المفترض ان تكون ممرا لنقل شليت في الطريق الى البيت ان تم التوصل للصفقة متنقلا من رفح الى نتسانا، ولكن الوسطاء الحقيقيين بين ديكل وحماس كانوا من دول اخرى. وسطاء وليس وسيطا واحدا، لان وسطاء مختلفين قد تحركوا في مواجهة اطراف مختلفة في حماس – خالد مشعل في دمشق ومحمود الزهار واحمد الجعبري في غزة – وفي أيادي هؤلاء الوسطاء روافع متنوعة للضغط والتحفيز والاغراء.

التوصل لصفقة معقدة وحساسة كهذه من اجل ايجاد شيفرة الخزنة: لا يكفي كشف الارقام الصحيحة المطلوبة والضغط عليها بالترتيب المطلوب والاتجاه والتوقيت الدقيق. هذا تقريبا – تقريبا حدث في الجولة الاخيرة من عهد اولمرت، خلال زيارة ديكل وديسكين للقاهرة. في حماس تبلور استعداد من الجدار الى الجدار ولكن شخصا واحدا – الجعبري – تردد وندم وقرر الاصرار والمعاندة. رقمه العالق احبط عملية فتح الخزنة. ان ارادوا اعادة شليت من دون عملية عسكرية فليس من المطلوب استبدال المبعوث الاسرائيلي لهذه المهمة وانما الجعبري.