بدأت من صورة..خطوبة "إحسان" و"أسامة" داخل السجن تحكي قصة "حياة" خلف القضبان 

الساعة 10:48 ص|18 ابريل 2022

فلسطين اليوم

غزة / أمل الوادية:

أن تأتي رسالةٌ ورقيةٌ من بين أسوار السجون "الإسرائيلية"، محملةً بطلب يُزيل بعضاً من ويلات الزنازين ويفتح باب حرية جديد، لبطلين ذاقا مرارة الخوض من زنزانة لأخرى ومن تحقيق إلى محكمة، تعني أنه قد حان الوقت لكسر قيود السجان بقصة الحب التي أشعلت ثورة الشوق من خلف صورة رآها لرفيقة دربه صدفةً دون لقاء يجمعهما معاً، لتكتمل الحكاية بأن يتقدم أسير لخطبة أسيرة داخل السجن فهذا هو الشرف الأكبر، لكن قلبيهما بقي متعطشاً للهفة اللقاء الأول واكتمال فصول حكاية الحب التي بدأت في نوفمبر2014 رغماً عن السجان.

تدفق النور إلى حياة الأسيرة المحررة "إحسان دبابسة" من نوبا قضاء الخليل بالضفة المحتلة من جديد، بعد أن تقدم لخطبتها الأسير المحرر ابن مدينة جنين " أسامة الحروب" من خلف قضبان السجون "الإسرائيلية"، إذ اُعتقلت في سجن الدامون ثلاثة مرات وفي كل مرة تأخذ حكماً مختلف، في حين أن "أسامة" كان معتقلاً في سجن النقب منذ عام 2004 ومحكوم بالسجن 14 عاماً، لكن ذلك لم يكسر عزيمتهما وقررا الارتباط لتتوج حكايتهما بعد تحريرهما بزواج وحياة جديدة.

ويقبع في سجون الاحتلال (4450) أسير بينهم (32) أسيرة، و(160) طفلًا بينهم طفلة، تقل أعمارهم عن (18) عامًا، منهم من ترك زوجته وأولاده وآخرون اضطروا لترك خطيباتهم، فيما ينتظر آخرون الخطبة والزواج بعد تحررهم من السجون.

WhatsApp Image 2022-04-16 at 10.35.43 PM.jpeg
 

خطبة دون لقاء

رسالة ورقية مُحملة باعتراف وحكايا أسره داخل السجون أرسلها أسامة عبر محاميه لرفيقة دربة "إحسان"، تقول إحسان لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": " رآني أسامة لأول مرة من خلال صورة لي أثناء اعتقالي انتشرت في الصحف، وفي المرة الأولى التي وصلتني بها رسالة من أسامة يتقدم لخطبتي ويخبرني عن نفسه لم أخبر عنها أحد، فأخذت أفكر طويلاً بالأمر حتى تجاهلته لأنه بات أمراً مستحيلاً، نظراً لما نحن عليه داخل السجون، وبُعد مكان سكناه عني، فقرأت رسالته ولم أرد عليه."

لم يكتفِ أسامة برسالته الأولى فبقي متعطشاً لرسالة ورقية تصله من إحسان لتزيل لهفة الانتظار الطويل وتروي ظمأ السنين العجاف، تضيف إحسان: "حين لم أهتم لرسالته الأولى أرسل رسالة لصديقتي في الأسر لينا الجربوني لتستفسر مني عدم الرد عليه، فأخذت تخبرني عن شهامته وحسن أخلاقه وأنه شاب يخاف ربه كثيراً ومهتم بالقراءة، ناهيك عن تعامله الطيب للآخرين، شعرت بداخلي بقبول كبير وأرسلت له رسالة الموافقة."

لم تُعارض أسرتها خطبتها من أسير في سجون الاحتلال، كونه ذو أخلاق عالية وشهامة صلبة، وضحى بسنوات من عمره داخل زنازين الاحتلال "الإسرائيلي" فداءً في سبيل الوطن، في حين أخذن الأسيرات في الأسر خاصةً اللواتي من جنين يقنعن بها، ويخبرنها عن أخلاقه كونه ابن مدينتهم.

تكمل حديثها: "حين وصلته رسالتي شعر بفرحة عارمة جداً، فقد كان يتواصل مع أهلي عبر الهاتف أخبروني حين كانوا يأتون لزيارتي، وأخبرهم أنه صلى صلاة الاستخارة ودعا ربه كثيراً حتى تتم الأمور كما يتمنى، أما أنا فشعرت بداخلي بالقبول والراحة اتجاهه بشكل كبير، إذ كان حين يأتي المحامي لزيارته وهو "نادر جداً" يرسل لي رسالة حيث بلغن خمس مرات، وأحياناً يتغيب فترة طويلة عن إرسالها، بسبب ظروف السجن، فأكون مدركة إصراره عليَّ وأنا كذلك فلم ينتابني الشعور بالخوف أو الشك للحظة."

WhatsApp Image 2022-04-16 at 11.21.12 PM.jpeg
 

إعلان الخطبة

في يناير 2018 كسر البطلان قيود السجان "الإسرائيلي" وحلقا بحكايتهما في سماء الحرية بتوثيق قصتهما أمام الأهل والمأذون الشرعي، تقول إحسان: "حين خرجت من السجن للمرة الثالثة، جاء أهل أسامة لبيتي، وتم الاتفاق على كتب الكتاب الذي تم بحضور صديقه الموكل وأهلي وإخوته، وقمنا بإجراء جميع الأوراق المطلوبة وكان باقي لأسامة  6شهور وتنتهي محكوميته، وتصبح فرحتنا فرحتين بوجوده بيننا."

وتكمل: " في هذ الفترة كنت أتواصل مع أسامة عبر الهاتف، فأول مكالمة تلقيتها منه حين انتهت محكوميتي وخرجت من السجن في طريقي للبيت، إذ غطت قلبي فرحة عارمة بسماع صوته وتهنئته بحريتي واطمئنانه عليَّ."

اللقاء الأول

في مايو 2018 كانت إحسان على موعد مع حرية رفيق دربها بعد عذابات السجون، فبدأت الصباح بتحضير كل التجهيزات اللازمة لاستقباله، تصف ذلك بقولها: "لقد كان أطول يوم في حياتي، انتظرت أسامة بين لهفة وخوف من غدر الاحتلال بأخر اللحظات، فقد كان من المقرر أن يخرج ظهراً وتأخر تحريره حتى وصلنا الساعة الخامسة عصراً، ورأيت صوره عبر الانترنت واطمئن قلبي برؤيته حراً."

خرج أسامة من السجن عند حاجز الظاهرية في مدينة الخليل حيث تقطن إحسان، وتم استقباله من قبل أهله وأصدقائه، أما إحسان فكانت تنتظره ببيتها وسط علو الأناشيد الفلسطينية وأطباق الحلوى والهدايا التي أحضرتها له، والتقى القلبان وأخيراً بعد ربع ساعة من تحريره، وقاما بوضع "محابس الخطبة" بأصابع بعضيهما، وكان ذلك اليوم أجمل يوم في حياتهما "حسب قولها".

WhatsApp Image 2022-04-16 at 10.36.08 PM.jpeg
 

تكمل حديثها: "تزوجت من أسامة في يونيو 2018 وقمنا بإحياء حفلة في الخليل بحضور أهلي وبعضاً من أهله، وفي صباح اليوم التالي ذهبت لجنين مسقط رأس أسامة وأقمنا حفلة أيضاً هناك لأقربائه، فالحمد لله الذي أتم فرحتنا وجعلها فرحتين بتحرير أسامة، وأثمر زواجنا إنجابي 3أطفال."

ويتجلى حلم إحسان في تحرير جميع الأسرى من داخل السجون، حتى يعيشون أفراحهم وسط أحبابهم ويختارون حياتهم كما يتمنون، موجهة رسالتها لهم بقولها: "أسال الله الفرج القريب لكم، فاصبروا وصابروا وإن الاحتلال إلى زوال بإذن الله تعالى."

WhatsApp Image 2022-04-16 at 10.35.51 PM.jpeg
 

 

كلمات دلالية