عملية "بئر السبع"... أفشلت منظومة كاملة من الاستخبارات "الإسرائيلية"

الساعة 11:05 ص|24 مارس 2022

فلسطين اليوم

ضربت عملية "بئر السبع" البطولية منظومة الاحتلال الأمنية والاستخبارية بقوة، وأصابتها في مقتل من خلال عنصر المفاجئة للعملية وعدم التنبوء بها من قبل أجهزة أمن الاحتلال، بالإضافة لعدد القتلى الكبير في سابقة جديدة لم يشهدها الداخل المحتل منذ فترة من الزمن.

وقد ألحقت هذه العملية بالاستخبارات الصهيونية ضربة موجعة وضرراً كبيراً، من خلال أرباك جميع حساباته وتقديراته الأمنية كون العملية وقعت في مكان غير متوقع وهو "الداخل المحتل"، وما أظهرته من الفشل الاستخباري "الإسرائيلي" في التعامل مع مثل هكذا عمليات.

فعملية الطعن والدهس التي نفذها الشهيد محمد أبو القيعان وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة عدد آخر أظهرت فشل كامل المنظومة الأمنية الإسرائيلية كما يرى الكثير من المختصين والمحليين.

ألحقت ضرراً بأمن الاحتلال

المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، رأى أن عملية "بئر السبع" ألحقت ضرراً كبيراً جداً بمنظومة الاحتلال الأمنية والاستخباريه، لأن مهمة الاسخبارات تتمثل في منع وقوع العمليات والتنبؤ بها مسبقاً، موضحاً أنه بذلك فإن هناك فشل لمنظومة كاملة من الاستخبارات "الاسرائيلية".

واعتقد منصور خلال حديث لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن هذا الضرر والفشل الأمني يُفقد أجهزة أمن الاحتلال الثقة بها أمام الجمهور "الإسرائيلي"، ويُقلل من قيمتها؛ ما يجعل "الإسرائيلي" يفقد الثقة في أمنه الشخصي وقدرة هذه الأجهزة على حمايته".

عمليات يصعب التنبوء بها

وقال :"أن الاحتلال يتخوف بشكل كبير من العمليات الفدائية الفردية كعملية "بئر السبع"؛ لأن هذا النوع من العمليات التي يصعب التبوء بها ولا يمكن مجابهتها بشكل مسبق، معتقداً أن نجاح العملية يعد فشلاً استخباراتياً وحافزاً للمحاكاة".

وأضاف المختص منصور :"هذه العمليات لا يوجد لها بنية تحتية أو أشخاص خلفها واتصالات فيما بينهم لرصدها والتعامل معها، لافتاً أن ما يميز هذه العمليات أنها تتم بشكل مباغت والقرار يولد بين الشخص المنفذ ونفسه في لحظة واحدة وأدواتها متوفرة وموجودة".

محاولات يائسة لوقفها

وتابع منصور:" حاول الاحتلال التعرف على منفذي العمليات المنفردة من خلال صفحاتهم الـ(بروفايل) على الفيس بوك من خلال دراسة شخصيته، وتعليقاته وهل لديه قابلية لتفيذ عملية أو لا، إلا أن هذا الأمر لم ينجح، ولم يستطع الاحتلال منع العمليات من هذا النوع".

عبئاً على الاحتلال

ورأى أن انتشار هذه العمليات في الفترة الأخيرة أصبح يشكل عبئ أمني كبير للاحتلال، ما خلق أزمة حقيقية لديه لصعوبة منع وقوعها، معتقداً أن خطورة عملية "بئر السبع" لا تكمن في عدد القتلى الكبير، بقدر ما هو في موقعها في (الداخل المحتل) وكونها تأتي وسط موجة عمليات فردية في القدس المحتلة.

واعتقد منصور أن هذه العملية جاءت في ذروة حالة التأهب "الإسرائيلي"؛ تخوفاً من تفجر الأوضاع على خلفية الاستفزازات في الأقصى واقتراب شهر رمضان، متنبأً بأن التحذيرات من التصعيد وموجات العمليات الفردية والخشية منها؛ استدعت لأن تكون إحدى النقاط التي أثيرت من قبل "بينت" في القمة الأخيرة التي عقدت في مصر بحضور "بن زايد".

اعتراف بالفشل

وبدورهم، أجمع محللون عسكريون "إسرائيليون"، بأن عملية بئر السبع هي نتائج لفشل استخباراتي للأجهزة الأمنية "الإسرائيلية"، واتفقوا فيما بينهم على أن العملية التي نفذها محمد غالب أبو القيعان (34 عاما)، من بلدة حورة بالنقب تعتبر محطة مفصلية بالعلاقات بين العرب واليهود في الداخل.

ولا يستبعد المحللون، أن تتجه الأوضاع في الداخل المحتل إلى تصعيد حقيقي وانفجار للأوضاع ومواجهات بين العرب واليهود خاصة بالمدن المختلطة، وذلك على غرار أحداث هبة الكرامة في مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع معركة "سيف القدس" الأخيرة في قطاع غزة.

وأشار مراسل صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية يوآف ليمور، إلى فشل المنظومة الأمنية "الإسرائيلي"، فالمنفّذ تنقّل بين ثلاث مناطق مختلفة في بئر السبع، موضحاً أن المنفّذ أبو القيعان هو أسير محرَّر مؤخراً، ومن البديهي أن يخضع لمراقبة «الشاباك» بعد الإفراج عنه، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كانت قد صنّفته سابقاً كـ "صاحب ميول إرهابية"

وأوضح "ليمور" أن الشهيد أبو القيعان نجح في تنفيذ الهجوم دون أيّ إنذار مسبق والسبب في ذلك، يكمن في الاختلاف بين بنية تحتية لتنظيم، ومنفّذ عملية بمفرده، إذ إن البنية التحتية قادرة على إحداث هجمات أكثر فتكًا، لكنها أكثر عرضة للإحباط بسبب تعدّد عناصرها، و من ناحية أخرى، يكون منفذ العملية الوحيد هدفاً يصعب إحباطه إذا لم يترك وراءه أيّ علامات إرشادية.

ومن جانبه، يقول المحلل العسكري لموقع "واي نت" العبري، يوسي يهوشع، "إن منفذ عملية بئر السبع تصرف وحده دون مساعدة من أحد ودون وجود بنية تحتية لتنظيم الهجوم، كما أنه لم تكن هناك أي معلومات استخباراتية حول نيته لتنفيذ الهجوم، الأمر الذي يعزز التقييم بأن هذا خطر فردي كلاسيكي".

وأضاف يهوشع "في نهاية المطاف، فإن القصة لا يمكن أن تنحصر بالمنفذ الفردي، وإنما أوسع من ذلك، وهي تعكس فقدان الحكم والسيطرة في النقب، و"الإهمال الحكومي" التراكمي للنقب والذي تجلى بتصعيد التوتر والمواجهات خلال عملية "حارس الأسوار"، وتدهور الشعور بالأمن والأمان للمواطنين، وازدياد في حجم العنف والجريمة

وكانت أشارت تقديرات أمنية صادرة عن شرطة الاحتلال، اليوم الخميس، بوجود احتمالية كبيرة لوقوع المزيد من العمليات الفدائية الفردية في مدينة القدس والمسجد الأقصى مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

جدير ذكره أن الشهيد محمد أبو القيعان، نفذ الثلاثاء الماضي، عملية فدائية مزدوجة بالدهس والطعن في مدينة بئر السبع المحتلة، وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.

 

كلمات دلالية