مقام يوسف … قبلة المواجهات القادمة وتأمين المستوطنين هو الشغل الشاغل للاحتلال !

الساعة 01:26 م|16 مارس 2022

فلسطين اليوم

الليلة الماضية كانت ليلة "قبر يوسف "بامتياز بعد أن أجبرت كثافة الاشتباكات والمواجهات العنيفة والقوية قوات الاحتلال الصهيوني من إخلاء كافة المستوطنين الذين اقتحموا مقام يوسف شرق مدينة نابلس.

وبالعادة يقتحم المقام مجموعات كبيرة من المستوطنين تقلهم حافلات كبيرة في ساعات الليل المتأخرة من كل أسبوع، يقضون في المقام ساعات من أداء صلوات تلمودية ورقصات وغناء تمتد إلى ساعات الفجر، وكل ذلك بحماية مكثفة من جيش الاحتلال الذي ينتشر في محيط المكان بقوات كبيرة.

كل اقتحام لهذا المقام كان يواجه الشبان في المنطقة، الواقعة في حدود مخيمي بلاطة وعسكر وبلدة بلاطة وشارع القدس شرقي مدينة نابلس، إلا أنه في الأشهر الأخيرة بات تأمين المستوطنين من قبل الاحتلال يتطلب استعدادات وقوات مضاعفة نتيجة لكثافة المواجهات التي تجري في المكان، وأيضاً الاشتباكات المسلحة وعمليات إطلاق النار باتجاههم من قبل مقاومين مسلحين كما جرى الليلة الفائتة.

ولم تكن المواجهات في محيط المقام بالجديدة، ففي بداية الانتفاضة الثانية ( انتفاضة الأقصى 2000) كانت المواجهات التي اندلعت بمحيط المقام مقتل المستوطن خلال ذلك نقطة اشتعال المنطقة بالكامل، فهل تشكل المواجهات التي وقعت أمس شرارة اندلاع مواجهات متواصلة.

وكانت دعوات شبابية للتجمع على دوار الشهداء الساعة ال10 من مساء اليوم الثلاثاء، والتوجه إلى قبر يوسف لصد اقتحام المستوطنين، وتعبيراً عن الغضب على استشهاد الشاب نادر ريان.

دعوات لصد الاقتحامات

وانتشرت يوم أمس الثلاثاء دعوات شبابية لمواجهة اقتحام المجموعات الاستيطانية للمقام، رداً على دعوات المستوطنين التجمع قرب مستوطنة "شافي شمرون" المقامة على أراضي المواطنين على الطريق الواصل بين جنين ونابلس استعداداً لاقتحام المدينة الساعة العاشرة والنصف.

وتحاول مجموعات المستوطنين المتطرفة السيطرة على المكان بدعوى أنه المكان الذي دفن فيه رفات النبي يوسف عليه السلام، ورغم عدم وجود ما يثبت هذه الحجج من الروايات التاريخية التي ارتبطت بالمكان، إلا أن المستوطنين يتواجدون في المكان بشكل مستمر بوتيرة ترتفع كل مرة عن سابقتها، حاله حال 25 مزاراً ومقاماً في الضفة الغربية تحاول المجموعات الاستيطانية السيطرة عليها بحجج دينية ودعوى أنها يهودية.

وبحسب الأوقاف الفلسطينية فإن المقام مسجل لديها كوقف شرعي إسلامي، وأن التكوين الأثري يشير إلى أنه يعود بناؤه إلى العهد العثماني في القرن الثامن عشر الميلادي.

وتقول وزارة الأوقاف إن الغرفة القائمة في الجهة الشمالية من المقام بنيت في العام 1950 بموافقة من الأوقاف الأردنية التي تدير أوقاف فلسطين في حينه، وبقي التدريس فيها حتى العام 1965، إلى جانب وجود محراب في الجدار القبلي للقمام كامن تقام فيه الصلاة وكانت النساء تزورنه للصلاة وتقديم النذور والتبرك في المكان.

أوسلو عمل على جرأة المستوطنين

وكانت اتفاقية أوسلو المدخل الذي تجرأ من خلاله المستوطنين حجة أكبر على التواجد الدائم في المكان، فبعد تأسيس السلطة الفلسطينية اعترفت خلال توقيعها على اتفاقية أوسلو "بقبر يوسف" مكاناً مقدساً يهودياً رغم أنه وقفية إسلامية، ووقوعه على مناطق ألف.

وهذا البند من الاتفاقية يعطي السيطرة الكامل للجانب "الإسرائيلي"، واستمرت القوافل من قبل المستوطنين للصلاة فيه بهدوء حتى 1996 حين وقعت هبة النفق ووقع اشتباك بين العناصر الأمن الفلسطينية التي كانت تحرس المكان، والجيش الإسرائيلي وقع خلالها ستة شهداء من الفلسطينيين.

وفي العام 2000، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية حاصر الشبان المقام وقاموا بحرقه بالكامل، واستشهد في حينه ستة شبان في المكان، وفرضت إسرائيل تشديداً عسكرياً على المكان، وهو ما أوقف زيارة المستوطنين للمقام حتى العام 2007.

وفي مقابلة مع "فلسطين اليوم" قال عالم الآثار في جامعة النجاح الوطنية لؤي أبو السعود: "إنه توصل من خلال بحث أعده بعنوان "مقام النبي يوسف بين الحقائق التاريخية والأثرية، ومحاولات التهويد" أن المبنى من الداخل يحمل طابع البناء الإسلامي وهو ما يدحض الرواية التي تقول:

"إنه يعود إلى النبي يوسف".

والمبنى الذي أعادت السلطة الفلسطينية ترميمه بعد حرقه في العام 2000، عبارة عن مقام إسلامي صغير الحجم، مساحته (الأرض مع المبنى) تساوي (661م²). ويتكون الأولى: ويوجد بها ضريح (قبر) فارغ، و الذانية عبارة عن مسجد أعتاد أهالي بلدة بلاطة الملاصقة الصلاة فيه.

ولم يؤكد أبو السعود أو ينفي أن يكون النبي يوسف مدفونا في هذا القبر، ولكنه قال إن في حال ثبت أثرياً أن هذا القبر لسيدنا يوسف فنحن الفلسطينيون كعرب ومسلمين أولى في امتلاكه من اليهود.

وبحسب أبو السعود فإن الصراع على هذا المقام وغيره من المقامات هو صراع عَقَدِي سيستمر إلى يوم الدين.

 

كلمات دلالية