الدروس الخاصة، ظاهرة قديمة تتسع رقعتها و تنتشر بشكل ملحوظ في الأراضي الفلسطينية، لتشكل عبئاً إضافياً يربك حسابات الطلبة و أولياء امورهم.
فما ان يبدأ العام الدراسي الجديد، حتى تشرع الأسر الفلسطينية في محاولات السيطرة على الأعباء الملقاة على عاتقها، من مصروفات مدرسية و متطلبات البيوت، و لم تقتصر هذه الظاهرة على طلبة الثانوية العامة، "توجيهي"، بل تعدت ذلك لتشمل الطلبة من مختلف المراحل التعليمية الأخرى.
و يبدو أن التكلفة المادية لتلك الدروس باتت حديث الآباء و الأمهات في المجتمع، لا سيما أولئك الذين لديهم أبناء في مرحلة الثانوية العامة.
مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" استمعت لعدد من أولياء الأمور الذين أشاروا في أحاديث منفصلة الى أن تكلفة الدروس الخصوصية ترهق ميزانياتهم، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون في الأراضي الفلسطينية بشكل عام و قطاع غزة على وجه الخصوص.
المواطنة أم عبد الله، ولية أمر لطالب في الثانوية العامة تقول إنها تدفع في هذه الفترة ما يزيد عن 700 شيكل شهرياً كمصاريف للدروس الخاصة التي يتلقاها ابنها منذ بداية العام الدراسي، مشيرة الى أن هذا المبلغ يزداد مع اقتراب المراجعات النهائية و الامتحانات، التي تصل تكلفة الجلسة الواحدة فيها الى 100 شيكل.
المواطن إبراهيم، و هو أيضاً ولي أمر ثلاثة طلاب في مراحل مختلفة أشار الى أن الدروس الخصوصية تستنزف ميزانية الأسرة الشهرية، لافتاً الى أن الوضع المالي للأسرة صعب جداً، لكنه يضطر لإرسال أبنائه الى المراكز الخاصة لانهم يحتاجون متابعة في العديد من المواد كالرياضيات و اللغة الإنجليزية.
و عن التكلفة الشهرية لكل واحد من ابناءه، اوضح أن كل مادة دراسية تحتاج من 30 الى 50 شيكل لكل طالب شهرياً.
بدورها تحدثت المعلمة سامية سلطان أن هذه عدوى اللجوء للمراكز الخاصة لتلقي الدروس الخاصة اصبحت تنتشر بين الطلاب، مشيرة الى أن بعض الطلبة لديهم شعور أنه بدون هذه الدروس لن يحصل على ما يريد من درجات.
و أوضحت أنه على الرغم من الجهد المبذول من قبل المعلمين في المدارس، إلا أن نسبة كبيرة من الطلبة تتجه نحو الدروس الخصوصية، معتبرة أن الحالة النفسية للطلاب و المنافسة بينهم، بالإضافة الى خوف و قلق الأهالي كلها تعتبر أسباب اللجوء للدروس الخصوصية.
من جانبه رأى الخبير في شؤون التعليم، الأستاذ محمد الحطاب أن التوجه للدروس الخصوصية أصبح نوع من الموضة و التقليد و الغيرة لدى الطلاب، مشيراً الى أن الطالب اصبح ينظر الى اقرانه الذين يذهبون للمراكز الخاصة، و يريد أن يذهب مثلهم.
و أوضح الحطاب في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" بأن هناك من يوحي ويروج الى هذه الأنشطة داخل المدرسة، مضيقاً: "نحن لا نستطيع أن نعمم على هذا الموضوع إضافة لذلك هناك البعض يحرص ألا يستقبل طلبته في المدرسة في المراكز التعليمية، وبالتالي هو يعطي الطلبة الذين لا يحضرون للدوام المدرسي".
و حول ما اذا كان هناك إشكالية في المنظومة التعليمية الفلسطينية قال: لا استطيع أن أجزم أن هناك إشكاليات، لكن هناك حديث كثير في هذا الموضوع، و طالما الطالب يلجأ الى هذا الامر، فهذا يدل على أن هناك خلل في جزء معين دفعه لذلك".
و أوضح الخبير أن مشكلة الدروس الخصوصية في اتساع وانتشار كبير وليست في تراجع، لافتاً الى أن هذه اشارة الى وجود خلل في النظام التعليمي في مدارسنا.
و طالب الحطاب وزارة التربية و التعليم بالبحث عن هذا الخلل، و وضع علاج له بمشاركة الجميع.