خبر تخوف لدى دول الاعتدال العربي وأمريكا وإسرائيل من خلق « حماس » مصرية وأخرى أردنية

الساعة 06:03 ص|20 ابريل 2009

فلسطين اليوم : بيت لحم

أكدت السفارة الأردنية في واشنطن أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وصل إلى واشنطن لإجراء بعض المشاورات والتفاهمات مع الإدارة الديمقراطية، هذا وتقول المعلومات إن الملك عبد الله سيكون بزيارته هذه أول زعيم عربي يلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد صعوده إلى البيت الأبيض.

* ماذا يحمل جدول أعمال العاهل الأردني؟

أوردت التقارير أن الملك عبد الله الثاني قد عقد لقاءين منفصلين مع المنظمات العربية الأمريكية والمنظمات اليهودية الأمريكية وأضافت التقارير أن الملك عبد الله أكد في لقاءاته على الآتي:

• ضرورة حل مشكلة الشرق الأوسط التي ظلت مستمرة منذ 60 عاماً.ضرورة الالتزام بحل الدولتين لأنه يضمن أمن إسرائيل من جهة ويمنح الفلسطينيين دولة مستقلة من الجهة الأخرى.

• ضرورة اعتماد مبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية لأنها تمنح إسرائيل اعترافاً عربياً رسمياً بواسطة كل الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967.

وأضافت المعلومات أن الملك عبد الله سيلتقي في البيت الأبيض مع الرئيس أوباما يوم الثلاثاء القادم لمناقشة الموقف الشرق أوسطي الراهن وتطوراته الجارية والمحتملة.

* الملك عبد الله وإشكالية الإدراك المتبادل:

اللقاءات والتفاهمات الدبلوماسية أياً كانت يعتمد نجاحها بقدر كبير على مدى التوازن بين مفردات المعادلة السياسية التي تجمع بين الإدراك المتبادل وتوازنات الدور والمكانة.

وتأسيساً على ذلك ستظل دبلوماسية العاهل الأردني وجولاته بين العواصم الدولية الكبرى تواجه المزيد من الإشكاليات التي يتمثل أبرزها في الآتي:

• هل يملك العاهل الأردني الوزن الإقليمي الكافي الذي يؤهله للقيام بدور في حل المشكلات الدولية والإقليمية؟

• إلى أي مدى ستستجيب واشنطن لدبلوماسية العاهل الأردني؟

• هل تستطيع دبلوماسية العاهل الأردني تحقيق أي اختراق رئيسي في علاقات خط واشنطن – تل أبيب؟

• هل تهدف دبلوماسية العاهل الأردني إلى حل أزمة الشرق الأوسط أم إلى أزمة الوضع الداخلي الأردني وتهدئة الرأي العام الأردني الذي أغضبه كثيراً صمت القصر الملكي الأردني إزاء الانتهاكات الإسرائيلية؟

من الممكن تلخيص هذه التساؤلات ضمن السؤال القائل: لا أحد يرفض قيام القصر الملكي بدور من أجل حل أزمة الصراع العربي – الإسرائيلي وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ولكن المشكلة تتمثل في كيفية القيام بمثل هذا الدور الهام؟

* الأبعاد غير المعلنة في دبلوماسية خط القصر الملكي الأردني – البيت الأبيض الأمريكي:

أجرى العاهل الأردني عدة لقاءات مع الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش والآن سيعقد لقاءات مع الرئيس الديمقراطي الجديد باراك أوباما وعلى الأغلب أن هذا اللقاء وإن كان الأول فإنه لن يكون الأخير وبرغم ذلك يبقى السؤال الحرج كما هو على خط دبلوماسية القصر الملكي الأردني – البيت الأبيض الأمريكي: إلى أي مدى تستطيع دبلوماسية الأردن القيام بدور رئيسي هام يحقق النتائج الإيجابية في المنطقة؟

بإسقاط هذا السؤال على لقاء قمة عبد الله الثاني – أوباما المنعقدة في واشنطن، ينطرح أمامنا السؤال الآتي والذي يمكن أن يكشف خلفيات هذه القمة: لماذا قام العاهل الأردني بزيارة واشنطن في مثل هذا الوقت ولماذا وافقت واشنطن على هذه الزيارة في مثل هذا الوقت؟

بكلمات أخرى، إذا كانت الزيارة تندرج ضمن ملف الدبلوماسية الوقائية فهل هي دبلوماسية القصر الملكي الأردني الوقائية أم دبلوماسية البيت الأبيض الوقائية؟

عقد عبد الله الثاني في العاصمة الأردنية عمان لقاءً مع ستة وزراء خارجية عرب يوم السبت الماضي ضمن جهود ومساعي التحضير لانعقاد القمة الأردنية – الأمريكية وأشارت التقارير والمعلومات إلى أن أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى كان حاضراً لجهة استباق لقاء الـ"6+1" الذي جمع الملك مع الوزراء العرب بحيث عقد موسى اجتماعاً ثنائياً مع الملك عبد الله قبل لقاء هذا الأخير مع الوزراء، كما أكدت المعلومات والتسريبات الإسرائيلية أن السيد عمرو موسى أجرى مع الملك تقييماً لتطورات عملية سلام الشرق الأوسط الجارية حالياً بعد صعود ائتلاف الليكود – إسرائيل بيتنا – يشاي – البيت اليهودي – هاتورا يهودا، بقيادة بنيامين نتينياهو إلى الكنيست ومجلس الوزراء الإسرائيليين، وأشارت التسريبات الإسرائيلية إلى أن الملك عبد الله الثاني شدد على الحاجة إلى القيام بتحرك فوري لإعادة إطلاق المفاوضات الجادة لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس صيغة الدولتين.

لقاءات الملك عبد الله التحضيرية شملت عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية ووزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وقطر ولبنان والسلطة الفلسطينية.

تزامنت دبلوماسية القصر الملكي الأردني مع التأكيدات الجديدة الآتية:

• تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو على التزامه منح الفلسطينيين "السلام الاقتصادي" وليس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

• تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل في حل من التزامات وتفاهمات مؤتمر سلام أنابوليس الذي أكد على ضرورة الالتزام بصيغة الدولتين.

• تأكيد المبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل أن أمريكا ستعمل من أجل تحقيق حل الدولتين وذلك لأن إقامة حل الدولتين يندرج ضمن اهتمامات المصالح القومية الأمريكية.

• قيام مبعوث اللجنة الرباعية الخاص طوني بلير بحث نتينياهو على ضرورة الاستمرار في المفاوضات مع الفلسطينيين.

وعلى خلفية هذه التأكيدات المتعاكسة نشرت التسريبات الأمريكية حول ملف الشرق الأوسط تقريراً استخبارياً يقول أن المواجهة الإسرائيلية - الأمريكية حول ملف الشرق الأوسط بدأت تلوح في الأفق وأشار التقرير الذي أعده احد المحللين الوثيقي الصلة بدوائر الحزب الديمقراطي الأمريكي إلى النقاط الآتية:

• تزايد الإدراك في الإدارة الأمريكية الجديدة أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تحاول الدفع باتجاه أجندة معاكسة للأجندة الأمريكية الشرق أوسطية.

• نقلت التسريبات الأمريكية رد أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية على أفيغدور ليبرمان واصفاً إياه بأنه "فاشي شرق أوروبي يمارس العنصرية..".

• سيواجه اللوبي الإسرائيلي مشكلة الخلافات بين أنصار نتيناهو/ليبرمان وأنصار ليفني، وحالياً فقد نجح تحالف الليكود / إسرائيل بيتنا في بناء لوبي خاص به داخل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن المشكلة تتمثل في أن اللوبي الإسرائيلي سيصبح منقسماً بين مجموعة أعضاء الكونغرس التابعين للوبي والذين يدعمون حل الدولتين ومجموعة أعضاء اللوبي خارج الكونغرس الذين سيؤيدون توجهات تحالف نتنياهو – ليبرمان.

• ستواجه إدارة أوباما مشكلة الصراع بين طرفي اللوبي الإسرائيلي إضافة إلى أن صراع اللوبي الإسرائيلي سينتقل إلى صفوف الحزب الديمقراطي وبالتالي إلى صفوف الإدارة الأمريكية نفسها.

• حتى الآن يوجد عضوان في مجلس النواب الأمريكي: النائب الديمقراطي ستيف إسرائيل من ولاية نيويورك – والنائب الجمهوري مارك كيرك من ولاية إلينوي وعضو واحد من مجلس الشيوخ هو السيناتور الديمقراطي شارلس شومر من ولاية نيويورك، وتقول المعلومات أنهم يتعاونون من أجل تشكيل جناح اللوبي الإسرائيلي العدواني الجديد الداعم داخل الكونغرس لتوجهات تحالف نتينياهو – ليبرمان، وتقول التسريبات أن رام إيمانويل رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض وديفيد أكسيلرود كبير المستشارين السياسيين للرئيس أوباما يتعاونان بشكل وثيق مع مجموعة اللوبي الإسرائيلي الجديد في اتجاه دفع الإدارة الأمريكية من أجل دعم توجه التحالف في إسرائيل إزاء توسيع الاستيطان والمستوطنات ودعم قيام إسرائيل بسلسلة من الحروب الجديدة في المنطقة.

• يحاول لوبي نتينياهو – ليبرمان داخل اللوبي الإسرائيلي العمل باتجاه دفع الإدارة الأمريكية نحو بناء تحالف يضم القاهرة – عمان – الرياض – رام الله – تل أبيب، وليس ضد إيران هذه المرة إنما ضد حركة حماس باعتبارها الخطر الصاعد الجديد.

• تقول التسريبات الأمريكية أن خطورة حركة حماس ليست لأنها نجحت في مواجهة العملية العسكرية الإسرائيلية وإنما لأنها حصلت على الفوز عبر صناديق الانتخابات وبالتالي فإن إجراء انتخابات في مصر سيؤدي إلى فوز حركة الإخوان المسلمين المصرية التي ستقوم بدور حماس المصرية، وإجراء انتخابات في الأردن سيؤدي إلى فوز الحركة الإسلامية الأردنية التي ستقوم بدور حماس الأردنية.

• احتمالات صعود حركة حماس المصرية والأردنية خلقت الكثير من المشاكل والمخاوف في الرياض التي تواجه حالياً مشكلة تزايد تأييد الرأي العام السعودي والخليجي لحركة حماس.

على خلفية التسريبات الأمريكية وبالعودة إلى جدول أعمال زيارة العاهل الأردني إلى واشنطن فإن الملف غير المعلن يبدو لنا أكثر وضوحاً، فهل تهدف القمة إلى حل مشكلة الشرق الأوسط وإقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية أم إلى التفاهم في كيفية ترتيب السيناريو خاصة وأن إدارة أوباما قد أدرجت ضمن برنامجها القيام بعمليات نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط عن طريق الضغط على حلفائها الموجودين في القاهرة والرياض وعمان ورام الله للقيام بالإصلاحات الديمقراطية وهي الإصلاحات التي ظلت تقلق بال مصر والأردن وعلى ما يبدو فإنه لا سبيل لتفادي هذه الإصلاحات سوى قيام المعتدلين العرب بتوزيع الأدوار بينهم بحيث تقوم القاهرة بالتعاون مع تل أبيب في استهداف حركة حماس وحزب الله وهي العملية الميدانية، كما تقوم عمان بالتفاهم والحوار لجهة إثناء واشنطن عن المضي في برامج نشر الديمقراطية وهي العملية الدبلوماسية ومن ثم الجمع بين العملية الميدانية الأمنية والعسكرية المصرية – الإسرائيلية والعملية الدبلوماسية الأردنية – الأمريكية نحصل على النتيجة القائلة أن الصفقة القادمة ستتمثل في قيام المعتدلين العرب بالضغط على الفلسطينيين من أجل الموافقة على السلام الاقتصادي تحت ذرائع أنه يمكن أن يمثل الخطوة الأولى من أجل توفير الأساس اللازم لتطبيق حل الدولتين وأما المبادرة العربية فعلى الأغلب أن يسعى المعتدلين لتعديلها بحيث تتضمن "السلام الاقتصادي" وعلى الأغلب أن يسعى العاهل الأردني بعد لقاء الرئيس أوباما إلى عقد اللقاءات مع نتانياهو وحسني مبارك.