بالرغم من الخطيئة الكبرى والتاريخية التي اقترفتها بريطانيا بحق الفلسطينيين، وإهداء الأرض الفلسطينية لـ "إسرائيل" على طبق من ذهب، إلا أن بريطانيا لم تكتفِ بذلك، بل عادت مُجدداً لإبرام الاتفاقيات، والتي كان آخرها تجارة حرة مع "إسرائيل" ، وهو ما يعني وفق محللين سياسيين وخبراء في الشأن الاقتصادي، دخول البضائع إلى أسواق المملكة المتحدة دون جمارك، وهو ما يعمل على زيادة دعم موازنة "جيش الاحتلال الإسرائيلي"، الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم، وشرعنة المستوطنات، واعتراف صريح بالسيادة على القدس.
الكاتب والمحلل السياسي د. هاني العقاد، يرى أن أيَّ اتفاقية يبرمها الاحتلال "الإسرائيلي"، مع دول مركزية حول العالم، تُعد بوابات وآفاق جديدة تصب في مصلحة الاحتلال وشرعنة وجوده على الأراضي الفلسطينية، وهو ما ينعكس بالضرر على فلسطين وقضيتها ومقدساتها.
وقال العقاد في تصريح خاص لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية: "إن كل اتفاقية اقتصادية، أو سياسية يعقدها الاحتلال مع دول كبيرة، أو إقليمية، تعود بالنفع على الخزينة الإسرائيلية، وبالتالي تُعطي الصلاحية للجيش لممارسة مزيد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين، كما يزيد من حالة الاستهداف الإسرائيلي للفلسطينيين".
واعتقد العقاد، أن اتفاقية التجارة الحرة، ستدفع لمضاعفة تصدير منتجات المستوطنات غير القانونية، للأراضي والأسواق البريطانية، وهو ما يدفع المستوطنين للسيطرة على مزيد من أراضي الفلسطينيين، فيكون ذلك سلبياً على منتجاتهم وممتلكاتهم، مستدركا: "كما أن الاحتلال يُحاول أن يصارع باتجاه فتح آفاق ضد حركة المقاطعة BDS، التي تُحارب (إسرائيل) في معظم دول العالم".
وأشار إلى أن بريطانيا لم تحترم القوانين الدولية، فيه لم تعترف حتى اللحظة بـ"وعد بلفور" الذي كان سببا رئيسيا في احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية، ولم تسعَ إلى تعويض الفلسطينيين عن الضرر الذي عاد عليهم جراء تلك الاتفاقية، وألمَّ بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ولم ترد الظلم التاريخي الذي وقع على الفلسطينيين بسببها، بينما احتفلت مع قادة "إسرائيل"، بمرور 100 عام على الوعد المشؤوم.
تعمد إظهار قبة الصخرة على الغلاف
وأضاف: "لايزال الشعب الفلسطيني ينتظر من البريطانيين تصويب خطيئتهم الكبرى بحق فلسطين شعبا وأرضا وقضية، ولم ينتظر منهم تكريس ظلمهم بحق الفلسطينيين من خلال إبرام اتفاقيات تضر بهم، وبقضيتهم، وتعمل على شرعنة "دولة" الاحتلال".
ونوه إلى أن تعمد إظهار قبة الصخرة على غلاف الاتفاق المبرم بين الجانبين- وهو شرط إسرائيلي-، هو اعتراف صريح من بريطانيا بالسيادة "الإسرائيلية" على القدس المحتلة، ورسالة للعالم العربي والغربي بأن لندن تعترف رسميا بالقدس عاصمة للاحتلال، لافتا إلى أن ما يحصل هو استفزاز لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين كافة.
ودعا العرب للاستفاقة والدفاع عن القدس والمقدسات الفلسطينية، ووقف الهرولة إلى التطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين، مطالبا بترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي ونبذ الخلافات السياسية، والتوحد لمواجهة التحديات الكبيرة التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
تسعى لزيادة خزينة الاحتلال
من جانبه، توقع المختص بالشأن الاقتصادي د. أسامة نوفل، أن الاتفاقية الجديدة بين الاحتلال وبريطانيا، تسعى لزيادة دعم الخزينة "الإسرائيلية"، الذي يدفعها لارتكاب مزيد من الانتهاكات والدمار والقتل بحق المدنيين الفلسطينيين، وبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، وهو ما يعني أن بريطانيا شريك أساس لـ "إسرائيل" في القتل والنهب والدمار الذي يحل بالمواطنين.
ونوه نوفل في تصريح لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية، إلى أن الاتفاقية تنص على اتفاقية تصدير منتجات الاحتلال إلى بريطانيا دون أي جمارك تذكر، وبالتالي يقلل من تكلفة التصدير "الإسرائيلي" للخارج، وهو ما يرفع زيادة الأرباح، ويدعم خزينة واقتصاد "تل أبيب"، على حساب الاقتصاد الفلسطيني.
يصب في مصلحة المستوطنين
وأضاف: "إعفاء المنتجات الإسرائيلية من الجمارك، وإزالة كل العقبات لإدخالها إلى المملكة المتحدة، يعني أن الأسواق البريطانية ستمتلئ بمنتجات المستوطنات، وهو ما يشير إلى الاعتراف الرسمي، إضافة إلى أن القرار يصب في مصلحة المستوطنين الذين يتسابقون في تدمير المنتجات الفلسطينية، أو سرقتها وتصديرها بالوسم الفلسطيني إلى الأسواق الخارجية.
وختم حديثه بالقول: "على الرغم من محدودية الصادرات الفلسطينية إلى الأسواق البريطانية، إلا أن تلك هذه الاتفاقية ستؤثر بالسلب عليها، لأن تكلفة توريدها لتلك البلد ستكون أعلى من المنتجات الإسرائيلية".
يشار إلى أن الفلسطينيين استنكروا توقيع بريطانيا اتفاق تجارة حرة مع "دولة" الاحتلال، معتبرين أن هذا التوقيع إمعاناً منها في سياستها الداعمة للاحتلال وسياساته الإجرامية والعنصرية ضد شعبنا.