أثبت أهالي "النقب" المحتل، عجز جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ومنظومته الأمنية عن مواجهتهم، وطردهم من أراضيهم والسيطرة عليها، بدعوى أنها منطقة غير "قانونية"، وهو ما دفع رئيس الحكومة "نفتالي بينت" لإطلاق تهديداته بتدشين جدار حديدي لإحكام السيطرة على أهالي النقب، وشل حركتهم، فهل ينفذ "بينت" تهديداته؟ وهل هذا يُعد انتصار لأهالي النقب؟ أم حيلة "إسرائيلية" بديلة لفرض حصار خانق عليهم وحصرهم في مناطق ضيقة؟
مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الضفة الغربية المحتلة مراد شتيوي، قال: إنه لا ثقة في تصريحات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، التي تمارس كل أشكال القمع، والاضطهاد ضد أبناء الشعب الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة، فما يحدث في النقب هو عملية تطهير عرقي وتضييق الخناق على سكانها، فرض حصار ممنهج عليهم.
الاحتلال يواصل فشله
وذكر شتيوي في تصريحات لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية، أن الشعب الفلسطيني في النقب يثبت في كل مرة فشل مساع الاحتلال "الإسرائيلي" في تفريغ أرضهم، والسيطرة عليها وطمس هويتهم، فهم يصطدمون بمقاومة باسلة لا تتنازل عن شبر من أرضها، على الرغم من كل الانتهاكات بحق سكان النقب.
دعوات الفلسطينيين في الداخل المحتل، للتصدي لأي مشاريع "إسرائيلية" من شأنه المس بكينونة أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل، مشيراً إلى أن "نفتالي بينت" ليس بعيداً عن رئيس الوزراء الأسبق الراحل "أرئيل شارون"، الذي أقدم على بناء جدار عنصري على آلاف الدونمات من أراضي الضفة الغربية المحتلة.
ولا يستبعد شتيوي أن يقدم "بينت" على تنفيذ تهديداته بحق أهالي النقب، ولكن كل محاولاته لن تفلح في السيطرة على أهالي النقب وطمس هويتهم الفلسطينية، فأهالي تلك المنطقة متمسكون في أرضهم وممتلكاتهم هناك.
الجهد الدبلوماسي غير كاف
وأشار إلى أن جهود الدبلوماسية الفلسطينية ليس كافياً في ردع مخططات الاحتلال "الإسرائيلي"، وعليها بذل مزيداً من الجهود، لكن تحقيق الوحدة الوطنية هو السلاح الأنجع في مواجهة المحتل، ومخططاته في تهويد الأراضي والمقدسات الفلسطينية، مطالباً المجتمع الدولي والرباعية الدولية، ومجلس الأمن والمؤسسات الحقوقية، الأمم المتحدة، بالتدخل الفوري للجم اعتداءات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
عجز المنظومة الأمنية "الإسرائيلية"
المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي يرى أن تهديدات نفتالي ببناء جدار حديدي حول سكان النقب المحتل، يأتي في سياقين مهمين، أولهما اعتراف حكومة الاحتلال بعجز المنظمة الأمنية من السيطرة على الفلسطينيين في الداخل، وقدرتها على منعهم من الالتفات على قضيتهم، إذ أن الفلسطينيين باتوا يشكلون تهديداً كبيرة "لدولة" الاحتلال، وثانيهما، فإنه يشير بشكل واضح إلى المخططات الصهيوني المتعلقة بالنقب والتي تهدف لحصر الفلسطينيين بمنطقة النقب ومنع توسع تواجدهم، خاصة أن أول رئيس وزراء "إسرائيلي دافيد بن غوريون قال: إن السيطرة وتهويد النقب هو البوابة الأولى للحفاظ على "تل أبيب"، المدن المحتلة في الداخل.
وأشار الرفاتي في حديث لوكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية، إلى أن الحديث عن حصار النقب، وإنشاء جدار حديدي هي سياسة "إسرائيلية" قديمة- جديدة تهدف لحصر الفلسطينيين في مناطق ضيقة، خاصوا أنهم باتوا يتجهون في تلك المناطق لمواجهة الاحتلال ومخططاته.
عزل الفلسطينيين
ورأى، أن اعتراف بينت بعجز جيشه بفرض السيطرة على أهالي النقب، هو اعتراف هزيمة أمام الهبة الجماهيرية في الأيام الماضي، وإشارة بشكل صريح إلى أن كل المخططات الهادفة للسيطرة على النقب باءت بالفشل، ولا يوجد حل للتعامل مع الفلسطينيين بتلك المنطقة سوى إنشاء جدار حديدي لحصارهم وعزلهم.
واعتقد، أن تهديدات بينت تدل على عنصرية حكومته وسلطاته تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وبالتالي إيصال رسالة للعالم مفادها بأنه لا يمكن التعايش مع الاحتلال الذي ينتهك أبسط حقوق أبناء الشعب الفلسطيني.
وأضاف: "أنه على الرغم من التأثيرات السلبية التي ستطرأ على أهالي النقب من تهديدات بينت، إلا أنها من الناحية الوطنية يمكن النظر إليها بإيجابية كبيرة، وإيصال رسالة لكل الفلسطينيين بأن المواجهة هي الحل الوحيد لاستعادة أراضيهم، والتخلص من المحتل".
تشكيل جبهات لمواجهة الاحتلال
ونوه إلى أن الفلسطينيين في الداخل المحتل في طريقهم لتشكيل جبهات موحدة، لمواجهة قرارات الاحتلال الإسرائيلي الظالمة بحقهم، وهو ما تخشاه حكومة بينت، لأنها بذلك تكون عليها مواجهة 4 جبهات، قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلتين، واللد والنقب في الداخل المحتل، وهو ما يراه "الإسرائيليون" تهديدً وجودياً "لدولتهم".
يشار إلى أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، اعترف بالعجز في مواجهة السكان البدو في منطقة النقب، عقب الأحداث الأخيرة في المنطقة.
وقال بينيت خلال مقابلات صحفية، "إنه يوجد عدم قدرة على حكم المواطنين العرب في النقب، مهددا بإقامة (جدار حديدي) ضدهم".
وأوضح "أنه في العشرين عاما الأخيرة فقدت (إسرائيل) بقدر كبير النقب؛ بسبب غباء (الحكومات الإسرائيلية) المتعاقبة"، مشيرا إلى أنه أوعز بتحريش المناطق التي يسكنها بدو النقب، رغم المعارضة الشديدة لها من قبلهم، وزج مئات الجنود من أجل قمع المعارضة هناك.