بيت ليد دُرتها..

الساعة 10:20 ص|25 يناير 2022

فلسطين اليوم

قسم.. الكف الذي أدمى "إسرائيل"

بقلم :  مجدي خالد

القوى الإسلامية المجاهدة "قسم" هي الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إبان فترة التسعينات. وذلك بعد سنوات جاوزت العقد من الزمن، مارس خلالها أبناء الجهاد الإسلامي العمل الفدائي المسلح بفاعلية كبيرة في شتى الميادين تحت مسميات عدة فرضتها ظروف تلك المرحلة التي كان يسعى فيها الشهيد المؤسس د. فتحي الشقاقي إلى تجسيد نهج الاسلام الثوري المجاهد في فلسطين من خلال تقديم الواجب على الإمكان ومنع استقرار إسرائيل بأي ثمن.

مثلت "قسم" رافعة لمشروع مقاومة الإحتلال ومواجهته عسكرياً، تحديداً بعدما بدأت إرهاصات التنازل ومخاطر التسوية تطفو بقوة على سطح شكل علاقة البعض الفلسطيني مع الكيان الصهيوني في ما بات يعرف حينها باتفاقيات السلام.

■ وقد رافق نشأتها الظروف الآتية:

أولاً: وجود مناخ سياسي محلي وإقليمي مدعوم بإرادة دولية قائم على أساس نبذ المقاومة واستئصال شأفتها لصالح حلول التسوية والتي نعتها د. الشقاقي آنذاك بالسلام المدنس و المفخخ.

ثانياً: سطوة الواقع الأمني الذي عملت تحت وطأته قسم، وانتقال وجودها زمانياً بين حالتين كلتاهما مكمل وظيفي للآخر (الكيان الصهيوني والسلطة)، بحيث أصبح جزءاً أساسياً من تفاهمات تلك المرحلة، وكان أبرز نتائجه ارتقاء المجاهدين أيمن الرزاينة وعمار الأعرج برصاص السلطة في غزة والمجاهد الكبير صالح طحاينة على يد الطابور الخامس في الضفة، إضافة إلى إعتقال المقاومين وفي طليعتهم قادة أمثال المهندس محمود الزطمة واياد حردان وغيرهم من المجاهدين في سجونها.

ثالثاً: تواضع وسائل قسم القتالية وشُح إمكانياتها العسكرية، مع صعوبة الحصول عليها وتأمينها في ظل استمرار الملاحقات الأمنية التي هدفت إلى إحباط الجهد العسكري لقسم ومنعها من تحقيق أهدافها.

المعضلات التي واجهتها قسم، لم تمنعها من الاستجابة لدورها الجهادي، وإثراء مشهد الاشتباك مع العدو بزخم كبير وإجراءات تكتيكية كان من أبرزها:

• أولاً/ استثمار التوقيت بما يخدم الأهداف السياسية للمقاومة:

عملية الشهيد علاء الدين الكحلوت يوم الثاني عشر من سبتمبر عام ١٩٩٣م والتي قتل فيها اثنين من الصهاينة على طريق عسقلان أسدود قبيل توقيع اتفاقية أوسلو بيوم واحد فقط.

• ثانياً/ انتخاب الأهداف العسكرية دون غيرها في إشارة إلى قدرة وندية وشجاعة مقاتلي قسم التي حملت لقب لواء أسد الله الغالب في غزة وعشاق الشهادة في الضفة وقدرتها على إهانة المؤسسة العسكرية الصهيونية بتعمد استهداف جنودها وضباطها دون غيرهم.

• ثالثاً/ تجاوز صدمة اغتيال طليعة القادة برد سريع و موجع في إطار المقاومة:

عملية الشهيد هشام حمد يوم الحادي عشر من تشرين الثاني عام ١٩٩٤م التي قتل خلالها ثلاثة من الصهاينة على حاجز نتساريم بعد تسعة أيام فقط على أولى عمليات الاغتيال والتي استهدفت في حينها القائد هاني عابد، مما ساهم في رفع الروح المعنوية للمقاومة وحاضنتها الشعبية، ودللت على منعة وصلابة الجهاز العسكري للحركة.

• رابعاً/ التفوق على أعقد صور الإجراءات الأمنية (القيادة والسيطرة) في تنفيذ العمليات التفجيرية في الداخل المحتل:

وقد ظهر ذلك جلياً في عمليتي بيت ليد وديزنغوف حيث تمكن استشهاديوها من اختراق إجراءات أمن العدو والوصول إلى الأهداف والتنفيذ بدقة أذهلت مؤسسات العدو السياسية والأمنية والعسكرية.

• خامساً/ الاهتداء إلى أسلوب القنابل البشرية (استشهاديو الأحزمة الناسفة) وتوظيفه كسابقة نوعية واستراتيجية في العمليات الفدائية بالانتفاضة:

وكانت طليعتها عملية الشهيد أنور عزيز في شرق غزة يوم الثالث عشر من ديسمبر عام ١٩٩٣ ، التي أصابته بالقلق من تطور وسائل المقاومة التي بلغت ذروتها في عملية بيت ليد الشهيرة عام ١٩٩٥ بحيث جاوزت القلق لديه بتحويله إلى صدمة كبرى مدوية انعكست آثارها على كل مستويات اتخاذ القرار لديه.

• سادساً/ تنوع وسائل وأساليب تنفيذ العمليات الجهادية حسب طبيعة الأهداف:

لم يقتصر أداء قسم الجهادي على الفعل الاستشهادي بواسطة عمليات التفجير التي مثل ذروتها كعملية خالد الخطيب مثلاً في كفار داروم، بل امتدت لتشمل أساليب أخرى كعملية الدهس التي نفذها الشهيد أنور عزيز في الشيخ عجلين وعملية الطعن التي نفذها الشهيد عماد كلاب في التلة الفرنسية بالقدس، وعمليات إطلاق النار بالأسلحة الرشاشة كالتي نفذها الشهداء علي العيماوي في أسدود وخالد شحادة في حولون ومعين البرعي في دمرة وآخرون في أماكن أخرى كميراج وسيديروت وإيرز وجميعها حصدت قتلى وإصابات من جنود العدو.

استهداف العدو للعديد من قادة قسم بالاعتقال تارة كعبد الحليم البلبيسي ونضال البرعي وغيرهم، وبالاغتيال تارة أخرى عقب سيل الضربات الموجعة التي وجهتها له قسم طال قائدها الأول الشهيد محمود الخواجة تلاه إغتيال سيد الفكرة وصاحب المشروع د. فتحي الشقاقي، لكنه لم يطل إرادة تلاميذ المعلم الشقاقي ورفاق درب محمود، الذين فاجؤوه في ذروة الاستهداف الأمني ببأس شديد آخر إسمه رامز عبيد عام ١٩٩٦ في ديزنغوف في قلب بقرتهم المقدسة تل أبيب بقربان من عشرات القتلى والجرحى، ليستمر معها نشيد الدم وأعراس الشهادة في غوش قطيف عام ١٩٩٧، ومحاني يهودا بالقدس عام ١٩٩٨ رغم كل محاولات الوأد وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠ التي بعثت معها فجر جديداً للمقاومة.

 

 

كلمات دلالية