أيقونة مقاومة مسافر يطا

تقرير التفاصيل الأخيرة في حياة الشهيد الشيخ "سليمان الهذالين"

الساعة 10:57 م|17 يناير 2022

فلسطين اليوم- الخليل- خاص

عندما قرر أهالي مسافر يطا تشكيل لجنة لحمايتهم لمتابعة العمل الشعبي المقاوم للاحتلال، والاستيطان على أرضهم، توجه مجموعة من النشطاء إلى الشيخ "سليمان الهذالين" طالبين منه المشورة، ومن حينها، وحتى اليوم كانت اللجنة تسير بتوجيهاته.

ليس فقط المشورة والإرشاد، فقد كان الشيخ الهذالين ( 70 عاما) في مقدمة كل الفعاليات التي تقوم بها اللجنة لمقاومة الاستيطان في المنطقة، والتي كان لها الدور الكبير في التصدي لاعتداءات الاحتلال في المنطقة.

الشيخ سليمان استهدفه الاحتلال أكثر من مرة، آخرها قبل أيام عندما قامت إحدى جرافات الاحتلال بسحله، ودهسه مما أصابه إصابات حرجة حتى أعلن عن استشهاده ( الاثنين 17 يناير/ كانون ثاني 2022).

واليوم يودع أهالي المسافر الرجل شهيدا كما أحب وكان يردد " الشهادة أو دحر الاحتلال"، فمن هو الشيخ "سليمان الهذالين"؟

هو اللاجئ سليمان الهذالين، ولد بعد أربعة سنوات من تهجير عائلته من بلدة عراد في النقب المحتل عام 1948، واستقرارها ليس في قرية أم الخير جنوب الخليل.

عاش الشيخ سليمان، وعائلته في صراع مع الاحتلال الذي كان يحاول السيطرة على هذه الأرض بالكامل لصالح مخططاته الاستيطانية، وكان في مقدمة المقاومين لهذه المحاولات، في منطقة حرمت من كل مقومات الحياة العادية، فكان بيته من الصفيح الذي تهدده جرافات الاحتلال يوميا بالهدم.

وتعيش أم الخير، كما باقي التجمعات السكانية في مسافر يطا حربا دائمة على البقاء مع الاحتلال الذي ضيق الحياة على من فيها، وعزلها لتعيش حياة بلا أيه خدمات.

وتضم مسافر يطا بحسب دليل أصدره مركز الأبحاث التطبيقية "أريج" سنة 2009، بالإضافة إلى قرية أم الخير 21 تجمعاً يعيش فيها  1094 فلسطينياً حياة ذات طابع خاص تقوم على رعي الأغنام والزراعة، فالسكان يعيشون في هذه التجمعات ذات الطابع الفلاحي حياة البداوة منذ مئات السنين.

ومع طرح خطة الضم للمناطق المصنفة جيم، ومنها منطقة مسافر يطا وجبال جنوب الخليل التي تقع على الخط الفاصل بين المناطق المحتلة عام 1948، وتلك المحتلة عام 1967، برز الشيخ سليمان من خلال تصديه للاعتداءات الاحتلالية في بلدته أم الخير، وبعد تشكيل لجنة مقاومة كان متواجدا في كل مكان من المسافر، لم تتعرض خربة أو قرية لمخاطر الاحتلال إلا وكان متواجد فيها يقاوم بجسده جرافات الاحتلال و آلياته.

يقول منسق لجان الحماية والصمود في جبال جنوب الخليل فؤاد العمور:" لم يكن مقاوماً بجسده فقط، فقد كنا نعمل وفق لتوجيهاته، وقراراته التي بفضلها أصبحت اليوم لجنة الحماية تحظى بهذه الثقة على مستوى الوطن والعالم".

وتابع في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم": "قبل ثلاث سنوات لاحظنا أن هناك تراجعاً في الفعل الشعبي في المنطقة مقارنة مع ارتفاع الاعتداءات الاحتلالية، فقررنا تشكيل لجنة حماية، وكان أول ما قمنا به أن توجهنا للشيخ سليمان، لمشورته."

وضع الشيخ سليمان أهدافاً وصمم آلية عمل اللجنة التي باتت دستوراً للقائمين عليها من المتطوعين من أبناء المسافر، فالجميع يثق برأيه، ويعلمون جيدا أنه" وهب نفسه للعمل التطوعي والمقاومة".

وليس فقط التوجيه، ووضع الأهداف، فقد عمل الشيخ سليمان مع المتطوعين على دراسة، وتقييم اللجان مقاومة الاستيطان في المناطق الأخرى لمعرفة أين أصابت، وأين أخفقت، لضمان عدم وقوعها بالأخطاء القديمة.

ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن، كانت اللجنة تعمل وفق هذه التوجيهات، لفضح مخططات الاحتلال القادمة في المنطقة من جهة، وتعزيز صمود المواطنين الذين يعيشون بمقومات صمود "صفر".

و شارك الشيخ سليمان مع لجنة الحماية في 60 فعالية نظمتها خلال العام 2021، ولم يتأخر عن أي نداء لها، ورغم حجم العنف الكبير الذي كانت تتعمد سلطات الاحتلال القيام به ضد السكان العزل، مرددا: "الله اكبر ولله الحمد حسبي الله ونعم الوكيل... اللهم حرر الأسرى والمسرى واعطيني الشهادة، و ادحر الاحتلال عن هذه الارض".

كان يرافق هذا الشعار الذي يردده دائما برفع أصابع يده الأربعة، والتي كانت ترمز إلى الخلفاء الأربعة، كما قال يوما حين سأل عن ذلك. يقول العمور:" لم يكن يتحيز الى أي حزب، ويتعامل بمطلق الشفافية في مقاومة الاحتلال، فكان أيقونة وطن وجاهد على مستوى الوطن، وليس على مستوى أم الخير أو مسافر يطا فقط ".

 

كلمات دلالية