كيف تحول مستشفى "خالد الحسن" الحكومي لأقسام بمستشفيات خاصة؟

الساعة 11:30 ص|16 يناير 2022

فلسطين اليوم

أعاد نشطاء فلسطينيون وصحافيون على مواقع التواصل الاجتماعي نشر منشورات قديمة لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه حول "مخططات بناء مستشفى "خالد الحسن" لمعالجة أورام السرطان في رام الله بالضفة المحتلة، والذي جمع تبرعات لإنشائه بمبلغ 10 ملايين دولار، متسائلين عن مصير الأموال التي تم جمعها والمستشفى.

هذا التساؤل جاء في سياق التفاعل مع قضية وفاة الطفل الغزي سليم التواني، المصاب بالسرطان بعد رفض مستشفى  جامعة النجاح استقباله بحجة وقفها استقبال التحويلات الطبية من الحكومة بعد تراكم الديون عليها، مما أثار غضب الشارع الفلسطيني الذي حمل الحكومة الفلسطينية وإدارة المستشفى المسؤولية عن حياة الطفل.

منشورات اشتيه منذ العام 2017 التي أُعيد نشرها، لم تكن هي المادة الوحيدة بل أعاد النشطاء "النبش" بكل المنشورات التي تضمنت عملية جمع التبرعات في مختلف المحافظات الفلسطينية، ومنشورات تتعلق بوضع حجر الأساس من قبل رئيس السلطة الفلسطيني، وسط تعليقات ساخرة "أن هذا الحجر كلف أكثر من 10 ملايين دولار".

وبعد ساعات من تداول المنشورات والتفاعل الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي، أصدرت وزارة الصحة الفلسطينية  في وقت متأخر الجمعة الماضية بياناً قالت فيه:"إن الأموال المحصلة لم تكن كافية، لذلك تم تجميد المشروع، مع حفظ التبرعات في حساب مصرفي للمؤسسة التي أنشئت لبناء المركز."

وبدأ الحديث عن إنشاء مستشفى خالد الحسن لعلاج أروام السرطان في بداية 2016، بعد وضع حجر الأساس لبنائه على أرض في بلدة سردا بالقرب من رام الله، ثم إطلاق الرئيس حملة تبرعات لجمع أموال لإنشائه بعنوان "وردة أمل.. لشعب الأمل"، شاركت فيها قطاعات واسعة، وتم جمع قرابة ال10 ملايين دولار.

وخلال هذه الحملة كان الحديث عن المستشفى الذي أوكلت مهمة تنفيذ بنائه للمجلس الفلسطيني للإعمار "بكدار" والذي كان يرأسه في حينه "محمد أشتيه" رئيس الوزراء الحالي.

وكان من المقرر انشاؤه على مساحة 6 دونم، بكلفة تقدر بـ300 مليون دولار، على ان يبدأ العمل به حال تم جمع أول 100 مليون. وفي أب/ أغسطس من نفس العام أعلن "بكدار" عن البدء باختيار التصاميم المخططات لبناء المستشفى، وكان الإعلان النهائي عن المخططات التي كلفت قرابة مليوني دولار في 2017

وفي العام 2020  قرر مجلس إدارة مؤسسة خالد الحسن لعلاج أمراض السرطان وزراعة النخاع المباشرة بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع المستشفى بموازنة تقديرية تبلغ حوالي 100 مليون دولار أمريكي، لعدم التمكن من جمع المبلغ الكلي "300 مليون دولار"، وبالفعل وصدر مرسوم رئاسي بتشكيل شركة تحت اسم "شركة مستشفى خالد الحسن لعلاج أمراض السرطان وزراعة النخاع" على أن يكون صندوق الاستثمار الفلسطيني ومؤسسة خالد الحسن المساهمين الرئيسيين في الشركة يقومان بعدها بدعوة الشركات الاستثمارية والبنوك والمستشفيات الأهلية والخاصة للمساهمة في توفير المال اللازم بشكلٍ فوري.

وتم تكليف مؤسسة بكدار من جديد لموائمة المخططات وفقاً لهذه القرارات  على أن يتم التأسيس لإمكانية.

ورغم هذا التقليص إلا أن شيئاً لم يحدث على الأرض، حتى العام 2021 عندما أصدر رئيس السلطة مرسوم رقم 2 لسنة 2021، يلغي فيه تخصص المؤسسة في إنشاء المستشفى، ويحدد مهامها في (إنشاء و/أو تطوير مستشفى خاص و/أو أقسام متخصصة بعالج أمراض السرطان في الدولة في المستشفيات العامة أو الخاصة.

أي أن المؤسسة يمكن أن تختار تأسيس قسم في مستشفى خاص قائم وتلغي خيار إنشاء مستشفى حكومي مستقل يضمن العلاج العام لمرضى السرطان.

هذا المرسوم جاء بعد عام من قيام صندوق الاستثمار الفلسطيني المكلف بإنشاء المستشفى بفتح قسم لمعالجة الأورام في المستشفى الاستشاري الخاص، والمملوك من أحد المقربين من الرئيس الفلسطيني، وهو ما يشير إلى أن هذا المرسوم جاء لتشكيل غطاء قانوني لوقف مشروع المستشفى بالكامل.

وفي تصريحات صحافية ، أوضح عضو مجلس إدارة مستشفى خالد الحسن للسرطان "منيب المصري" الجمعة الماضية أنهم ليسوا على علم "أين وصل مشروع المستشفى، وهذا السؤال يوجه للحكومة، وسألنا ولم يجبنا أحد."

وفي حديث لوكالة "فلسطين اليوم الإخبارية" قال النائب السابق في المجلس التشريعي حسن خريشة معلقاً على هذه المعطيات:" منذ سنوات ومع كل أزمة في التحويلات الطبية وعجز الحكومة عن تسديد ديونها، نتساءل عن مصير هذا المستشفى دون رد واضح".

وبحسب خريشة، فإن الحديث كان يتم عن إنشاء طوابق لعلاج السرطان في المستشفيات الخاصة، ولكن من جديد عدنا لنقطة البداية برفض هذه المستشفيات استقبال المرضى بعد تراكم ديون الحكومة.

وتابع:" نحن بحاجة لمستشفى عام وليس لطوابق في مستشفيات خاصة لا تحل المشكلة"، مشيراً إلى تغول القطاع الخاص على القطاع الصحي، وخاصة بعض المستفيدين و المقربين من المستوى السياسي.

وقال:"إن المواطن العام أصبح مرهوناً بهذا الحال، وكأن العلاج لمن يمتلك المال، ومن لا يمتلك المال عليه الانتظار على الدور لفترات طويلة."

كلمات دلالية