تركيا: الليرة تحافظ على مكاسبها مع بدء تطبيق برنامج حماية الودائع

الساعة 01:55 م|22 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم

حافظت الليرة التركية لليوم الثاني على التوالي على المكاسب التي حققتها عقب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن برنامج جديد لحماية الودائع والذي بدأ تطبيقه فعلياً، الأربعاء، مع إعلان وزارة الخزانة والمالية والبنك المركزي عن تفاصيل وآليات البرنامج الذي جاء في إطار خطة اقتصادية جديدة قال أردوغان، إنها حققت أهدافها، واعداً بتحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي والسياسي من خلال التأكيد على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المقرر في يونيو/حزيران عام 2023.

وعقب إعلان أردوغان، مساء الإثنين، عن برنامج حماية الودائع، بدأت الليرة التركية التي سجلت يومها أدنى مستوى تاريخي لها على الإطلاق عند 18.4 ليرة للدولار، بدأت بالتحسن بشكل سريع مرتفعة قرابة الـ33 في المئة. وعقب يومين من التذبذب، استقرت الأربعاء عن متوسط 12.5، وهو مؤشر مهم رأى فيه اقتصاديون إشارة إلى إمكانية استقرار سعر الصرف جزئياً خلال المرحلة المقبلة، عقب أسابيع من الصعود السريع والمتتالي بشكل يومي.

وكشفت وزارة الخزانة والمالية التركية عن طبيعة الأداة المالية التي أعلن عنها أردوغان، والتي تتيح للمودعين تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة التركية. وأوضحت الوزارة: “تم إطلاق آلية وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف والتي تضمن للمودع بالليرة عدم الوقوع ضحية للتقلبات في أسعار الصرف، والحصول على الفائدة المعلنة، يضاف إليها الفرق في سعر الدولار بين وقت الإيداع والسحب”.

وأضافت: “في نهاية تاريخ سحب الوديعة، إذا كانت أرباح المودعين في المصارف بالليرة أكبر من زيادة سعر الصرف فإنهم سيحافظون على أرباحهم، أما في حال كانت أرباح سعر الصرف أكبر، فعندئذ سيتم دفع الفرق للمواطن، مع إعفائه من الضرائب”.

وذكرت الوزارة أنه يمكن فتح حسابات الوديعة بآجال 3 و6 و9 و12 شهرا، وتطبيق الحد الأدنى لمعدل الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي التركي.

والأربعاء، بدأت البنوك التركية بإجراءات فتح حسابات الودائع بالليرة التركية بضمان سعر صرف الدولار، حيث أوضح البنك المركزي التركي أنه سيعلن يومياً الساعة 11 صباحاً بتوقيت إسطنبول سعر الصرف اليومي المعتمد للودائع. وأعلن الأربعاء أول سعر صرف بلغ 12.34، وسيحدد مستوى إقبال المواطنين على هذا العرض الحكومي مدى نجاح الحكومة من إعادة ثقة المواطنين لليرة التركية، كما أن مستوى الإقبال سيحدد مسار تعافي أو تراجع الليرة التركية للأيام والأسابيع المقبلة.

أردوغان وفي خطاب له أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الأربعاء، اعتبر أن الخطة الاقتصادية الجديدة لضبط أسعار صرف العملات بشكل يلائم الواقع الاقتصادي للبلاد “حققت هدفها”، معتبرا أن “تركيا أحبطت ألاعيب المضاربين على اقتصادها وسوف تخرج من هذه المعركة الاقتصادية منتصرة”. وأكد أردوغان أن “الحكومة عازمة على حماية مكتسبات المواطنين من ضغوط التضخم وتقلبات أسعار الصرف”، ووعد بأن “كافة المواطنين سيكونون رابحين في الخطة الاقتصادية الجديدة وليس فقط من لديهم ودائع في البنوك”.

وفي لقاء تلفزيوني موسع، شرح وزير المالية والخزانة، نور الدين نباتي، المزيد عن البرنامج الاقتصادي الجديد الذي يصر أردوغان على تطبيقه، معتبراً أن “ما حدث من تغيرات بعد الإعلان عذ ذلك النموذج الجديد، كان بمثابة عودة الأمور لنصابها الطبيعي، والتطورات التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية بشأن حملات أسعار الصرف، وما رافق ذلك من تعليقات وتحليلات، كانت في مجملها مناقشة لشيء غير طبيعي ولكن عدنا إلى طبيعتنا، وبفضل مواطنينا الحقيقيين، ومؤسساتنا، والإدارة العامة، وسياستنا، وبفضلكم، نحن بصدد دخول مرحلة جديدة سيستمر فيها كل شيء ضمن إطاره الطبيعي”.

وبينما وعد الوزير بأن “سعر الصرف سوف يستقر عند مكان جيد”، قال: “لا يمكن إيقاف تركيا، فنحن نعمل بجد وننفق وننتج للعالم. إنها بلد ديناميكي. لدينا عالم أعمال قوي. هذا النموذج الاقتصادي يجلب في طياته التنمية الموجهة نحو التصدير والنمو الرأسي”، مشيراً إلى أن “السياسة الأساسية لذلك النموذج، تتمثل في التحفيز على التصدير، ودعم البحث والتطوير، ودعم الاستثمارات المبتكرة الصديقة للبيئة. لدينا سياسات داعمة، وسياسات توظيف، وندعم العلوم الأساسية والتعليم المهني، والسياسات الضريبية والاجتماعية”.

وفي سياق ضخ التصريحات الرسمية التي تهدف لدعم الأجواء الإيجابية الأخيرة التي رافقت تحسن سعر صرف الليرة، أعرب وزير التجارة التركي محمد موش، عن اعتقاده بقرب تسجيل انخفاض في أسعار المواد الغذائية عقب انتعاش الليرة أمام العملات الأجنبية.

من جهته، قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى وارانك، إن الأولوية الأساسية لحكومة بلاده هي ضمان استقرار أسعار الصرف، وأضاف: “أولويتنا الأساسية ضمان استقرار أسعار الصرف والمنتجات وزيادة القدرة على التنبؤ الاقتصادي.. سنوفر مناخا اقتصاديا يسهل الوصول إلى التمويل لمن يرغب في الاستثمار”.

وبعدما وصلت الأزمة الاقتصادية في تركيا إلى ذروتها بفقدان الليرة قرابة 10 في المئة من قيمتها، يوم الاثنين فقط، وقرابة 60 في المئة من قيمتها في أسابيع، فاجأ أردوغان الأوساط الداخلية والخارجية بحزمة إجراءات نجحت في خلط الأوراق الاقتصادية مجدداً وساعدت الليرة على استعادة قرابة 30 في المئة من خسائرها بعدما باع المواطنون أكثر من مليار دولار خلال وقت قصير. 

وبينما نجح أردوغان عبر وعوده الجديدة التي هدفت إلى تهدئة مخاوف المواطنين واستعادة ولو جزء من ثقتهم بإدارته الاقتصادية والليرة التركية، طرح اقتصاديون تساؤلات كبيرة حول مدى استمرار هذه الثقة على المديين القريب والمتوسط وإلى أي مدى يمكن اعتبار الخطوات الاقتصادية الأخيرة حلولاً متينة تدعم الاقتصاد التركي على المدى البعيد أم أنها مجرد “مناورة” هدفت إلى توجيه صفعة للمضاربين بأسعار الصرف ومجرد تأجيل للأزمة التي قد تكون نتائجها أكبر على المدى البعيد.

كلمات دلالية