الشهيد «الدحدوح» صاحب الابتسامة الجميلة والعزيمة التي لا تلين

الساعة 03:58 م|19 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم

في باطن الأرض وعلى سطحها يُذرفُ العرق، طريق طويلة خطت بدماء الشهداء، فلا يدخر المجاهدون وقتًا ولا جهدًا إلا ويستثمرونه في خدمة قضيتهم المقدسة.

الإعداد والتجهيز ميدان يخرج منه المجاهدون أقوياء في إيمانهم أشداء في أجسادهم، ومنه ارتقى الشهداء، وتلا بعضهم بعضاً، وودع الخليل خليله، لكن ذلك يهون ويفنى، حينما يتعلق بقضية مركز الصراع ومحور الكون وتحررها من ظلم ودنس الغاصبين المحتلين.

تحرير فلسطين  تراب فلسطين كاملاً من بحرها إلى نهرها، هذا ما أعدَّ الشهيد المجاهد ضياء كمال الدحدوح، نفسه إليه غير آبهٍ بالجراح والأشواك؛ فداءً للأمة ونصرةً لدين الله، ولكن المنية وافته قبل تحقيق حلمه بالتحرير.

ميلاد الفارس

في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر عام ألف وتسعمائة وثلاث وتسعين، تنسم شهيدنا المجاهد ضياء الدحدوح نسيم قطاع غزة العليل.

عاش وترعرع بين أحضان عائلة ملتزمة بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وفي محاريب المساجد صقلت شخصيته الإسلامية، وضمن صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لمع نجمه وسطع.

تلقّى شهيدنا تعليمه في مدارس منطقة تل الهوا والصبرة، وكان نِعمَ الطالب المتفوق والمحبوب من أساتذته وزملائه، وأكمل مشواره التعليمي وصولاً للمرحلة الجامعية وتخصص الإعلام.

تزوّج شهيدنا المجاهد الدحدوح بزوجة صابرة محتسبة، وكانت ثمرة زواجهم أن رزقهم الله بأربعة أطفال، أنشأهم على حب الدين والأخلاق الحميدة، ومعاملة الآخرين معاملة حسن.

الإنسان الملتزم

وكان شهيدنا ضياء نموذجاً يُحتذى به في طيبِ الأخلاقِ، حيث كان بارًا بوالديه مطيعًا لهما، ويشاركهم أدق تفاصيل حياته، محافظًا على صلاته وعباداته، ويسعى بشكل حثيث إلى تقديم المساعدة والعون للمحتاجين والأسر المتعففة.

أما عن علاقته مع إخوته، فكانت حبلاً متيناً ملؤها الحب والود والاحترام، حنوناً عليهم، محباً لهم، يرسم الابتسامة على وجوههم، وكان يردد دائماً: "لا مكان للحزن في بيتنا".

وتمييز شهيدنا ضياء بابتسامته الجميلة التي لم تفارق وجهه، وعلاقاته الطبية مع أهله وجيرانه، وكان محافظًا على صلة الرحم، ومدِّ خيوط الود بين أهله وعائلته ومَن حوله من جيران وأصدقاء.

قلبه معلق بالمساجد

تربّى شهيدنا الدحدوح في بيوت الله على موائد القرآن الكريم، فكان منذ صغره يرتاد المساجد وحلقات الذِكر ومراكز التحفيظ؛ فتعاق قلبه بالمساجد، ويحرص على إقامة الصلوات الخمسة في المسجد وخاصة صلاة الفجر في الصف الأول، حتى أصبح أحد أعمدة مسجد القدس الذي كان يشرف فيه على مركز التحفيظ.

كما كان يحث الجميع على الالتزام في بيوت الله، والحفاظ على الصلوات، وحضور مجالس الذكر، وحفظ القرآن الكريم  والتسامح  والعفو عند المقدرة، وكظم الغيظ، وغيرها من الأخلاق الحسنة.

في صفوف الجهاد والمقاومة

تعلق قلب شهيدنا المجاهد ضياء الدحدوح منذ صغره بحب الجهاد والمقاومة والمجاهدين، وكان دائماً ينظر ويشاهد بطولات المجاهدين وعملياتهم ضد العدو الصهيوني، وأُعجب بفكر ونهج حركة الجهاد الإسلامي فانتمى إليها.

وشارك شهيدنا في الفعاليات والنشاطات التي تُنظمها حركة الجهاد الإسلامي، وكان عنصراً فاعلاً في منطقته، مثالاً للالتزام والانضباط، ونموذجاً للشاب المسلم صاحب الأخلاق الحميدة والهمة العالية.

تأثر شهيدنا كثيرًا بإخوانه الشهداء، ولم يَرق له أن يكون في صفوف القاعدين المتخلفين عن الجهاد، فألح على إخوانه في قيادة المنطقة للالتحاق في صفوف سرايا القدس, وبعد إصرارٍ كبيرٍ كان له ما تمنى وأصبح جنديًا مقدامًا في صفوف السرايا.

والتحق الشهيد ضياء بالعديد من الدورات العسكرية، فكان مجاهداً صاحب عقيدة صلبة وقدرات قتالية عالية، وشارك مع إخوانه المجاهدين في الرباط على ثغور مدينة غزة، ونفذ العديد من المهام الجهادية.

المجاهد الكتوم

كان شهيدنا الفارس ضياء يتمتع بسرية عالية جداً، فكان يخفي طبيعة عمله عن الجميع، وتقول والدته: "كان ضياء كتوماً لأبعد حدود، لا يتحدث عن عمله لأي شخص، فعلى الرغم من أنه كان لا يخفى عليَّ شيئاً؛ إلا أن كل ما كنا نعرف عنه أنه في صفوف الجهاد الإسلامي؛ دون  معرفة طبيعة عمله".

رحيل الفارس

أصيب المجاهد ضياء الدحدوح، إثر انفجارٍ عرضي بتاريخ 6-5-2020م دخل على إثره في غيبوبة طويلة استمرت لمدة عام ونصف، لترتقي روحه وتعانق مع أرواح إخوانه الشهداء في علياء المجد والخلود بتاريخ 2-12-2021م، تاركًا خلفه مسيرةً جهاديةً مشرفةً وسيرةً عطرةً وحافلةً بالتضحيات.

كلمات دلالية