أكد محلل سياسي وأخر خبيرٌ أمني أن عملية اطلاق النار التي وقعت أمس في نابلس وما نتج عنها من مقتل مستوطن واصابة اثنين بجراح مختلفة بمثابة العملية البطولية النوعية لأنها استهدفت أساس الاستيطان الإسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضحا في تصريحات لـ"فلسطين اليوم" أن عملية اطلاق النار تُشير إلى وجود تطور وتصاعد نوعي في أداء المقاومة التي يخشى الاحتلال الإسرائيلي استمرارها ضد الاستيطان والمستوطنين في الاراضي المحتلة.
الخبير الأمني د. رامي أبو زبيدة اكد لـ"فلسطين اليوم" أن عملية نابلس وعملية الشهيد فادي أبو شخيدم دليل على تطور أداء المقاومة في التصدي للمستوطنين والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة ضد الفلسطينيين الأمنين في منازلهم وأراضيهم المحتلة.
وقال: "الاحتلال الإسرائيلي يخشى المقاومة بشكل كبير للتأثير على المشروع الاستيطاني"، مؤكدًا أن غياب المقاومة في ظل اعتداءات وجرائم المستوطنين يزيد من تنامي المشروع الاستيطاني.
وأضاف: "المقاومة بأنواعها المختلفة لا سيما المسلحة منها تأتي لردع المستوطنين من ارتكاب الجرائم والاعتداءات فهي تكبح جماح المستوطنين وتقلل من اعتداءاتهم واستفزازاتهم ضد المواطنين الآمنين.
وشدد على أن وجود الفعل المقاومة يُسبب ازمة لدى المستوطن الإسرائيلي ويُشعره بالخوف والقلق والعجز ما يدفعه لعدم الخروج من المستوطنة الا تحت حماية الجيش.
وحول السيناريو المتوقع أشار الخبير الأمني إلى أن قوات الاحتلال ستواصل نشر أجهزتها الأمنية والاستخبارية في كل مناطق الضفة الغربية لا سيما في نابلس والتضييق على الفلسطينيين حتى الوصول إلى طرف خيط عن منفذي العملية البطولية.
وأكد أبو زبيدة أن جرائم الاحتلال وعمليات الانتشار السريع وتضييق الخناق ضد الفلسطينيين لن ولم يوقف عمليات المقاومة البطولية ضد المستوطنين والجنود الإسرائيليين، لافتًا إلى أن استمرار العمليات تزيد المقاومين خبرة ودراية أكبر لتلاشي الأخطاء والعمل على تعزيز الايجابيات.
من جهته أكد المحلل السياسي حسن عبدو أن عملية نابلس البطولية شكلت ضربة قوية وصاعقة لجيل إعادة بناء مستوطنة (حومش) وللأيديولوجيا التي يحملونها، ورفضًا للتمركز في قلب مثلّث "طولكرم جنين ونابلس".
وأشار عبدو إلى أن مستوطنة (حومش) تم إخلاؤها من المستوطنين عام 2005 على يد رئيس وزراء الاحتلال آنذاك آرئيل شارون بسبب كثرة العمليات البطولية التي وقعت في هذه المستوطنة المقامة على أراضي الفلسطينيين والتي تفصل بين ثلاث كتل سكانية عالية الكثافة وهي طولكرم ونابلس وجنين مما جعلها نقطة اشتباك دائمة وفاقدة للأمن.
وأوضح عبدو إلى أن الإسرائيليون أعادوا المستوطنين للمستوطنة عام 2009 وأقاموا فيها مدرسة دينية توراتية (كنيس) أو مسمار جحا، بهدف إعادة بناء المستوطنة من جديد في منطقة حاكمة تجبر الفلسطيني للتواصل عبر طرق التفافية طويلة وشاقة، ومنذ ذلك الوقت منع الفلسطيني من الدخول للعمل في أرضه التي تقع في المحيطة المدرسة الدينية المزعومة.
وأشار إلى أن عملية أمس بطولية ونوعية لأنها طالت طلاب هذه المدرسة الدينية التي يعتدي طلابها يوميا على أهلنا في الضفة الغربية، مبينًا أن المدرسة تعلم المستوطنين بأن الفلسطيني والعربي هم قوائم "للشيطان".
ولفت إلى أن العملية تأتي في الاتجاه الصحيح لأنها تتمتع بوعي ضروري ومهم، جوهره اننا تعلمنا خطأ منذ عقود أننا نتجه لضرب الجيش وليس المستوطنين، ورأينا كيف تكون ردة فعل الجيش الصهيوني أكبر على العمليات التي تطال المستوطنين، لتثبيت هذه القناعة الخاطئة لدينا.
وقال عبدو: "آن الاوان كي ندرك أن الاستيطان هو النفي المنظم والمطلق لوجودنا، وهو بمثابة إعدام سياسي لشعب عاش آلاف السنيين على ارضه، هو يعني الترحيل والشتات، هو يعني ان يصبح الفلسطينيين يهود التاريخ، والاستيطان هو المكافئ السلبي لوجودنا على ارضنا وهو يقع في المشروع الصهيوني بمكانة سن البلدوزر الذي يجب كسره أولاً، عندها فقط تتوقف فعالية البلدوزر وديناميكيته وبالتالي قيمته".
وأوضح عبدو سبب دعوته للتركيز في الفعل المقاوم ضد الاستيطان والمستوطنين، مشيرًا إلى أن ضرب الاستيطان "يخلق بيئة غير مواتية للتمدد الاستيطاني كما أنه الهدف الاسهل لنا والصعب عليهم، ولأنه الطريق الاقرب لتحقيق النصر وتفكيك المشروع الاستيطاني في الضفة والقدس اضافة إلى أن يعطي نضالنا وجهادنا معناً سياسياً وجغرافياً".