إنهم فتية آمنوا بربهم

الساعة 12:56 م|09 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم | خالد صادق

خالد صادق

فتية وفتيات لم تتجاوز أعمارهم الستة عشر ربيعا, يشرعون بتنفيذ عمليات طعن ضد قطعان المستوطنين الصهاينة, هؤلاء الفتية والفتيات نشأوا وترعرعوا في ظل التسوية المزعومة, ومسار السلام الهزيل, والتطبيع العربي الصهيوني المخزي, وقد ظن الاحتلال الصهيوني ان هذه النوائب ستؤثر على طبيعة انتماء الفلسطينيين لفلسطينهم, وتقبلهم للاحتلال, وتساوقهم مع مسار التسوية الهزيل, وتقبلهم للتعايش المشترك الذي يتوهم به البعض, لكنهم اخطؤوا التقدير, ولم يحسنوا قراءة العقلية الفلسطينية الثائرة والمتمردة على الواقع الواهن والمخزي الذي يحيط بهم, فلم ينفع التطبيع والتنسيق الأمني ووهم السلام في اقناع الفلسطينيين بالركون لهذا المسار الفاشل , فقبل أيام قليلة فقط, خرج اليهم الفتى محمد نضال موسى الذي لم يبلغ بعد الستة عشر عاما, وقبله الفتى إبراهيم أبو عصب ابن الستة عشر عاما, وقد أرادا ان يكملا ذاك المسار الذي سار فيه الشهيد مهند الحلبي والشهيد الفتى معتز أحمد عويسات 16, والفتى حسن مناصرة 15 عامًا وغيرهم من الشهداء الاطهار, واليوم بات الاحتلال يلاحق فتاة مقدسية لم تبلغ الخمسة عشر ربيعا بعد, ويقوم باعتقالها من مدرستها في القدس بحجة تنفيذ عملية طعن نفذتها الفتاة واصابت خلالها مستوطنة صهيونية بجراح بالغة حسب مزاعم الاحتلال الصهيوني, لكنهم فتية امنوا بربهم, وامنوا بعدالة قضيتهم, وامنوا بصوابية مسارهم الجهادي ضد الاحتلال الصهيوني, وامنوا بحتمية النصر على "إسرائيل" فغلبوا الواجب على الإمكان, ومضوا بمسارهم النضالي ضد الاحتلال دون ان يعيقهم عائق او تمنعهم حواجز الاحتلال, او ترصدهم كاميرات المراقبة وعيون العملاء.

 

الاحتلال الصهيوني الذي اشارت تقديراته الأمنية والعسكرية ان القدس دخلت في مرحلة العمليات الفدائية بشكل مكثف في اعقاب عملية الشهيد البطل والمربي الفاضل فادي أبو شخيدم, مارس كل اشكال القمع لوقف العمليات, لكن الفعل يأتي دائما من حيث لا يحتسب الاحتلال واجهزته المختلفة, لقد اعلنوا الاستنفار في القدس, واقاموا الحواجز العسكرية بكثافة داخل المدينة وفي محيطها, واعلنوا نشر وحدات خاصة في الأماكن العامة, ونشروا كاميرات المراقبة في كل مكان, حتى أصبحت كل بقعة في القدس المحتلة مرصودة بكاميرا مراقبة, ورغم ذلك يأتي المقاوم بسلاحة من البلدة القديمة, ومن حي الشيخ جراح, ومن شعفاط ومن حي سلوان ليصدح بالتكبير ويلبي نداء الواجب بسلاحه الذي يملكه, فالمقاومة المسلحة أصبحت ثقافة شعب لا ينخدع بالسلام ولا بالمفاوضات ولا بالتسويات الهزيلة, ولا ينتظر تهدئة, ولا يستجدي من الاحتلال حقا من حقوقه المغتصبة, انما ينتزعها انتزاعا, فقد خبر كيف يقاوم الاحتلال, وكيف ينتزع حقوقه منه, فسلك المسار الاصوب لاسترداد حقوقه, حمل الفلسطيني الحجر والسكين والرشاش والصاروخ, والطائرة المسيرة, وناضل ضد الاحتلال دون ان يتنازل عن شبر من ارض فلسطين, ودون ان يفرط في ثوابته,  ودون ان يؤثر فيه ذاك التخاذل الرسمي العربي عن نصرة القضية الفلسطينية والوقوف الى جانب حقوق الشعب الفلسطيني, فعندما تمتلك الإرادة وتؤمن بعدالة قضيتك وتتسلح بعقيدتك والواجب الملقى على عاتقك, ساعتها لن يقدر احد على ثنيك عن مسارك الثوري او التراجع عنه قيد انملة, وستبقى تمتلك قرارك بيدك بعيدا عن اية وصاية او حسابات دنيوية.

 

الاحتلال الصهيوني لا زال يعيش حالة الهوس والارتباك مما يحدث في القدس, وتقديراته لا زالت عالية في تنفيذ المزيد من عمليات الطعن داخل المدينة, وهذا الامر مرده يرجع الى ممارسات الاحتلال الاستفزازية داخل المدينة المقدسة والتي تتزايد ولن تتوقف, فالاحتلال لا يريد ان يضع حدا لتغول المستوطنين الصهاينة ضد المقدسيين في حي تل الهوى وحي سلوان, والاحتلال يكثف من عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى المبارك, ويسمح بأداء الصلوات التلمودية "الصامتة" داخلة وممارسة الطقوس "الدينية", والاحتلال يجبر المدارس الدينية على تنظيم عمليات اقتحام مستمرة للمسجد الأقصى المبارك بحماية الجيش والشرطة الصهيونية, والاحتلال يجبر المقدسيين على هدم بيوتهم بحجج واهية, وهذه السياسات الصهيونية العنترية تكبر وتتصاعد ولا يمكن للمواطن الفلسطيني ان يقبل بها لان "القدس خط احمر" فانتفاضات الفلسطينية اندلعت لأجل القدس, والحرب على المقاومة في قطاع غزة أعلنت من اجل القدس بعد ان وصلت صواريخ المقاومة الى تل ابيب وما بعد تل ابيب, والحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة منذ نحو خمسة عشر عاما او يزيد جاء لوقوف المقاومة واشتباكها مع الاحتلال الصهيوني من اجل القدس, وان ظن الاحتلال انه قادر على تحييد القدس وابعادها عن الصراع مع الفلسطينيين واحكام السيطرة عليها فهو واهم, حتى وان تماهت الإدارة الامريكية المجرمة مع سياساته وقبلت بها, حتى وان ايدت بعض الدول العربية او صمتت على تصرفات الاحتلال في القدس, فان هذا لا يعني ان القدس أصبحت خالصة له, لأنها رمز قضيتنا, وعنوان نصرنا, وبشارة الله لعباده المؤمنين بالنصر والتمكين.

كلمات دلالية