بالصور الثمانيني محمد الأسطل: بريشته الفنية أحيا التراث القديم

الساعة 12:37 م|08 ديسمبر 2021

فلسطين اليوم

غزة/ أمل خالد الوادية:

في كل لوحة من لوحاته الفنية، تجد نفسك تستحضر عبق الماضي القديم، وتعيش بين ثنايا التراث الفلسطيني، الذي أحياه في ذاكرتك بريشته، وألوانه الفنية الجميلة، فبينما تجوب بين أرجاء بيته الذي حوَلَه لمعرض فني، تخطف ناظريك اللوحات التي سطَر فيها المناظر الطبيعية الخلابة، وكأنك تعيش داخلها، حيث خزَن في ذاكرته حياة الشعب الفلسطيني قديماً، وجسَدها بلمساته وكأنها تحفة فنية.

الفنان التشكيلي محمد حسين الأسطل من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة، في إحدى لوحاته تجلس تلك السيدة العجوز التي تلف على رأسها طرحة بيضاء وثوب أسود، يُذكرنا بالجدات القُدامى أمام فرن من الطينة القديمة، تنبعث من جانبه لهيب النيران المشتعلة بأعواد الحطب، وتمسك بيدها عود حديدي تُخرج أرغفة الخبز الساخنة، وتضعه بقشة مطرزة بألوان زهية، وبجانبها لوح خشبي عليه الخبز المعجون بيديها بنكهة تراثية.

الفنان محمد الأسطل (1).jpeg
 

رحلة الفن

هكذا يحاكى الفنان الأسطل التراث القديم والواقع الفلسطيني الأليم، إذ جال بريشته وكاميرته بلاد العالم خلال رحلاته الطويلة التي بدأت من مسقط راسه بخان يونس في مدينة غزة، لتشمل دولاً إسلامية وعربية، لا سيما وأنه درس كلية الفنون الجميلة في جمهورية مصر العربية، حتى حطت به رحلته بمدينة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول الأسطل لمراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية: "بدأت رحلتي الفنية منذ الصغر حيث ولدت عام 1938وكانت موهبة الرسم تنبع من داخلي، حتى التحقت بدراسة الفنون في جامعة القاهرة عام 1956، وقمت بافتتاح مرسماً في خان يونس حتى عام 1967، لأنتقل بعدها للكويت وأعمل بها كرسام ومصور، وافتتحت فيها معرضاً للوحاتي الفنية، لتستقر رحالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أقمت عدة معارض فنية خاصة بي."

الفنان محمد الأسطل (9).jpeg
 

نجاح عالمي

لقد جالت أعمال الأسطل الفنية أنحاء العالم، ونالت اعجاباً عربياً ودولياً، حتى شارك بالعديد من المسابقات على صعيد الدول العربية والعالمية، وحاز على العديد من الجوائز، وبالمرتبة الأولى دائماً، مسطَراً نجاحاً كبيراً في حياته الفنية.

يكمل الفنان التشكيلي حديثه: "لقد شاركت بالعديد من المسابقات وكلها حصلت بها على الجائزة الأولى، كانت أولها في معرض لكبار الفنانين الفلسطينيين الذي أُقيم بغزة، ثم شاركت بالمعرض الفني للتراث بدمشق، كذلك حصلت على الجائزة الأولى بمعرض الفنون في الكويت وبيروت، ناهيك عن تصدر لوحاتي الفنية في عدد من الدول، ومنها: البيت الأبيض في واشنطن، والدنمارك، وقمت برسم 50 جدارية في ولاية ميشيغان، و400 لوحة فنية للتراث الفلسطيني."

الفنان محمد الأسطل (6).jpeg
 

التراث العربي

بالألوان الزيتية واكرُيلك رسم الأسطل التراث العربي ليس فقط الفلسطيني، بل شمل التراث الكويتي، والعراقي، واليمني، والمصري، وجسَد بريشته المناظر الطبيعية، والحيوانات، مؤكداً أن مشاعره لها أثراً كبيراً بلوحاته الفنية.

يتابع حديثه: " أتناول ألواني الخاصة لأرسم ما خزنت بذاكرتي بعد الساعة الواحدة ليلاً، لأنه وقتٌ يكون الجميع فيه نائم، وأستمتع بالرسم حتى وقت طلوع الفجر، أما بالنهار فأقوم بوضع إضافات خفيفة على ما رسمت، حيث تستغرق اللوحة معي بألوان الكرُيلك 15 يوم، أما بالألوان الزيتية تتجاوز الشهرين لأنها بصعوبة كبيرة تجف."

ويضيف: "إن مشاعري لها الأثر الأكبر في رسوماتي لأنها تعبر عن تاريخنا القديم، وسجلت تاريخ حياة الفلسطيني من 100عام، ومن خلالها تركت ارثاً فنياً كبيراً للأجيال القادمة، منوهاً أنه أضفى لمسة فنية عربية شاملة لتراث وعادات وتقاليد الدول العربية."

الفنان محمد الأسطل (3).jpeg
 

شعب يستحق الحياة

بعد أن انتهى من رسم كل ما خزنته ذاكرته طوال تلك السنوات، جاء الوقت ليعرض بشكل دائم كل رسوماته في بيته بمدينة خان يونس ويحقق أمنيته، يقول: "الحمد لله الذي قدرني لأُحيي بشكل حقيقي الزمن الجميل لحياة الفلسطيني لأنني عشت كافة تفاصيله، وأبرزت للعالم أننا شعب يستحق الحياة."

الفنان محمد الأسطل (9).jpeg
الفنان محمد الأسطل (7).jpeg
الفنان محمد الأسطل (5).jpeg
الفنان محمد الأسطل (4).jpeg
 

كلمات دلالية