بقلم/ د. أسعد أبو شريعة
الأمين العام لحركة المجاهدين الفلسطينية.
انطلقت شرارة الانتفاضة الأولى في ٨/١٢/١٩٨٧م والتي كانت الحجارة ايقونتها ووسيلة جماهير شعبنا للتعبير عن رفضهم ومقاومتهم للمحتل وسياساته الاجرامية.
جاءت هذا الانتفاضة لتعطي دليلاً ان ارادة شعبنا لا تعيقها حدود ولا تمنعها سدود وانه صاحب مبادرة باقل الممكن الموجود ، حيث استمرت الانتفاضة سبع سنين وصولا لعام ١٩٩٤م، وتميزت بلحمة الجماهير الفلسطينية والتسابق في العطاء والتضحية والمبادرة،
وقد حاول المحتل وعلى مدى عقود حتى قبل انطلاق الانتفاضة وأد فكر التحرر والخلاص ولكنه اخفق في ذلك كثيرا وفي محطات عديدة، فكانت انتفاضة شعبنا بمثابة صدمة أمنية وسياسية للكيان الصهيوني حيث أربكت حساباته لدرجة ان (اسحاق رابين) قال: "انه لا يستطيع أحد انهاء الانتفاضة الا بمعجزة على حد تعبيره"، وامام فشله في إنهائها وعدم استطاعته الصبر أمام مقاومة شعبنا الرافض لوجود الاحتلال على أرضنا والرافض لقبول الخنوع.
وامام الظروف الاقليمية والدولية المضطربة في اوائل التسعينات وتشديد الحصار السياسي والمالي على المنظمة،
قام العدو بِالْتِفَاف سياسي عليها عبر إدخال فريق فلسطيني ليعترف بالكيان الصهيوني مقابل وعود السلام الزائفة هادفاً التخلص من صُداع المقاومة وتقزيم الدولة الفلسطينية بما عُرف باتفاق غزة أريحا أولا.
وخلال هذه الانتفاضة كان هناك مراحل تطور نُلقي لمحة سريعة على أهم نقاط التطور وعلي دروس وعبر من تجربة الانتفاضة الأولى:
الأول/ تطور ثقافي:
فقد عمل المحتل منذ عام ١٩٦٧م بخطط عديدة خبيثة لتعايش المجتمع العربي معه وقبوله كأمر طبيعي وسطهم وجاهد لإحباط المجتمع العربي من جدوى المقاومة ومقارعة الاحتلال ورفض الكيان، إلا أن انتفاضة الحجارة سرعان ما أحييت الإيمان في قلوب الناس وحب مواجهة اليهود المعتدين الملعونين لتتحطم آمال الصهاينة مع أول الحجارة وتشتعل خططهم مع أول شرارة، ومن علامات التغير الثقافي الواسع الانخراط الجماهيري العام في المقاومة الشعبية ضد المحتل وعدم قبول الامتيازات على حساب الكرامة والحرية.
الثاني/ تطور أمني:
فأول مرة تعمل المقاومة الفلسطينية بطرق أمنية مبتكرة ضد المحتل رغم أنهم يعيشون تحت الاحتلال، ومن مظاهر النجاح الأمني
_وجود عدد كبير يقاومون المحتل وهم بين حالتين منهم السري الذي نجح بالعمل بكتمان ولم يُعرف والآخر الذي عَرفه المحتل فأصبح يُطارده وهذا ما تم تسميته في ذاك الزمن (بالمطاردين) ولما لهم من شعبية واعتبارهم مثال أعلى في النضال والتضحية.
_نجاح عمليات المقاومة في قتل اليهود، وضرب مخططاتهم التهويدية وضرب الاستقرار.
الثالث/ تطور عسكري
بدأت الانتفاضة بالحجر والسكين والقنابل الحارقة البسيطة، ولكنها كانت تتصاعد فتأخذ أشكال أخرى أكثر تأقلم مع الظروف وأكثر تطور وإيلام للعدو مشيرة ومعبرة إلى استمرارها لتحقيق أهدافها، وسرعان ما دخل العمل العسكري المسلح إلى إدارة المعركة خصوصا بعد عام ١٩٩٠م، حينها أصبح حياة المحتل جحيم لا تطاق ولربما تميز قطاع غزة بمقاومة شرسة قوية حتى لا يكاد يوم يمر دون قتل أو إصابة في جنود الاحتلال.
الرابع: دروس وعبر من الانتفاضة الأولى:
١. شعبنا مهما تآمر عليه الأعداء يصعب تجدينه فهو حر بطبعه يرنو إلى الحرية يُضَحِّي من أجل أرضه ومقدساته يؤمن بقضيته وواعي بالمخاطر.
٢. المقاومة الشعبية بيئة ناجعة لتوعية الجماهير وتربة خصبة متينة للمقاومة المسلحة.
٣. نجاعة المقاومة المسلحة التي توقع الخسائر البشرية والمادية فيه كخيار لطرد العدو من أرضنا، فهذا العدو لا يتحمل الخسائر البشرية ولا المادية ولا حرب الاستنزاف الطويلة.
٤. أهمية لحمة الجماهير في متانة الجبهة الداخلية وصلابتها أمام المؤامرات.
٥. الحذر من اِلتفاف العدو السياسي على نجاحات المقاومة فالعدو الصهيوني غادر بطبعة ناكث بالعهود والوعود.
٧. العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة ولا يردعه إلا السيف.