الحيتان الضخمة تأكل 500 مرة في اليوم.. فماذا عن برازها؟

الساعة 09:41 م|29 نوفمبر 2021

فلسطين اليوم

يبدو أن الحيتان، وهي المخلوقات الأضخم التي عرفها البشر، تزدرد من الطعام كميات أضخم بكثير مما كان يعتقد العلماء، وذلك بحسب ما كشفت عنه دراسة حديثة تتبعت أنماط أكل الحيتان وأثرها على عمليات إعادة تدوير المغذيات في المحيط.

فالحيتان البالينية، ومنها الحوت الأزرق، والحوت الزعنفي، وحوت المينك، والحوت الأحدب (جمل البحر)، تلتهم ما يفوق المعدّل المقدّر سابقًا بحوالي ثلاثة أضعاف، وذلك بحسب دراسة نشرت في مجلة "Nature" الشهيرة. فالحوت الأزرق الذي يقطن المحيط الهادي الشمالي، قد يأكل ما يقارب 10 إلى 20 طنًا من الطعام يوميًا.

هذه الكمية المهولة من الطعام، عند حسابها بالسعرات الحرارية، فإنها تعادل ما بين 20 إلى 50 مليون سعرة حرارية، بحسب ماثيو سافوكا، وهو باحث في جامعة ستانفورد، ومؤلف مشارك في الدراسة الجديدة. ولتقريب ما يعنيه هذا الرقم، فإننا نتحدث عن حوالي 70 إلى 80 ألف وجبة "بيغ ماك"، من ماكدونالدز. فالحوت يأكل في يوم واحد ما نأكله نحن في عدة عقود.

وقد تزايد الاهتمام بتحديد القدر الذي تلتهمه الحيتان في المحيطات في السنوات الماضية، وذلك لرغبة العلماء في معرفة مقدار ما يمكن لهذه الحيتان من سحبه من الملوثات مع الطعام الذي تأكله. وقد تفاجأ الباحثون في الدراسة الجديدة، بأن الأرقام المتوافرة عن مقادير استهلاك الحيتان من الطعام لم تكن مبنيّة على تتبع نمط أكل الحيتان، وإنما تم تقديرها بناء على قياس احتياجاتها من السعرات الحرارية بالاعتماد على ما تحتاجه الحيوانات الأصغر في الطبيعة. كما أن بعض الأرقام كانت مستقاة من النظر إلى محتوى أحشاء الحوت عند اصطياده، وهي وسائل لا يمكن أن تكون قادرة على تقديم تقريب معقول لحجم ما تأكله هذه الحيتان من الطعام يوميًا.

وفي محاولة للتوصل إلى تقدير أكثر دقّة، اعتمد العلماء في هذه الدراسة على أجهزة تعقّب معلقة على ظهر 300 حوت، تسجّل حركة الحيتان وتوجهها إلى أسراب الأسماك الصغيرة، حيث تستطيع هذه الأجهزة تقدير حجم كلّ سرب، ومقدار ما يلتهمه الحوت في كل مرة يقابل بها تلك الأسراب من الأسماك، وهو ما قد تفعله مئات المرات في اليوم. فالحيتان الزرق تأكل 200 وجبة مثل هذه في اليوم، أما السنامية فتأكل 500 وجبة يوميًا.

من الطبيعي بعد كل هذه الكميات الضخمة من الطعام أن يأتي دور الإخراج. وقد اكتشف العلماء مؤخرًا فقط أن براز الحيتان يشتمل على كميات ضخمة من الحديد، وهو عنصر بالغ الأهمية لدورة الحياة في المحيطات. فالبراز الذي تخرجه الحيتان يصعد على سطح المحيطات على شكل مغذيات تعزز من نموّ العوالق النباتية (phytoplankton)، والتي تمثل عنصرًا غذائيًا للكريليات، التي تتغذى عليها لاحقًا الحيتان.

هذا النظام الطبيعي المذهل شهد خللًا كبيرًا في القرنين الماضيين بسبب الصيد الجائر للحيتان، وهو ما أدى إلى تناقص كبير جدًا في عنصر الحديد في المحيطات الذي تفرزه الحيتان والأسماك الكبيرة في المحيطات عبر برازها. فالعلماء يقدرون أن الحيتان البالينية كانت تطرح 12،000 طن متري من الحديد سنويًا قبل انتشار أنشطة صيدها، أما حاليًا فقد هبط هذا الرقم إلى 1،200 طن متري سنويًا، وهي أرقام تؤكّد تقديرات نشرت عام 2016 بشأن تراجع عمليات تدوير الحديد في المحيطات بواقع عشرة أضعاف بين عامي 1900 و2008. 

كلمات دلالية